مطاعم «كراكر باريل» الأمريكية.. علامة عريقة تواجه عاصفة الحداثة

تحظى سلسلة مطاعم «كراكر باريل» بمكانة خاصة في قلوب العديد من الأمريكيين الذين تقدم لهم منذ 6 عقود أطباقاً تقليدية من النوع العائلي وسط ديكور شعبي يوحي بـ«متجر ريفي قديم» كما تذكر على لافتتها، وموسيقى من نوع «كانتري».
لكن حين أقدمت هذه السلسلة الشهيرة على إعادة تصميم شعارها، أثارت عاصفة على مواقع التواصل الاجتماعي، فاتحة جبهة جديدة في الحروب الثقافية حول العلامات التجارية العريقة التي تحاول تحديث صورتها تماشيا مع العصر.
وأدت موجة الانتقادات إلى تراجع أسهم الشركة التي خسرت عشرات ملايين الدولارات من قيمتها السوقية، وأثارت انقساما بين زبائنها وموظفيها على السواء.
وحذفت السلسلة التي تدير حوالي 660 مطعماً عبر الولايات المتحدة، من شعارها شخصية “العم هيرشل”، العم الأمريكي التقليدي المستوحى من عم مؤسسها جان إيفينز، الذي كان يصوَّر جالسا على كرسي خشبي متكئاً إلى برميل تستمد منه المطاعم اسمها بالإنجليزية “باريل”.
وسأل دونالد جونيور ابن الرئيس دونالد ترامب بغضب على إكس “ما الذي خطر لكراكر باريل؟” ناقلا منشوراً عن صفحة “ووك وور روم” يرى أن السلسلة “تخلت عن جمالية أمريكية محبوبة واستبدلتها بعلامة تجارية عقيمة عديمة الروح”.
والشعار الجديد مبسط يكتفي بذكر اسم المطعم داخل رسم هندسي سداسيّ أصفر.
وهذه أحدث موجة غضب تواجه الشركات الأمريكية، بعد ردود فعل مماثلة على شركة جاغوار الفاخرة للسيارات عندما أعادت تصميم علامتها فأزالت منها الفهد المتوثب، رمزها الشهير، مثيرة سخطا واستنكارا بين زبائنها ومنتقديها وصولا إلى اليمين السياسي.
في مطعم كراكر باريل بمدينة ماونت آرلينغتون في ولاية نيوجرزي، كانت الصالة تغص بزحمة الغداء المعتادة أمام الشعار الجديد الوحيد المعلق خلف صندوق الدفع، فيما الشعار الأصلي لا يزال يزين اللافتة القديمة فوق المدخل ومطبوعاً على أوراق التغليف وقوائم الطعام.
وقالت إحدى عاملات الصندوق في متجر كبير للهدايا ملاصق للمطعم، طالبة عدم كشف اسمها “إنهم يزيلون السيد هيرشل! هل سأفتقده؟ ربما” مضيفة “إنهم يجعلون كل شيء باهتاً”.
غير أن زميلها أكد وهو يزيل الأطباق عن الطاولات “لم يتغير أي شيء، فقط الشعار. الأطباق ما زالت هي نفسها، وقائمة الطعام ما زالت هي نفسها”.
أعيدوا لـ”كراكر باريل” عظمته
وقالت كاثي بروندولو التي ترتاد المطعم منذ وقت طويل، وقد حضرت مع زوجها لتناول الغداء، إن الشعار الجديد “لا يحدث أي فرق، طالما أن بإمكاننا رؤيته من الطريق”.
وقالت العاملة الاجتماعية المتقاعدة البالغة 67 عاماً، جالسة على إحدى الكراسي الخشبية الهزازة التقليدية التي تشتهر بها سلسلة المطاعم “كيف يمكن لأي كان أن ينتقد ذلك؟ فالحياة تغيير”.
في مطعم ماونت آرلينغتون الذي يبعد حوالي 70 كلم إلى غرب نيويورك، تغص الطاولات بالأطباق التقليدية الأمريكية بين جدران تكسوها التحف وتذكارات الصيد.
وقال ديفيد ريبشتاين، أستاذ التسويق في معهد وارتون بجامعة بنسيلفانيا، “ليس من النادر أن تقوم علامة تجارية بتحديث نفسها بين وقت وآخر. لا يمكن القول إن هذا كان تغييراً كبيراً”.
وأوضح أن “المتمسكين بالتقاليد يعتبرون أنه تم كسرها. تكمن المشكلة على ما يبدو في أن نواة زبائن كراكر باريل من المتمسكين بالتقاليد الذين يعيشون بمعظمهم في الولايات الحمراء المحافظة، وهم يميلون أكثر من سواهم إلى إبداء رد فعل” مضيفا “بدا لهم الأمر بمثابة تخلّ عن هذه الفئة” من الأمريكيين.
وفاز دونالد ترامب في الانتخابات الأخيرة عام 2024 في 74% من المقاطعات التي يوجد فيها مطعم كراكر باريل، بحسب محلل الانتخابات دايف واسرمان.
وكتب العضو الجمهوري في كونغرس فلوريدا بايرون دونالدز المرشح لمنصب حاكم الولاية، على إكس أنه عمل في أحد مطاعم السلسلة.
وتابع “كان شعارهم رمزاً لهم، ومطاعمهم الفريدة كانت ركنا من أركان الثقافة الأمريكية. لم يطلب أحد هذا التعديل المستوحى من إيديولوجية اليقظة (ووك). حان الوقت لجعل كراكر باريل عظيمة من جديد”، مستشهداً بشعار ترامب “لنجعل أمريكا عظيمة من جديد”.
وكتب خبير التسويق تيم كالكينز على مدونته الإلكترونية “في عالم يسوده الإعلام الاجتماعي السريع الانفعال والمعلقين المتلهفين لإثارة الجدل من أجل زيادة متابعيهم، هذا مجال خطير”.
ورأى أن على سلسلة المطاعم “الالتزام بخطتها” بالرغم من تراجع سعر سهمها بسبعة دولارات إلى 54.40 دولاراً خلال أسبوع.
وقال “من المؤكد أن كراكر باريل بحاجة إلى بعض التغييرات، والخطوات الحالية تبدو منطقية” مضيفا “الناس سوف يتجاوزون المسألة على الأرجح عندما تطرح قضية ساخنة جديدة”.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز