مقذوفات «غامضة» في سماء إيران.. دفاع جوي أم صاروخ باليستي جديد؟

مقذوفات أضاءت سماء محافظات إيران الوسطى والشمالية الشرقية، أثارت تساؤلات حول ماهيتها، وما إذا كانت تجربة صاروخية باليستية، أم صواريخ دفاع جوي إيرانية؟
إلا أن عدة مواقع إخبارية في إيران مقربة من الحرس الثوري، قالت دون ذكر مصدر رسمي، إن هذه الأجسام المضيئة تعود إلى «اختبار صاروخ باليستي إيراني جديد متطور من قبل القوة الجوية الفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني»، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وأثارت عدة وسائل إعلام غير إيرانية وعدة وسائل إعلام داخل إيران احتمال أن تكون هذه المقذوفات مرتبطة باختبار صاروخ باليستي عابر للقارات روسي أطلق من موقع اختبار كابوستين يار في مقاطعة أستراخان الروسية، شمال بحر قزوين، لكن هذا لم يتم تأكيده رسميا.
وبينما لم يعلق أي مسؤول عسكري إيراني على الأمر، قال نائب المسؤول السياسي والأمني في محافظة جولستان إن الأشياء كانت مرتبطة «باختبار الأنظمة المحلية»، وقال محافظ سمنان إن السبب هو «إجراء اختبارات صاروخية داخل البلاد».
وطمأن كلاهما المواطنين، قائلين: لا داعي للقلق. ووعدا بأنه «سيتم الإعلان عن معلومات إضافية لاحقًا إذا لزم الأمر».
وفي جميع الصور التي أعاد إيرانيون نشرها على مواقع التواصل، يُمكن رؤية جسم، ربما صاروخ أو قذيفة، يتسارع. يُظهر المسار الأبيض الشبيه بالعمود الظاهر في الصور مسار المقذوف الصاعد.
ثم يظهر أثر الصاروخ على شكل نقاط صغيرة بيضاء تشبه السحابة، على فترات منتظمة تقريبًا، ثم يظهر أثر العمود الأبيض مرة أخرى، ويشتعل المقذوف، ولكن مع اهتزازات وومضات غير منتظمة.
وقال سكان في طهران ومدن جرجان وساري وسمنان في شمال شرق البلاد لصحيفة «نيوزويك» الأمريكية، إنهم شاهدوا أجساما متوهجة تنطلق في سماء الليل، فيما تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر مسارات الدخان الناجمة عن عمليات الإطلاق.
ونشرت قناة «سباه باسداران نيوز»، وهي قناة رسمية تابعة للحرس الثوري الإيراني على «تليغرام»، صورًا للأقواس المضيئة. وانتشر مقطع فيديو واسع الانتشار من حساب «إيران أوبزرفر» على منصة إكس، والذي نشر المقطع مع تعليق: «يجري تجهيز العديد من الصواريخ الجديدة لجولة حرب جديدة محتملة مع إسرائيل».
فماذا نعرف عن تلك المقذوفات؟
يقول فابيان هيرتز، الباحث في شؤون الصواريخ والدفاع الجوي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في تصريحات لشبكة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): ربما نتعامل مع اختبار صاروخ باليستي عانى من مشكلة أو عطل؛ أي أن المحرك لم يشتعل بشكل صحيح، وأن النقاط التي أراها في المسافة تشير إلى وجود مشكلة فنية في الصاروخ.
وبحسب قوله، تحدث هذه الحالة في الصواريخ ذات المحركات التي تعمل بالوقود السائل، والتي يمكن أن تعمل أو تتوقف بسبب عيب فني. و(محرك الدفع بالوقود السائل هو محرك يتم فيه الاحتراق باستخدام عامل مؤكسد ومختزل سائل واحد أو أكثر. في هذا النوع من المحركات، توجد عوامل الأكسدة والاختزال في حجرتين منفصلتين. يُطلق على مزيج عامل الاختزال وعامل الأكسدة اسم الدافع).
وتظهر مقاطع الفيديو التي تم التقاطها ليلة أمس لهذه المقذوفات اهتزازات ونبضات قد تشير إلى محرك يعمل بالوقود السائل.
وإذا شُغّل المحرك بالوقود الصلب، فسيحترق حتى النهاية ثم يتوقف ولن يُعاد تشغيله. وفي حال تعرضه لعطل فني، فعادةً ما ينفجر أو ينكسر أحد أجزائه، مثل الفوهة، يضيف هيرتز.
في محركات الوقود الصلب لا يحدث انقطاع في عمل المحرك لأنه عند تشغيل المحرك يحترق الوقود بشكل كامل وإذا تعرض لعطل فني فإن المقذوف عادة ما ينفجر أو ينفصل عنه جزء مثل الفوهة.
وبحسب هيرتز، تُستخدم محركات الوقود السائل في الصواريخ الباليستية والقاذفات الفضائية، وتُستخدم محركات الوقود الصلب في الصواريخ الحديثة أو الصواريخ الدفاعية.
ووفقًا لتقارير إعلامية إيرانية، فقد شوهدت هذه المقذوفات من السماء في محافظات غلستان، ومازندران، وخراسان الرضوية، وسمنان، وأصفهان، ويزد، وطهران.
الصاروخ الباليستي:
- يحلق على ارتفاعات عالية ضمن قوس.
- تتكون مراحل إطلاقه من ثلاث مراحل
- سرعة المرحلة الثانية منها تبلغ حوالي 24,000 كيلومتر في الساعة.
- تغادر الصواريخ الباليستية بعيدة المدى الغلاف الجوي للأرض وتصل إلى سرعات تفوق سرعة الصوت عند عودتها.
ويقول هيرتز، إن الصواريخ الباليستية وقاذفات الفضاء تحلق على ارتفاعات عالية جدًا، ما يُتيح رؤيتها حتى من مسافات بعيدة، فعلى سبيل المثال، شوهدت عمليات إطلاق الصواريخ الإسرائيلية من مدن بعيدة، كما شوهدت عمليات إطلاق سبيس إكس في الولايات المتحدة من مدن بعيدة مرات عديدة.
لكن بسبب عدم وجود تفاصيل أخرى في الفيديوهات والصور الخاصة بهذا الصاروخ، فمن المستحيل تخمين نوعه أو ما إذا كان صاروخا باليستيا جديدا، بحسب هيرتز، مشيرًا إلى أنه من غير الممكن تحديد مكان إطلاق هذا الصاروخ بدقة، نظرا لعدم معرفة مدى هذا الصاروخ الباليستي.
وأطلقت إيران العديد من الصواريخ الباليستية على إسرائيل خلال حرب الأيام الاثني عشر، ورغم قوة دفاعاتها الجوية، أصاب العديد منها الأراضي الإسرائيلية. الصاروخان اللذان أعلنت إيران رسميًا عن استخدامهما في الحرب هما «خرمشهر» و«فاتح 1».
كما استهدف سلاح الجو الإسرائيلي العديد من الدفاعات الجوية الإيرانية في مواقع مختلفة.
وتنتج القوات المسلحة الإيرانية، وخاصة القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني، مجموعة واسعة من الصواريخ الباليستية والقذائف المجنحة، والتي استخدمتها إيران مرارا وتكرارا على مدى العقد الماضي لمهاجمة أهداف في الخارج، مثل مقر الجماعات الكردية المعارضة للحكومة الإيرانية في إقليم كردستان، ومواقع داعش في سوريا، والقواعد العسكرية الأمريكية في العراق وإقليم كردستان، و«مقر جيش العدل» في باكستان، وأهداف في إسرائيل.
سر التوقيت:
تأتي تجارب الصواريخ بعد أشهر من حرب يونيو/حزيران التي استمرت 12 يومًا، والتي شنت فيها إسرائيل والولايات المتحدة ضربات منسقة على مواقع مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني. وزعمت إسرائيل أنها دمرت أجزاءً من القدرات الصاروخية والنووية الإيرانية، بينما استهدفت القوات الأمريكية منشآت نووية إضافية.
وتقول صحيفة «نيوزويك» الأمريكية إن عمليات الإطلاق تظهر نية إيران إظهار القوة وحماية طموحاتها النووية، في حين تسلط الضوء على المخاطر الإقليمية مع تجديد مجلس الأمن العقوبات بسبب الانتهاكات المزعومة للاتفاق النووي لعام 2015.
وقبل يوم واحد فقط من التجارب الصاروخية، رفضت طهران الأربعاء، أي محادثات مع الولايات المتحدة بشأن القيود الصاروخية، واعتبرت مثل هذه المطالب عقبة أمام الدبلوماسية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن «الولايات المتحدة ليست في وضع يسمح لها باتخاذ قرارات بشأن القدرات الدفاعية الوطنية الإيرانية».
ماذا بعد؟
وتعزز الاختبارات الصاروخية المشتبه بها التي جرت يوم الخميس موقف التحدي الذي اتخذته طهران في أعقاب الضربات الأمريكية والإسرائيلية المنسقة على البنية التحتية النووية والصاروخية لبلادها، بحسب «نيوزويك».
فيما تقول «بي بي سي»، إن أحد أهم المخاوف الغربية بشأن برامج الصواريخ الإيرانية لا يتمثل فقط في طبيعتها المتقدمة، بل في إرسالها الصواريخ ونقل المعرفة المتعلقة بإنتاج الصواريخ إلى الدول الحليفة والمجموعات العسكرية/شبه العسكرية بالوكالة في الشرق الأوسط.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز