تقنية

حراك إماراتي لإنهاء حرب السودان.. مؤتمر دولي ونداء سلام وجسور إنسانية


تدخل حرب السودان عامها الثالث، الثلاثاء، في وقت تسارع فيه دولة الإمارات الخطى على أكثر من مسار دبلوماسي وسياسي وإنساني لتحقيق السلام.

على الصعيد الدولي، تشارك دولة الإمارات، التي تعد مانحًا إنسانيًا رئيسيًا لشمال أفريقيا، في مؤتمر دولي بلندن يُعقد، اليوم الثلاثاء، لمناقشة الأزمة الإنسانية في السودان.

على الصعيد السياسي، أطلقت الإمارات نداءً عاجلًا من أجل السلام، رسمت فيه ملامح خارطة طريق شاملة لإنهاء الحرب، التي طوت عامها الثاني، مخلفة أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في أسوأ أزمة إنسانية وأكبر أزمة نزوح في العالم.

على الصعيد الإنساني، تتواصل جسور الإمارات الإغاثية لدعم السودان، التي وصلت إلى أكثر من 600.4 مليون دولار منذ اندلاع الأزمة قبل عامين، ضمن مساعدات بلغت أكثر من 3.5 مليار دولار خلال السنوات العشر الأخيرة.

جهود تتواصل على مختلف الأصعدة، بوصلتها الإنسانية وهدفها الحفاظ على السودان وأهله، وإعادة الاستقرار والأمن والسلام للسودان، غير عابئة بالمحاولات العبثية لقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وزمرته لمحاولة تعطيل دبلوماسيتها الإنسانية عبر محاولات إشغالها في معارك جانبية، عبر ترديد أكاذيب واتهامات زائفة بزعم دعم أحد أطراف النزاع، وصلت إلى حد تقديم شكوى ضدها في محكمة العدل الدولية من قبل حكومة الجيش السوداني دون تقديم أية أدلة أو براهين تثبت اتهاماتها وادعاءاتها.

وفي مثل هذا اليوم قبل عامين، اندلع القتال في 15 أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبدالفتّاح البرهان وقوات «الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو.

تزامن اندلاع الحرب مع تحركات سياسية وتنظيمية قادتها أطراف محسوبة على تنظيم «الإخوان» في السودان، حاولت توظيف الانقسامات لإعادة التموقع داخل الدولة، بعد الإطاحة بنظام عمر البشير.

وبحسب مصادر سودانية، فإن بصمات هذا التنظيم كانت حاضرة في إذكاء الخلافات وتخريب مسارات الانتقال الديمقراطي، مما مهّد لانفجار الصراع.

ومع تواصل جهود الإمارات لوقف التصعيد وإنهاء الأزمة عبر الحوار والطرق السلمية، حاولت عناصر «الإخوان» – عبر تحريك عناصرها داخل المؤسسة العسكرية – تشويه صورة الإمارات والإضرار بسياستها الخارجية ودبلوماسيتها النشطة ودورها الإقليمي، في إطار موقفها المعادي من الإمارات منذ أن صنفت التنظيم جماعة إرهابية، وفي إطار سعيها لاستمرار الحرب ورفض أي جهود دولية أو إقليمية لاستئناف عملية التفاوض، والتي ستقود حتمًا إلى عملية سياسية تستبعد «الإخوان» من مستقبل البلاد وتحاكمهم على جرائمهم السابقة.

حراك دولي

وضمن أحدث جهودها لإنهاء الأزمة، تشارك دولة الإمارات، التي تعد مانحًا إنسانيًا رئيسيًا لشمال أفريقيا، في مؤتمر دولي بلندن يُعقد، الثلاثاء، لمناقشة الأزمة الإنسانية في السودان.

وتستضيف ألمانيا وفرنسا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي المكون من 55 دولة، المؤتمرَ بالمشاركة مع الحكومة البريطانية في لندن.

ومن المقرر أن يحضر الاجتماع وزراء من نحو 14 دولة أخرى، وفقًا لوزارة الخارجية البريطانية، إلى جانب ممثلين رفيعي المستوى من الأمم المتحدة، ولكن بغياب أي ممثل عن السودان.

ويعد هذا رابع مؤتمر إنساني من أجل السودان تشارك فيه الإمارات خلال الربع الأول من العام الجاري، حيث سبق أن شاركت في المؤتمرات التالية:

الاجتماع الثالث لكبار المسؤولين الإنسانيين التابع للاتحاد الأوروبي حول السودان، والذي استضافته بروكسل في مارس/آذار 2025، وأكدت الإمارات خلاله التزامها الراسخ بمواصلة تقديم المساعدات الإنسانية ودعم الجهود الدبلوماسية لتخفيف حدة النزاع المستمر.

المشاركة في 20 فبراير/شباط الماضي بالإطلاق المشترك بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لخطة الاحتياجات الإنسانية والاستجابة للسودان لعام 2025، والخطة الإقليمية للاستجابة للاجئين في السودان.

نظمت دولة الإمارات مع إثيوبيا والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية «إيغاد» بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في 14 فبراير/شباط الماضي، «المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان».

وأكدت خلاله الإمارات موقفها الثابت في الدعوة إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري، ومعالجة الأزمة الإنسانية من خلال توفير المساعدات الإغاثية العاجلة، بما يلبي تطلعات الشعب السوداني الشقيق نحو التنمية والازدهار.

وأعلنت الإمارات خلال المؤتمر تقديم 200 مليون دولار إضافية من المساعدات الإنسانية.

نداء سلام

تأتي مشاركة دولة الإمارات في المؤتمر، عقب إطلاقها نداءً عاجلًا من أجل السلام، رسمت فيه ملامح خارطة طريق شاملة لإنهاء الحرب، حملت فيها طرفي النزاع المسؤولية عما ارتُكب من جرائم، لإغلاق الطريق أمام أي ادعاءات أو أكاذيب واهية، وأدانت تلك الجرائم، ودعت إلى مساءلة مرتكبيها من الطرفين.

وفي هذا السياق، قالت لانا نسيبة، مساعد وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية، في بيان، إن الكارثة الإنسانية التي تتكشف في السودان هي من بين أشد الكوارث الإنسانية التي يشهدها العالم: «أكثر من 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات عاجلة، والمجاعة تنتشر».

وأضافت: «تستمر الفظائع التي تُرتكب وتسببت في معاناة لا يمكن تصورها للسكان المدنيين الذين يقفون بالفعل على حافة الانهيار».

وفصّلت الجرائم والهجمات التي تشنها القوات المسلحة السودانية، للتحذير من استمرارها، وهي:

– التجويع عبر منع المساعدات عمدًا.

– القصف العشوائي للمناطق المأهولة بالسكان.

– الأعمال الانتقامية ضد المدنيين، بما في ذلك العاملين في مجال الإغاثة.

– ما تردد عن استخدام الأسلحة الكيميائية.

إدانة ودعوة للمحاسبة

وأدانت دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الفظائع بشكل لا لبس فيه ودعت إلى مساءلة مرتكبيها.

 كما أدانت دولة الإمارات العربية المتحدة” بشدة الهجمات الأخيرة على المدنيين في دارفور، بما في ذلك الهجمات الوحشية على مخيمي زمزم وأبو شوك بالقرب من الفاشر، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة المئات”.

مطالب لطرفي الصراعي

وحددت دولة الإمارات في بيانها مطالب من طرفي الصراع على الصعيدين العسكري والسياسي، وهي:

 مطالب عاجلة:

-وقف الاستهداف المتعمد للعاملين في المجال الإنساني.

– وقف القصف العشوائي للمدارس والأسواق والمستشفيات.

مطالب لاحقة:

– الموافقة على وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار.

– السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول الفوري والآمن والعاجل، إلى المحتاجين بشدة في جميع أنحاء السودان.

– الجلوس إلى طاولة المفاوضات بحسن نية.

وأكد البيان أنه «لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري (للصراع)، بل حل سياسي يعكس إرادة الشعب السوداني».

وذكر البيان، أن «عرقلة وصول المساعدات أمر غير معقول، كما أن استخدام المساعدات الإنسانية والإمدادات الغذائية كسلاح هو عمل مدان».

مطالب من المجتمع الدولي

أيضا حدد البيان الإماراتي عدد من المطالب المجتمع الدولي لتحقيق السلام في السودان وهي:

– على الأمم المتحدة منع الأطراف المتحاربة من استخدام المساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية أو سياسية.

– التحرك بشكل عاجل لتيسير العملية السياسية.

 – زيادة المساعدات الإنسانية.

– ممارسة ضغط منسق على جميع الأطراف التي تؤجج الصراع.

مستقبل السودان.. سلام دائم

وحول رؤيتها لمستقبل السودان، قال البيان الإماراتي: “نحن ندعو إلى الانتقال إلى حكومة مستقلة يقودها مدنيون، وهو الشكل الوحيد للقيادة التي يمكن أن يمثل شعب السودان بشكل شرعي ويضع الأساس لسلام دائم”.

 وأكدت الإمارات أنه: “لا يمكن للعالم أن يسمح للسودان بالانزلاق أكثر في دوامة الفوضى والتطرف والتشرذم”.

رسائل مهمة

مشاركة الإمارات في مؤتمر لندن، وإطلاقها نداء للسلام بالتزامن مع ذكر مرور عامين على اندلاع الأزمة في السودان، يحمل رسائل مهمة لأهل السودان والعالم أجمع مفادها:

– الإمارات ماضية في دعم الشعب السوداني إنسانياً ودبلوماسياً كما هو عهدها على مدار أكثر من خمس عقود، إيماناً منها أن الشعب السوداني يستحق مستقبلاً يقوم على السلم والكرامة، ويستحق حكومة يقودها المدنيون تضع مصالحه وأولوياته في المقام الأول.

– الإمارات ستواصل القيام بكل جهد متاح لتعزيز فرص السلام، فالشعب السوداني الشقيق يستحق مستقبلاً قائماً على السلم والسلام والكرامة، ويستحق قيادة تضع مصالحه – لا مصالحها – واحتياجاته وأولوياته في المقام الأول والأخير، رغم محاولات زمرة البرهان لتشويه جهودها.

– رسائل تؤكد أيضا أن موقف دولة الإمارات إزاء السودان واضح وراسخ، فلا يوجد حل عسكري لهذا الصراع، حيث دعت الدولة إلى وقف إطلاق النار وإلى هُدَن إنسانية لتسهيل إيصال المساعدات وإلى تحميل طرفي النزاع: قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية مسؤولية انتهاك القانون الدولي.

– تؤكد الإمارات من خلال جهودها إنها ستبقى على أهبة الاستعداد للقيام بدورها -كما دأبت دائماً- كشريك يعمل من أجل السلام، وهذا الالتزام جزء من رؤية الإمارات الراسخة لتعزيز الازدهار والتنمية المستدامة في جميع أنحاء أفريقيا والعالم.

– الإمارات تعمل يدًا بيد مع المجتمع الدولي لإحلال السلام في السودان، ولا تفوت أي فرصة لوقف الحرب العبثية السودانية.

– الإمارات تدعم المنظمات الإنسانية لإيصال المساعدات إلى السودانيين المحتاجين، وتدعو بشكل فوري لوقف عرقلة إرسال المساعدات، وفتح الممرات الإنسانية، ومنع استخدام التجويع كسلاح.

-الإمارات تقود جهودًا دولية لإنقاذ السودانيين من المجاعة والحرب، رغم إساءات حكومة البرهان المتكررة ومحاولة تعطيلها عن القيام بهذا الدور .

سجل إنساني مضيء

وعلى مدار عامين من عمر الأزمة، شكّلت المبادرات والمساعدات الإماراتية التي بلغت 600.4 مليون دولار طوق نجاة لملايين المتضررين، حيث بلغ عدد المستفيدين المباشرين من تلك المساعدات ما يزيد عن مليوني شخص، وسط جهود متواصلة لضمان وصول المساعدات إلى 30 مليون سوداني يواجهون خطر المجاعة، بينهم أطفال ونساء.

وبمساعداتها خلال الأزمة، وترتفع إجمالي مساعدات الإمارات للسودان على مدار الـ 10 سنوات الماضية إلى أكثر من 3.5 مليار دولار.

فمنذ بداية الأزمة سيرت دولة الإمارات جسراً جوياً وبحرياً نقل قرابة 13 ألفا و168 طنا من المواد الغذائية والطبية والإغاثية طن من المساعدات الإغاثية والإنسانية عبر 162 طائرة وعدد من سفن المساعدات.

أيضا في إطار الدعم الإنساني والإغاثي والطبي المقدم من دولة الإمارات للاجئين السودانيين المتأثرين بالأوضاع الصعبة التي تسبب بها الصراع في البلاد، أنشأت الإمارات 3 مستشفيات لتوفير الخدمات الطبية للاجئين في دول الجوار، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وهما مستشفيين في أمدجراس وأبشي بتشاد، قاما بعلاج 90889 حالة.

كما افتتحت الإمارات 7 مارس/ آذار الماضي مستشفى ثالث في منطقة مادول في ولاية بحر الغزال في جنوب السودان، فضلا عن تقديم الدعم إلى 127 منشأة صحية في 14 ولاية.

aXA6IDUuMTgyLjIwOS4xMTUg جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى