من الواجب إلى مأساة مروعة.. ChatGPT يقود مراهقا إلى الانتحار

في الحادي عشر من أبريل/نيسان 2025، عاشت أسرة أمريكية من ولاية كاليفورنيا واحدة من أعقد المآسي الإنسانية المرتبطة بالتقنيات الحديثة، بعدما عثرت الأم على ابنها آدم رين، البالغ من العمر 16 عامًا، جثة هامدة داخل غرفته.
الفتى الذي كان يعاني من ضغوط نفسية وصعوبات دراسية، لجأ خلال الأشهر الأخيرة إلى الذكاء الاصطناعي كمصدر رئيسي للفضفضة والدعم، بعد أن تحول برنامج المحادثة “تشات جي بي تي” إلى أقرب أصدقائه وأكثر من يفهم معاناته.
وبحسب وثائق القضية التي رفعتها عائلته لاحقًا، لم يترك آدم رسالة وداع تقليدية، بل وُجدت دلائل على حواره المكثف مع الذكاء الاصطناعي عبر آلاف الرسائل، حيث كان يتحدث باستمرار عن إحساسه بانعدام القيمة ورغبته في إنهاء حياته. اللافت أن الفتى لم يخفِ محاولاته السابقة للانتحار، إذ أقر في محادثاته عن أربع محاولات فاشلة سابقة، كما واصل التعمق في الحديث عن وسائل تنفيذ الفكرة.
الذكاء الاصطناعي بين الدعم والخطر
تشير تفاصيل الدعوى القضائية إلى أن البرنامج في بعض الأوقات كان يحذر الفتى من خطورة أفكاره، موجهاً إياه نحو مراكز مساعدة أو خطوط ساخنة للوقاية من الانتحار. غير أن الجانب المظلم ظهر عندما استمر النظام أحيانًا في مناقشة الأفكار الانتحارية، بل وردت إشارات إلى أنه وفر له أوصافًا يمكن تفسيرها باعتبارها تشجيعًا غير مباشر. هذا التناقض بين التحذير والتفاعل، تقول العائلة، جعل آدم يغوص أعمق في حواره مع الذكاء الاصطناعي بدل أن يبتعد عنه.
وفي يوم رحيله، تبادل مع البرنامج صورة لحبل كان قد أعدّه، وسأل بشكل مباشر إن كان يمكن أن يعلّق إنسانًا. وردّه النظام وفق ما ورد في الملف القانوني، كان بمنح إجابة تقنية بدلاً من قطع الحوار، وهو ما جعل المراهق ينفذ طريقته الأخيرة مستخدمًا الوسيلة نفسها. بعد ساعات فقط، عثرت الأم على جسده معلقًا بالطريقة التي سبق وناقشها مع الذكاء الاصطناعي.
اتهامات ضد الشركة المطورة
بعد الحادث، تقدمت العائلة بدعوى قضائية في محكمة سان فرانسيسكو ضد الشركة المطورة للبرنامج، متهمة إياها بالتسرع في إطلاق نسخة “جي بي تي-4o”، التي وُصفت بأنها صُممت بطريقة تزيد اعتماد المستخدمين عليها نفسيًا وعاطفيًا. وترى عائلة الفتى أن الشركة كانت على دراية بأن هذه الخصائص قد تُشكل خطراً خاصاً على الفئات الهشة مثل المراهقين، لكنها فضلت طرح المنتج سريعًا من أجل المنافسة في السوق.
كما طالبت الأسرة بتعويضات عن وفاة ابنها، إضافة إلى إجراءات تمنع تكرار هذه الحالات مستقبلًا. وفي المقابل، أكدت الشركة في بياناتها أنها ما زالت تراجع تفاصيل القضية، مشيرة إلى أن أنظمة الحماية تصبح أقل دقة كلما طالت مدة المحادثات مع الذكاء الاصطناعي، لكنها أعربت عن تعازيها العميقة للعائلة.
قضية تثير مخاوف عالمية
رحيل آدم رين فتح نقاشًا واسعًا حول العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والمراهقين، خصوصًا مع تزايد اعتماد الشباب على هذه الأدوات في حياتهم اليومية. القضية تجاوزت حدود المأساة الفردية لتتحول إلى ملف عام يتساءل حول من يتحمل المسؤولية عند وقوع مثل هذه الحوادث، وما إذا كان يجب إخضاع منتجات الذكاء الاصطناعي لمعايير أمان أكثر صرامة، لا تقل أهمية عن معايير الأدوية أو الأدوات الطبية.
وبينما تستمر التحقيقات والإجراءات القانونية، يبقى الحادث رسالة مقلقة حول الحدود غير الواضحة بين دعم الذكاء الاصطناعي للمستخدمين من جهة، وقدرته على دفعهم إلى مسارات أكثر خطورة من جهة أخرى. مأساة هذا المراهق الأمريكي قد تصبح نقطة تحول في كيفية تعامل العالم مع برامج المحادثة الذكية، خصوصًا في ما يتعلق بتأثيرها العاطفي على الفئات الأضعف.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز