اسعار واسواق

«عشاء الأقوياء» في وندسور.. الأثرياء والنخبة يتسابقون لنيل ود ترامب


في مشهد يختزل رمزية القوة والنفوذ، تحوّلت مأدبة العشاء الرسمية التي أقيمت على شرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب داخل قلعة وندسور إلى عرض سياسي واجتماعي باذخ.

وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، لم تكن مجرد مأدبة تقليدية، بل لوحة بانورامية ضمّت أكثر الشخصيات ثراءً وتأثيرًا في العالم، جالسين على مائدة واحدة، حيث بدا أن الجميع يسعى، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى كسب ودّ الرئيس الأمريكي.

ترامب، الذي تصدّر الطاولة بربطة عنق بيضاء وابتسامة عريضة، بدا وكأنه يعيش لحظة تتويج شخصية. فقد عامله الملك تشارلز الثالث كملك من ملوك الحاضر، في مشهد يضيف فصلًا جديدًا إلى ولايته الثانية التي تميزت بإظهار النفوذ داخليًا عبر الانتقام من خصومه، وخارجيًا عبر تحالفات مضطربة.

الملك تشارلز استغل كلمته ليؤكد على عمق العلاقة بين بريطانيا والولايات المتحدة، مشددًا على “الالتزام المشترك بالحرية والاستقلال”، فيما لم يُبد ترامب أي انزعاج من التلميحات الملكية إلى قضايا البيئة ودعم أوكرانيا.

بل على العكس، أعلن بسعادة أنّه “امتياز فريد أن يكون أول رئيس أمريكي يُستقبل في القلعة” في مأدبة رسمية، في إشارة إلى خصوصية المناسبة مقارنةً بالولائم التقليدية التي تُقام عادة في قصر باكنغهام.

ورغم الطابع الاحتفالي، كان الهدف البريطاني واضحًا: توظيف ثقل العائلة المالكة إلى جانب الحكومة في منح ترامب جرعة من التكريم، أملاً في أن يُظهر مرونة أكبر خلال لقائه المرتقب مع رئيس الوزراء كير ستارمر.

لكن خلف هذا المشهد البروتوكولي، حملت قائمة الحضور رسائل أوضح. فقد جلس أكثر من 160 شخصية من أباطرة المال والإعلام والسياسة والتكنولوجيا، متجاورين وسط 1452 قطعة مائدة تُقرع على الطاولات العتيقة. ولم يكن الحضور هذه المرة من نجوم السينما أو الموسيقى كما اعتاد ترامب، بل من أصحاب السلطة الفعلية.

فإلى جانب ستارمر جلس ستيفن شوارتسمان، المدير التنفيذي لشركة بلاكستون، وبراين موينيهان، رئيس بنك أوف أمريكا. كما حضر سام ألتمان، “ملك الذكاء الاصطناعي” في وادي السيليكون، إلى جوار كيمي بادينوك، زعيمة حزب المحافظين.

وفي القاعة نفسها، جلس ديميس هاسابيس، رئيس “ديب مايند”، وساتيا ناديلا، المدير التنفيذي لمايكروسوفت، ومارك بينيوف، المؤسس المشارك لسيلزفورس، وصولاً إلى تيم كوك، رئيس آبل.

مشاركة كوك بدت لافتة على نحو خاص. فقبل أسابيع قليلة فقط، ظهر في المكتب البيضاوي مقدمًا لترامب تذكارًا زجاجيًا مذهّبًا، في محاولة واضحة لترميم العلاقة بعد أن أثار استياء الرئيس بغيابه عن اجتماع لكبار قادة التكنولوجيا خلال جولة له في الشرق الأوسط.

هذه المرة، جلس كوك بجوار تيفاني ترامب، ابنة الرئيس، في إشارة إلى عودة الحرارة إلى العلاقة.

أما الحضور الأكثر إثارة للجدل فكان روبرت مردوخ، قطب الإعلام الذي لطالما تذبذبت علاقته بترامب. فقد كشفت صحيفة وول ستريت جورنال – جوهرة إمبراطورية مردوخ – عن صداقة قديمة جمعت الرئيس الأمريكي بجيفري إبستين، ما دفع ترامب إلى رفع دعوى قضائية استهدفت الصحيفة ومالكها شخصيًا.

ورغم ذلك، جلس مردوخ على الطاولة، بعيدًا عن مجال رؤية ترامب، يستمع إلى كلمات المديح، فيما جاوره مورغان ماك سويني، كبير موظفي رئيس الوزراء، الذي يواجه بدوره انتقادات حادة في الصحافة، بما فيها صحف مردوخ.

ورغم أجواء الاسترضاء تلك، لم يُخمد ترامب نزعة الانتقام التي تميّز خطابه. فبعد انتهاء المأدبة، سارع إلى منصاته الاجتماعية معلنًا بسعادة عن إيقاف برنامج الكوميدي جيمي كيميل، أحد أبرز منتقديه، كما أعلن تصنيف حركة “أنتيفا” منظمة إرهابية كبرى، بينما كان يستعد لقضاء ليلته داخل القلعة العريقة.

قلعة وندسور، التي تعود جذورها إلى حقبة وليام الفاتح عام 1066 ميلادية، بدت في تلك الليلة مسرحًا لعرض يُجسّد توازنات السلطة في الغرب. وقد كانت أسوارها الحجرية ودروع فرسان الرباط المعلقة منذ عام 1348 ميلادية شاهدة على اجتماع تاريخي لنخبة المال والسياسة.

لكن خارج البوابات، يواجه ترامب عالمًا مختلفًا. ففي واشنطن، قوبل قبل أيام بصيحات غاضبة من متظاهرين مؤيدين لغزة. وفي بريطانيا نفسها، عرض محتجون صورًا له برفقة إبستين على جدران القلعة في تذكير بأن العواصف السياسية لم تغادره بعد.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى