فرنسا.. لوكورنو يتسلح بـ«نهج جديد» لمواجهة «المهمة الصعبة»

رئيس الوزراء الفرنسي الجديد سيباستيان لوكورنو يعد بـ”نهج جديد” قبل أن يشرع في مهمته الصعبة وهي تشكيل ائتلاف حكومي يخرج بلاده من أزمتها.
وتزامنت مراسم تسليم سلفه فرنسوا بايرو الذي أطاح به البرلمان قبل يومين، السلطة، مع دعوات “لشل” البلاد أُطلقت هذا الصيف على وسائل التواصل الاجتماعي وأسفرت عن تعبئة محدودة نسبيا، اليوم الأربعاء، من دون اضطرابات تذكر.
وفي خطاب مقتضب، تعهّد رئيس الوزراء الجديد بإجراء “تغييرات جذرية في النهج والجوهر”، مؤكدا أن “لا طريق مستحيلا” للخروج من الأزمة السياسية.
وأضاف أنه: “سنتوصل إلى ذلك”، متعهدا بلقاء مختلف الأحزاب السياسية “خلال الأيام المقبلة”.
وأمس الثلاثاء، كلّف الرئيس الفرنسي ماكرون، لوكورنو غداة حجب الجمعية الوطنية (البرلمان) الثقة عن حكومة فرنسوا بايرو، ليصبح سابع رئيس للوزراء في عهد إيمانويل ماكرون، والخامس منذ بداية ولايته الثانية في العام 2022.
وهذا الأمر غير مسبوق في نظام الجمهورية الخامسة الذي اعتمد في 1958 وعُرف لفترة طويلة باستقراره.
وجاء سقوط بايرو بعدما طرحت حكومته مشروع ميزانية تقشفية كان يهدف إلى توفير 44 مليار يورو لحفض الدين العام الضخم الذي يصل إلى 114% من الناتج المحلي الإجمالي.
انتقادات مسبقة
تجد فرنسا نفسها في مأزق سياسي منذ حل الجمعية الوطنية في يونيو/حزيران 2024، وباتت مقسمة إلى 3 كتل كبيرة من دون غالبية واضحة (تحالف اليسار واليمين الوسط وأقصى اليمين).
وأدى تعيين لوكورنو البالغ 39 عاما وغير المعروف نسبيا، إلى سيل من الانتقادات من المعارضة.
وأعلن حزب فرنسا الأبية اليساري الراديكالي أنه سيقدم مذكرة لحجب الثقة عن لوكورنو عندما يعرض حكومته أمام الجمعية الوطنية.
من جانبه، اعتبر الحزب الاشتراكي أن تعيين هذه الشخصية من اليمين في هذا المنصب، يُعرّض الرئيس إيمانويل ماكرون “لغضب اجتماعي” و”عرقلة مؤسساتية”.
وشهدت فرنسا اليوم الأربعاء مئات التحركات من دون اضطرابات تذكر في إطار يوم احتجاجي بعنوان “شلوا كل شيء” انطلق على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الصيف بمطالب متعددة منها التخلي عن اقتراح ميزانية بايرو.
وأوضحت ناشطة شابة تُدعى كاميي عند حاجز على مدخل ديجون (شرق) أن “التظاهرات لا تنفع لذا علينا شل البلاد والاحتجاج على المليارات المُمنوحة للأغنياء ومضاعفة ميزانية الحرب والمطالبة بالتقاعد في سن الستين”.
وظهرا، أحصت وزارة الداخلية 29 ألف مشارك في 430 تحركا منها 273 تظاهرة.
توقيف 295 شخصا
قال باستيان وهو طالب يبلغ من العمر 23 عاما شارك في تظاهرة في رين مع 10400 شخص، لوكالة فرانس برس “لقد سئمنا بسبب ما يحدث في فرنسا، خصوصا أن السياسيين لا يكترثون لنتائج صناديق الاقتراع”.
وبقيت التعبئة محدودة عموما.
وتجمّع متظاهرون في مختلف أنحاء البلاد منذ الصباح مع نشر 80 ألف شرطي للحفاظ على النظام.
وأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية ظهر اليوم توقيف 295 شخصا في فرنسا.
وأقامت مجموعات من المتظاهرين حواجز باستخدام حاويات نفايات ورشقوا الشرطة بالقمامة في ضواحي باريس، وفق ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.
وفي مدينة ليون (جنوب شرق) أغلق متظاهرون طريقا سريعا يمر عبر المدينة وأشعلوا النار في حاويات قمامة، في حين استخدمت الشرطة في مدينة نانت (غرب) الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
ويصعب تقدير أعداد المشاركين في الاحتجاجات أو مدى تأثيرها على القطاعات المختلفة في البلاد، نظرا للمشاركة الضئيلة للنقابات العمالية التي تخطط معظمها ليوم خاص بها من الإضرابات والاحتجاجات الواسعة النطاق في 18 سبتمبر/أيلول الجاري.
بلا قيادة
مع أن هذه التعبئة تذكّر البعض بحراك “السترات الصفراء” الذي هزّ فرنسا بين العامين 2018 و2019، ما زال من غير المعروف مدى تأثيرها، خصوصا أنها بلا قيادة.
وتخضع المواقع الاستراتيجية كالمصافي، لمراقبة مشددة.
ووفقا للمشغلين، سُجِّلت بعض الاضطرابات في قطاع النقل وهو ما كان متوقعا.
وتوقفت الدراسة في حوالي 100 مدرسة ثانوية وأُغلقت 27 مدرسة أخرى وفقا لوزارة التعليم الوطني لا سيما في باريس ومونبولييه (جنوب) ورين (غرب) وليل (شمال).
وفي ظل هذه الأجواء السياسية والاجتماعية الضبابية ستصدر وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيفها للديون الفرنسية بعد غد الجمعة والذي قد يُخفّض.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز