جودي فوكنر.. مليارديرة تبرعت بـ99% من ثروتها البالغة 7.8 مليار دولار

رغم أن كسب المال هو أحد معايير النجاح بالنسبة للأثرياء، لكنهم أكثر الناس علما أن المال ليس معيارا السعادة. هذا ما تأكدت منه مليارديرة التكنولوجيا جودي فوكـنر، مؤسسة “Epic Systems”، والتي لم تصرف “سنتًا” من ثروتها لنفسها.
وقال تقرير نشرته مجلة “فورتيون” إنه رغم امتلاكها 43% من شركة “Epic Systems” للتكنولوجيا الصحية، والتي تقدر قيمتها بالمليارات، لم تصرف فوكنر، الرئيسة التنفيذية البالغة من العمر 82 عامًا، أي سهم لصالحها الشخصي. ورسميا، تبلغ ثروتها 7.8 مليار دولار، لكنها تصر على تحويل أرباحها لصالح الأعمال الخيرية بدلاً من بناء ثروتها الشخصية.
وفوكـنر، المنتمية لجيل “الصامتين”، قالت مؤخرًا خلال مقابلة مع CNBC: “لم أصرف يومًا سهمًا واحدًا من أجل نفسي”. وبدلاً من ذلك، تقوم ببيع أسهم وإعادة توجيه الأرباح إلى مؤسسة خيري تحت اسم Roots & Wings. وهذه المؤسسة، التي أطلقتها مع زوجها، تمنح التمويل للمنظمات غير الربحية التي تدعم الأطفال والعائلات منخفضة الدخل.
وفي عام 2020، قدمت المؤسسة 15 مليون دولار لـ115 جهة خيرية، بينما بلغت مساهماتها في 2024 نحو 67 مليون دولار وزعت على 305 منظمة. ووفقا لتقرير “فورتيون”، تهدف فوكـنر إلى رفع وتيرة العطاء حتى تصل المؤسسة إلى 100 مليون دولار سنويًا بحلول عام 2027. ولضمان استقرار “Epic Systems”، أسست صندوقًا لتنسيق عملية إعادة شراء الأسهم من دون الإضرار بأعمال الشركة.
تعهد بالعطاء
ورغم توقيع 256 مليارديرًا على “تعهد العطاء” الذي أطلقه بيل وميليندا غيتس، فإن تقارير تشير إلى أن 9 فقط التزموا فعليًا بما وقعوا عليه. وفوكنر من ضمن القلة الذين حولوا التعهد إلى فعل، بعد أن قررت التبرع بـ99% من ثروتها.
أسلوب فوكـنر غير التقليدي لا يقتصر على إدارتها لأموالها فحسب، بل ينعكس أيضًا على أسلوب قيادتها داخل “Epic Systems”، التي يعمل بها أكثر من 14 ألف موظف. والشركة التي يقع مقرها في ولاية ويسكونسن، على مساحة 1670 فدانًا، يتألف المقر من 28 مبنى بتصاميم مستوحاة من قصص خيالية مثل “ساحر أوز” و”أليس في بلاد العجائب” و”هاري بوتر”، ضمن “مخيمات” صغيرة مثل “أكاديمية السحرة” و”مخيم القصص”.
ويُزين الحرم الوظيفي بتماثيل سحرية وجسور معلّقة وممرات تقود إلى “مصنع شوكولاتة وهمي”، بينما تُعرض في المكاتب قطع فنية من معارض محلية اختارها الموظفون مع فوكنر.
من بين التقاليد الغريبة داخل الشركة، الاجتماعات الشهرية في قاعة “ديب سبيس” الواقعة تحت الأرض، والتي يسميها البعض مازحًا “كنيسة العمل”. خلال هذه الاجتماعات، تستعرض الإدارة مستجدات الأعمال، لكن فوكـنر تضيف طابعًا فريدًا من خلال تقديم دروس في القواعد النحوية، مثل الفرق بين “who” و”whom”.
وشركات أخرى تحذو حذو فوكنر في كسر تقاليد بيئة العمل. “Wellstar Health System” تقدم غرف استرخاء تشمل كراسي مساج وموسيقى هادئة. أما منظمة “Understood” فصممت مقرها وفق احتياجات العاملين من ذوي التنوع العصبي، مع أنظمة إضاءة مختلفة وتحكم حراري فردي ونظم سمعية خاصة لذوي الإعاقات السمعية.
وفي مثال آخر، يشجع جيف بيزوس، مؤسس أمازون، الاجتماعات “الفوضوية” ويتجنب المناقشات المحضّرة مسبقًا، مؤمنًا بأن “الفوضى تنتج قرارات أفضل”.
لكن في وسط كل هذا، تبقى فوكـنر حالة فريدة: مليارديرة لم تسعَ إلى الثراء الشخصي، بل حولت ثروتها إلى قوة ناعمة لخدمة الآخرين—بهدوء، وفعالية، وخيال واسع.
من هي فوكنر؟
وفوكنر المولودة في أغسطس/آب ١٩٤٣، حصلت على درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر من جامعة ويسكونسن، وبكالوريوس في الرياضيات من كلية ديكنسون. كما نالت الدكتوراه الفخرية من جامعتي ويسكونسن–ماديسون وماونت سيناي في نيويورك، إلى جانب درجة الماجستير.
بدأت حياتها المهنية بتدريس علوم الكمبيوتر، ثم انتقلت إلى تطوير البرمجيات، حيث أنشأت إحدى أوائل قواعد البيانات المنظمة للمرضى.
في عام 1979، أسست فولكنر شركة Epic تحت اسم Human Services Computing من قبو منزل في ولاية ويسكونسن، بميزانية قدرها 70 ألف دولار، وبشراكة مع الطبيب جون جريست وبعض المساعدين. نمت الشركة بشكل تدريجي من دون الاعتماد على التمويل الاستثماري أو الطرح العام.
في عام 1983، استقال جريست من مجلس الإدارة بعد خلاف حول مستقبل الشركة، إذ كان يدعو للحصول على تمويل لتسريع النمو، بينما أصرت فولكنر على الاستقلالية، معتبرة أن ذلك يحفظ السيطرة، وهو ما أثبت نجاح رؤيتها لاحقاً.
شهدت Epic نمواً بطيئاً ولكن ثابتاً خلال أول عقدين، إذ كانت توسع خدماتها تدريجياً. أطلقت نظام الفوترة في أواخر الثمانينات، وأضافت واجهة استخدام رسومية للعيادات الخارجية في التسعينات، ما ساهم في تعزيز مكانتها في قطاع التكنولوجيا الصحية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز