«استراتيجية دبي».. خريطة طريق لرسم ملامح مستقبل القطاع البريدي العالمي

اعتمد مؤتمر الاتحاد البريدي العالمي، الذي اختتم أعماله اليوم، بإجماع الدول الأعضاء استراتيجية الاتحاد للفترة 2026–2029 تحت اسم «استراتيجية دبي».
وستمثّل “استراتيجية دبي” خريطة الطريق العالمية الجديدة لرسم ملامح مستقبلية للقطاع البريدي العالمي، وترسيخ دوره في تسهيل الاتصال وتعزيز التجارة، في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها أنماط الاستهلاك وقطاع الخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية والتقنيات الرقمية حول العالم.
واستضافت دولة الإمارات العربية المتحدة أعمال الدورة الثامنة والعشرين– دبي 2025، على مدار أسبوعين، ما بين 8 – 19 سبتمبر/أيلول 2025.
وبحسب بيان صحفي صادر اليوم، تجسّد “استراتيجية دبي” الرؤية المشتركة للدول الأعضاء نحو بناء مجتمع عالمي أكثر ترابطًا وشمولًا واستدامة، من خلال شبكة بريدية ذكية ومبتكرة، قادرة على دعم النمو الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وجاء اعتماد الاستراتيجية الجديدة بعد عمليات تشاورية هي الأكبر في تاريخ الاتحاد، شملت أكثر من 2200 مشاركً من 192 دولة ومجموعة واسعة من الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص، مما عزّز من شمولية الاستراتيجية وعمق التوافق حولها.
وشهد ختام المؤتمر إسناد عمليات متابعة تنفيذ محاور “استراتيجية دبي” إلى دولة الإمارات، التي ستتولى الإشراف على تنفيذها من خلال “خطة عمل دبي”، بصفتها رئيس المجلس الإداري للاتحاد للسنوات الأربع المقبلة، والذي يتكوّن من 41 دولة عضوة ويُعنى بالإشراف على أنشطة الاتحاد ومعالجة المسائل التنظيمية والإدارية والقانونية، في استحقاقٍ نوعي يعكس ثقة المجتمع الدولي بقدرتها على قيادة التغيير وتحفيز التعاون العالمي بما يضمن حوكمة فعّالة لمستقبل القطاع البريدي العالمي.
كما فازت الدولة بعضوية مجلس العمليات البريدية في الاتحاد البريدي العالمي للدورة 2026-2029 بحصولها على تأييد 144 دولة، في إنجاز جديد يعكس مكانتها الريادية على الساحة الدولية، وذلك بعد انتخابها ضمن قائمة الدول الأعضاء في اللجنة البريدية التي تضم 48 دولة من أصل 192 دولة عضوًا في الاتحاد.
ويُعد مجلس العمليات البريدية الهيئة الفنية المتخصصة التي تتولى الإشراف على تطوير السياسات التشغيلية والخدمات البريدية، وتعمل على توحيد المعايير وتحسين الجودة وتعزيز التكامل بين الشبكات البريدية في مختلف أنحاء العالم، بما يسهم في بناء منظومة بريدية دولية أكثر كفاءة واستدامة.
وقال بدر سليم سلطان العلماء، رئيس مجلس إدارة سفن إكس “7X”، إن انتخاب دولة الإمارات لعضوية مجلس العمليات البريدية في الاتحاد البريدي العالمي يمثل تأكيدًا واضحًا على ريادتها وقدرتها على إعادة صياغة مستقبل الخدمات البريدية واللوجستية على مستوى العالم، وكذلك يُجسّد تنظيم الدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر في دبي، إلى جانب قيادة تنفيذ “استراتيجية دبي”، التزام الدولة بدعم التوافق الدولي بما يسهم في تعزيز الاتصال والاستدامة والكفاءة.
وقال إن التكليف الجديد برئاسة المجلس الإداري للاتحاد للسنوات الأربع المقبلة يمنحنا صوتًا مؤثرًا في عمليات اتخاذ القرار داخل الاتحاد، ويتيح لنا توجيه المرحلة المقبلة من السياسات والتقنيات التي ستُشكّل ملامح هذا القطاع الحيوي.
وأضاف، “انطلاقًا من رؤية قيادتنا الرشيدة، سنواصل ترسيخ مكانة الإمارات كمركز عالمي لتطوير الحلول المستدامة والتكنولوجيا الرقمية، وشريك موثوق في منظومة الاتحاد البريد العالمي”.
وشهد المؤتمر إعادة انتخاب المدير العام للاتحاد البريدي العالمي، ماساهيكو ميتوكي، ونائبه، ماريان أوسفالد، لولاية جديدة تمتد لأربع سنوات، وهو ما يعكس رضا الدول الأعضاء عن أدائهما خلال الدورة الماضية، وثقتها في استمرارية نهج التطوير المؤسسي الذي يقوده الاتحاد.
وقال ماسهيكو ميتوكي، المدير العام للاتحاد البريدي العالمي، إن المؤتمر شكّل لحظة تحوّل فارقة، ناقشنا خلالها التحديات وأعدنا صياغة دورنا في عالم يتسارع تغيّره، وجدّدنا التأكيد على القيم المشتركة التي توحّد مسيرتنا، معبراً عن امتنانه لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على استضافتها الكريمة لهذا الملتقى الدولي البارز، الذي جمع نخبة من صنّاع القرار في القطاع البريدي.
وترتكز “استراتيجية دبي” للفترة 2026-2029 على رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز التزام الدول الأعضاء بمعايير الجودة وتوسيع نطاق الوصول إلى وترسيخ نظام بريدي عالمي متكامل من خلال تطوير أطر تنظيمية وطنية فعّالة.
كما تولي الاستراتيجية الجديدة أهمية خاصة لتسريع وتيرة الابتكار والتحول الرقمي من خلال تطوير منتجات وخدمات جديدة تتمحور حول احتياجات المتعاملين، والاستجابة لتغيرات قطاع التجارة الإلكترونية، وتوفير خدمات رقمية عبر نقاط الوصول البريدي.
وتهدف الاستراتيجية أيضاً إلى تعزيز التعاون، من خلال بناء القدرات على المستوى الإقليمي، وتوسيع فرص التعاون الفني، وتفعيل آليات الحوار والشراكات بين مختلف الجهات المعنية، بما يسهم في دفع عجلة تطوير القطاع البريدي عالميًا.
ومن خلال تحديث الأطر التنظيمية، وتعزيز سلاسل الإمداد العابرة للحدود، وضمان الالتزام بمعايير الجودة، تهدف الاستراتيجية الجديدة إلى تفعيل مفهوم “الإقليم البريدي الموحد”، بوصفه إطارًا تكامليًا يعزز التنسيق بين الدول الأعضاء ضمن منظومة عالمية منضبطة وفعّالة.
وفي كلمته خلال الجلسة الختامية، أكّد طارق الواحدي، رئيس مؤتمر الاتحاد البريدي العالمي الثامن والعشرين والرئيس التنفيذي لسفن إكس “7X”، إن “خطة عمل دبي” تمثل تحوّلًا نوعيًا في طريقة عمل القطاع البريدي العالمي، حيث تتيح للدول الأعضاء تطوير خدماتها بما يتماشى مع أولوياتها الوطنية، وفي الوقت ذاته تضمن تناغم الجهود على المستوى الدولي، ونطمح خلال المرحلة المقبلة إلى بناء شبكة بريدية أكثر كفاءة وابتكارًا واستدامة، تُسهم في تمكين التجارة، وتعزيز التكامل الرقمي، ورفع جودة الحياة للمجتمعات.
وتابع الواحدي، أن النتائج الإستراتيجية التي نسعى لتحقيقها، من خلال رئاسة المجلس الإداري ومتابعة تنفيذ خطة العمل، تتمثل في بناء منظومة بريدية أكثر مواءمة لاحتياجات الأسواق، تضمن تقديم خدمات نوعية، متاحة، ميسورة التكلفة، وقابلة للاستدامة.
وأضاف، سنعمل على تعزيز سلاسل الإمداد البريدية عبر الحدود، وتحفيز الابتكار في المنتجات والخدمات، وتطوير حلول سلسة ومتمحورة حول المتعاملين.
كما أكد لسعي إلى ترسيخ دور القطاع في دعم الأهداف الاقتصادية والاجتماعية الوطنية، والمساهمة الفاعلة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال توسيع الشراكات، وتعزيز التكامل الإقليمي، والارتقاء بالبنية التحتية البريدية عبر التعاون والمساعدة الفنية.
وتضمّنت الاستراتيجية مؤشرات لقياس الأداء، من بينها رفع نسبة الدول التي تعتمد أطرًا تنظيمية متوافقة مع معايير الاتحاد، وزيادة عدد نقاط الوصول البريدي سنويًا، ونمو الإيرادات التشغيلية، وتحسين أداء الخدمات الدولية بما يتماشى مع معايير الجودة، فضلًا عن تعزيز التكامل بين السياسات البريدية وخطط التنمية الوطنية.
وشهد المؤتمر على مدار فترة انعقاده توقيع عدد كبير من مذكرات التفاهم بين الدول الأعضاء، وعقد لقاءات ثنائية ومتعددة الأطراف، وطرح مبادرات نوعية في مجالات الحوكمة والابتكار والاستدامة.
وترسّخ دولة الإمارات مكانتها شريكًا فاعلًا في قيادة مستقبل القطاع البريدي العالمي، ومساهمًا رئيسيًا في صياغة رؤية الاتحاد للسنوات القادمة، بما يعزّز من حضورها الدولي، ويجسّد شعار المؤتمر، “قيادة التغيير لصناعة المستقبل”.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز