اسعار واسواق

ترامب وبوتين وقمة «كسر البروتوكول».. ما وراء الصور


من المطار إلى المؤتمر الصحفي، كسرت قمة ألاسكا البعض من البروتوكولات المتعارف عليها، في تغيير يبوح بأكثر مما تفعله الصور.

استقبال شخصي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمطار لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، كما لا يفعل عادة رؤساء أمريكا، وبدء الرئيس الروسي بأول كلمة خلال المؤتمر الصحفي المشترك.

فهل كان كل ذلك من وحي اللحظة أم أنه كان تعديلا مخططا له مسبقا في البروتوكول؟ 

المؤكد أن لا شيء يحدث صدفة في مثل هذه اللقاءات الرفيعة، فكل حركة تكون محسوبه بدقة وخاضعة لحماية وتأمين مسبقين، وكل خطوة يكون فريق الرئيسين سواء المرافقين أو المراقبين على دراية بأدق تفاصيلها.

فما الذي حدث حتى يسقط البروتوكول في قمة ألاسكا؟

ترامب في المطار

كل ما حدث في الاستقبال هو كسر للبروتوكول، فالرئيس الأمريكي لا يستقبل عادة نظراءه في المطار، ولكنه فعل ذلك من أجل بوتين فقط.

فبروتوكوليا، عادة ما يستقبل شخص آخر رئيس الدولة الضيف والذي يصل إلى البيت الأبيض أو إلى مقر انعقاد اللقاء.

ولذلك فان ما يحدث بأن يستقبل ترامب نفسه وأن يصل قبل بوتين بنصف ساعة وينتظر في الطائرة ثم ينزل ويستقبله ثم ينتقلان بمركبة مشتركة، يعتبر وفق مراقبين إشارة قوية  لأن ما يحدث بينه وبين بوتين قد يتجاوز حدود أوكرانيا.

ويعتقد محللون أن ما حدث له أبعاد تتجاوز حدود الصور بما قد يكون بمثابة رسم لمعالم نظام عالمي جديد يرسيه بوتين بعد الحرب في أوكرانيا.

بوتين أولا

إن كان ترامب كسر بروتوكول الاستقبال، فبوتين فعل الشيء نفسه خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي أعقب اللقاء.

ومع أنه لا يُعرف إن كان ذلك ضمن أجندة المؤتمر أم لا، لكن المؤكد أن الرئيس الروسي أثار تفاعلا واسعا بين نشطاء على مواقع التواصل عقب ما وصفوه بأنه “تغيير للبروتوكول”.

وبحسب شبكة «سي إن إن» الأمريكية، أبرز نشطاء بدء بوتين بإلقاء أول كلمة، في حين عادةً ما يبدأ المؤتمر الصحفي المشترك، عندما يستضيف رئيس أمريكي نظيره الأجنبي، بكلمة من الرئيس الأمريكي، يليها كلمة من ضيفه.

لكن في أنكوريج بولاية ألاسكا الأمريكية، افتتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المؤتمر الصحفي بحضور نظيره الأمريكي دونالد ترامب.

وبدأ بوتين كلمته في المؤتمر الصحفي بالإقرار بتدهور العلاقات الأمريكية الروسية في السنوات الأخيرة.

وقال: “من المعروف أنه لم تُعقد أي قمم بين روسيا والولايات المتحدة منذ أربع سنوات، وهي فترة طويلة. كانت هذه الفترة صعبة للغاية على العلاقات الثنائية”.

وأضاف: “لنكن صريحين، لقد وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ الحرب الباردة. أعتقد أن هذا لا يعود بالنفع على بلدينا والعالم أجمع.. لقد طال انتظار عقد لقاء شخصي بين رئيسي الدولتين”.

«وحش» ترامب

لم تكن بروتوكولات الاستقبال واللقاء وحدها من تعرض للتغيير، فبوتين كسر أيضا تقليدا لطالما تمسك به واستقل سيارة ترامب الليموزين بناء على طلب الأخير.

وتخلّى الرئيس الروسي عن تقليده في التنقل خارج بلاده بسيارته الخاصة، وانتقل إلى السيارة الخاصة بنظيره الأمريكي بدعوة من الأخير.

وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن ترامب هو من اقترح عليه الانتقال معا إلى مكان المحادثات في السيارة الرئاسية المصفحة “كاديلاك ون” الملقبة بـ”ذا بيست” (الوحش)، وذلك بعد جلسة التصوير المشتركة. 

وعادة، يتنقل بوتين في أي مكان في العالم بسياراته الخاصة.

وهذه المرة أيضا، كان كل شيء جاهزا لكي يستقل بوتين بعد هبوطه في ألاسكا سيارة “أوروس” الرئاسية الروسية، التي ينتقل بواسطتها على مختلف طرازاتها منذ عام 2018.

لكن طلب ترامب غير كل شيء باللحظات الأخيرة، ما جعل بوتين يكسر تقليده وينضم لنظيره الأمريكي على متن “الوحش”.

لا اتفاق بشأن أوكرانيا

لم يحقق ترامب وبوتين أي اختراق بشأن أوكرانيا خلال قمتهما الجمعة في ألاسكا، إذ لم يقدم الرئيسان أي جديد بشأن وقف إطلاق نار رغم إشارتهما إلى نقاط توافق بينهما وتبادل إشارات المودة.

وترامب المولع بوصف نفسه بأنه صانع صفقات ماهر، أتاح للرئيس الروسي أن تطأ قدماه للمرة الأولى أرضا غربية في قاعدة المندورف ريتشاردسون الجوية الأمريكية التي تستضيف القمة منذ بدء حرب أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.

وبعد ثلاث ساعات من انطلاق المحادثات تم الإعلان بشكل مفاجىء عن اختتامها، حيث عقد الرئيسان مؤتمرا صحفيا مشتركا تبادلا فيه كلمات الثناء لكنهما لم يجيبا على أسئلة الصحفيين، وهو أمر غير معهود بالنسبة لرئيس أمريكي يولي الإعلام أهمية كبيرة.

وقال ترامب “لم نصل إلى هناك حتى الآن، لكننا أحرزنا تقدما. لا اتفاق حتى يتم التوصل إلى اتفاق”.

ووصف الاجتماع بأنه “مثمر جدا” مع التوافق “العديد من النقاط”، مردفا من دون إسهاب “لم يتبق فقط سوى عدد قليل جدا، بعضها ليس بتلك الأهمية، وربما يكون أحدها هو الأهم”.

وتحدث بوتين أيضا بكلمات عامة خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي استمر 12 دقيقة فقط.

وقال “نأمل أن يمهد التفاهم الذي توصلنا إليه (…) الطريق للسلام في أوكرانيا”.

وبينما كان ترامب يفكر في لقاء ثان، ابتسم بوتين وقال بالإنجليزية: “المرة المقبلة في موسكو”.

وأكد بوتين موافقته على فكرة أن حرب أوكرانيا التي أمر بها ما كانت لتحدث لو كان ترامب رئيسا بدلا من جو بايدن.

من جانبه، أعرب ترامب مجددا عن استيائه من “الخدعة” حول تدخل روسيا لمساعدته في انتخابات 2016، وهي نتيجة تدعمها الاستخبارات الأمريكية.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى