أسطورة «أداسي».. ذراع الإمارات الذكية في صناعة مستقبل الدفاع

بينما يشهد العالم تحولات تكنولوجية وعسكرية، تقاس فيه القوة بالقدرة على تبني الابتكار الصناعي والأنظمة الذاتية القائمة على الذكاء الاصطناعي، تقف دولة الإمارات في طليعة البلدان التي أعادت رسم هذا المشهد العالمي سريع التحول.
وسط هذا السباق العالمي نحو الريادة في عالم الصناعات الدفاعية، تطل شركة “أداسي” الإماراتية كأيقونة تمثل خلاصة رؤية للمستقبل، وتجسد طموح ونجاح دولة الإمارات في التحول من مستهلك للتكنولوجيا إلى صانع مبدع ورائد.
في قلب أبوظبي، حيث يتلاحم الابتكار الصناعي مع الرؤية الاستراتيجية، تقدم “أداسي” التابعة لمجموعة “ايدج” قصة ملهمة كواحدة من أبرز حكايات النجاح والتميز في عالم الصناعات الدفاعية.
منذ تأسيسها في 2007، برز اسم “أداسي” سريعا، فلم تكن مجرد شركة صناعات دفاعية، بل تخطته لتصبح مشروعا استراتيجيا هدفه إعادة تعريف مفهوم الابتكار والأمن، وذراعا ذكية لمجموعة “ايدج” الإماراتية العملاقة المظلة الوطنية للصناعات الدفاعية المتقدمة.
مع بداية انطلاقتها القوية حددت “أداسي” هدفا واضحا، وهو بناء جيل جديد من الأنظمة الذاتية المتقدمة، وفقا لم ذكره الموقع الرسمي للشركة، واليوم، أصبحت “أداسي” المزود الإقليمي الأبرز للحلول الشاملة في مجال الأنظمة البرية والبحرية والجوية غير المأهولة، والذراع الذكية لشركة ايدج الإماراتية.
استجابة لطموح دولة الإمارات في بناء قدرات في عالم التكنولوجيا والدفاع، تأسست “أداسي”، واختارت الشركة الرائدة منذ بدايتها أن تركز على الأنظمة غير المأهولة والحلول الذاتية كمجال بالغ الأهمية والحساسية.
القرار الاستراتيجي من شركة “أداسي” دفعها لكي تسلك مسارا غير تقليدي، حيث استقطبت خبراء عالميين، واستثمرت في البحث والتطوير، وأقامت شراكات دولية، لتصبح اليوم منافسا قويا لكبرى الشركات العالمية، ومركز ثقل للصناعات الدفاعية في منطقة الشرق الأوسط.
لم تقتصر الفلسفة التي قامت عليها شركة “أداسي” على صناعة أنظمة متطورة فقط، بل تخطته لتشمل بناء منظومة صناعية متكاملة تمكن من التفوق في ساحات المعارك والقتال الحديثة.
في قلب هذه الفلسفة، تقف العملاقة”ايدج” التي تحتضن شركة “أداسي” كذراع تكنولوجي مبتكر، لتقود الإمارات نحو آفاق جديدة في الابتكار الدفاعي.
مجموعة “ايدج”، التي تأسست لتجمع تحت مظلتها نخبة شركات التكنولوجيا الدفاعية في الإمارات، تمثل اليوم نموذجا متقدما للتكامل الصناعي، و”أداسي” تعد وجهها الأبرز في ميدان الأنظمة الذاتية والطائرات المسيرة.
من خلال “ايدج”، حظيت شركة “أداسي” بفرصة مميزة لتعزيز بنيتها التحتية الصناعية وتوسيع قدراتها، من أجل الوصول إلى شبكات تسويق عالمية، نجحت من خلالها في جعل اسم الإمارات حاضرا في المعارض الدفاعية الدولية الكبرى.
تمثل “أداسي” نموذجا لرؤية الإمارات الهادفة إلى توطين الصناعات الدفاعية وتعزيز الاكتفاء الذاتي التكنولوجي، فمن خلال استثمارات ضخمة في البحث والتطوير وشراكات مع كبريات الشركات العالمية، تمكنت “أداسي” من أن تصبح لاعبا محوريا في صناعة الأنظمة الذاتية والطائرات المسيّرة.
تلتزم “أداسي” بمواكبة التحول الرقمي في القطاع الدفاعي، حيث يشكل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات العمود الفقري لتطوير تقنيات الجيل الجديد. وفي هذا السياق، توضح الشركة: “غايتنا ليست فقط تصنيع معدات متقدمة، بل بناء نظام صناعي شامل يمنح عملاءنا التفوق الاستراتيجي والمرونة العملياتية في مواجهة تحديات الحروب الحديثة”.
أدركت “أداسي” منذ البداية أن مستقبل الحروب لا يعتمد فقط على القوة النارية أو العدد، بل على الذكاء الصناعي والأنظمة الذكية القادرة على تقليل المخاطر البشرية وزيادة الفعالية العملياتية.
لذلك وضعت الشركة الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في صميم كل مشروع من مشروعاتها، ولم يكن هذا التوجه مجرد رفاهية، بل استثمارا استراتيجيا منحها اليوم مكانة تجعلها تنافس كبريات الشركات في هذا القطاع. ففي زمن يتغير فيه شكل الحروب ويتطور ميدان المعركة ليصبح أكثر ديناميكية، توفر الشركة حلولا متقدمة تمنح القوات المسلحة ميزة الحسم والسيطرة.
من أبرز إنجازات “أداسي” طائرتها العمودية “قرموشة” التي تمثل نقلة نوعية في مجال الطائرات المسيرة، حيث تستطيع حمل حمولة تصل إلى 120 كيلوغراما والتحليق لمسافة تتجاوز 150 كيلومترا بمرونة مذهلة، مما يجعلها أداة مثالية للاستطلاع والدعم اللوجستي في البيئات القاسية.
في فبراير/شباط من العام الجاري، تحدثت المهندسة مريم المنصوري، مهندس أول في التصنيع من شركة “أداسي” التابعة لمجموعة ايدج، لوكالة أنباء الإمارات “وام” عن الجهود الوطنية التي قامت بها وفريق عملها في تصنيع طائرة “قرموشة”، المصنوعة بأيدي إماراتية، وتتميز بقدرتها على الطيران لمدة 8 ساعات متواصلة، وخفيفة الوزن، مشيرة إلى أنه تم إضافة نظام ضد التشويش للطائرة هذا العام، يساعد على حركة سير الطائرة بشكل آمن ومريح من غير أي تشويش خارجي، ومن أهم مهام الطائرة، مراقبة الحدود، والاستطلاع، والوصول لأقصى ارتفاع ممكن.
ويقف إلى جانب “قرموشة” نظام “أيروستات” الذي يجمع بين تقنيات الاستطلاع المتقدمة والتحمل العالي، ما يتيح له مراقبة مساحات شاسعة لفترات طويلة، ليصبح عينا ساهرة في السماء تدعم القوات على الأرض.
أما “السبر إس-100″، فهي طائرة مسيرة متعددة الاستخدامات تعكس فلسفة “أداسي” في الدمج بين البساطة والابتكار، إذ توفر قدرة على العمل لساعات طويلة وتتكيف مع مهام متنوعة تتراوح بين الاستطلاع والدعم التكتيكي.
لكن هذه النجاحات لم تقتصر على المجال الجوي، فالشركة وسعت نطاق ابتكاراتها إلى الأنظمة البرية، فطورت مركبات قتالية مسيّرة مثل “UGV 76-X” المصممة لخوض المعارك البرية بأقل تدخل بشري، إلى جانب “UGV 76-FLY” التي تتيح مرونة عالية في تنفيذ عمليات هجومية عبر الطائرات صغيرة الحجم.
وفي المقابل، برزت ذخائر “QX” الذكية، التي حملت رسالة واضحة عن قدرة الإمارات على تصميم أنظمة قتالية دقيقة ومحمولة توفر للجنود حلولا سريعة وفعالة في أصعب الظروف.
ولا يكتمل هذا المشهد الابتكاري دون الإشارة إلى مشروع الطائرة القتالية “جنية”، التي تمثل رؤية الإمارات في إنتاج طائرة غير مأهولة فائقة السرعة تتجاوز الألف كيلومتر في الساعة، بحمولة كبيرة وقدرات مناورة عالية، لتكون بمثابة رسالة واضحة أن “أداسي” لا تكتفي بالحلول التكتيكية، بل تقتحم عالم الطائرات القتالية الثقيلة.
أما الطائرة “جير” فقد جاءت لتلبية الحاجة لمهام الاستطلاع بعيدة المدى، إذ تجمع بين تحمل عالي يصل إلى 16 ساعة وتحمل منظومات استشعار متقدمة، مما يجعلها خيارا مثاليا لمراقبة الحدود وحماية المجال الجوي.
يمتد إبداع أداسي إلى توفير الدعم البشري والتدريب، إذ أنشأت أكاديمية “SkyEdge” المتطورة في مدينة العين لتأهيل الكوادر الوطنية والعسكرية على استخدام هذه التقنيات المتقدمة، عبر برامج تدريبية تعتمد على أحدث تقنيات الواقع المعزز والافتراضي. هذا الاستثمار في بناء القدرات البشرية يعكس إدراك الإمارات العميق أن التكنولوجيا لا تكتمل فعاليتها إلا بوجود فرق مدربة وقادرة على استثمارها بكفاءة، ليصبح العنصر البشري شريكا أساسيا في معادلة الابتكار.
مسيرة “أداسي” ليست مجرد قصة نجاح صناعي، بل هي انعكاس لطموح إماراتي يرسم ملامح المستقبل. فمنذ انطلاقتها وحتى اليوم، تحولت شركة أداسي إلى رمز للثقة والكفاءة، وأثبتت أن الإمارات قادرة ليس فقط على تلبية احتياجاتها الدفاعية، بل على تقديم حلول تصديرية تجعلها مركزا عالميا في صناعة الأنظمة الذاتية.
ولعل ما يميز “أداسي” هو توازنها بين الانفتاح العالمي والهوية الوطنية، فهي تمثل مشروعا إماراتيا خالصا يعكس روح الإمارات الطموحة، لكنها في الوقت ذاته تتمتع بشبكة من العلاقات والشراكات تجعلها حاضرة في أسواق عالمية متعددة، وهو ما يفتح أمامها أبوابا واسعة للنمو والاستثمار.
كما أن منتجات أداسي المتنوعة، من الطائرات المسيّرة إلى الأنظمة البرية والبحرية، تجعلها لاعبا شاملا قادرا على تقديم حلول متكاملة تتوافق مع متطلبات مختلف القوات العسكرية حول العالم.
مع كل منتج تقدمه وكل تقنية تطلقها، ترسل شركة أداسي رسالة واضحة مفادها أن المستقبل تصنعه العقول المبتكرة والإرادة الوطنية، وأن الإمارات اليوم ليست مجرد مستهلك للتكنولوجيا، بل دولة تصوغ معايير جديدة للتفوق الدفاعي في القرن الحادي والعشرين.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز