اسعار واسواق

ديفيد ميلستين.. مستشار غامض يحرك خيوط السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل


ربما لا يكون اسم ديفيد ميلستين اسما معروفا إلا أن كبير مستشاري السفير الأمريكي لدى إسرائيل لعب دورا مؤثرا في السياسة الأمريكية.

في أواخر الربيع الماضي، صاغ دبلوماسيون أمريكيون في القدس المحتلة برقية عاجلة في ظل حرب غزة وقرار إسرائيل منع دخول المساعدات للقطاع وهو ما وضع المنطقة على شفا كارثة حيث كانت المجاعة تلوح في الأفق.

لكن تلك البرقية لم تصل إلى واشنطن ومن غير المعروف هل وصلت حتى إلى مكتب السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي لكن بدلاً من ذلك، أرسل ديفيد ميلستين، أحد كبار مستشاري هاكابي، برقية بدت وكأنها “إعلان لمؤسسة غزة الإنسانية”، وفقًا لما ذكره موقع “ريسبونسيبل ستايت كرافت” الأمريكي نقلا عن مسؤولين مطلعين في وزارة الخارجية.

وقال أحد المسؤولين “بدا الأمر أشبه ببيان دعائي” ففي حين أدانت منظمات الإغاثة الرئيسية “مؤسسة غزة الإنسانية” لتعريضها طالبي المساعدات الفلسطينيين للخطر، أشاد تقرير ميلستين بالمنظمة لتلبيتها “حاجة إنسانية”.

تُسلط هذه الحادثة التي لم تُنشر من قبل الضوء على مدى تأثير ميلستين على السياسة الأمريكية على الرغم من منصبه المتواضع ظاهريًا كمستشار للسفير.

ففي الأشهر الثمانية الأولى من إدارة ترامب، سعى ميلستين عبر وزارة الخارجية لتوجيه السياسة الأمريكية والتشكيك في أي معلومات تُسيء إلى إسرائيل، وفقًا لمسؤولين حاليين وسابقين في وزارة الخارجية الأمريكية.

وفي محاولة لتعزيز الدعم الأمريكي لإسرائيل، واجه ميلستين زملاء اعتبرهم غير مؤيدين لها بما يكفي، وحذف محتوى ينتقدها من البيانات الصحفية، ومن تقرير سنوي رئيسي عن حقوق الإنسان.

كما حاول إقناع الحكومة الأمريكية بالإشارة إلى الضفة الغربية باسم “يهودا والسامرة”، وهو مصطلح مثير للجدل لكونه التسمية العبرية للضفة.

وقبل توليه منصبه الحالي، عمل ميلستين وهو ابن زوجة المذيع الإذاعي المحافظ مارك ليفين في مناصب مختلفة مع سياسيين جمهوريين مؤيدين لإسرائيل، مثل السيناتور الجمهوري تيد كروز وحاكم فلوريدا الحالي رون ديسانتيس.

وبرزت جهود ميلستين للعلن لأول مرة في يوليو/تموز الماضي، عندما طردت وزارة الخارجية شاهد غريشي، المسؤول الصحفي الرئيسي للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية بعد خلاف حول ما إذا كان من الضروري اعتبار الولايات المتحدة معارضة التهجير القسري لسكان غزة.

وفي مقابلة مع “ريسبونسبل ستيت كرافت”، زعم غريشي أن ميلستين “تواصل مع مكتب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو واستخدم نفوذه” لإقالته.. وفي المقابل لم يستجب ميلستين لطلب التعليق.

لكن تومي بيغوت، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية قال في بيان إن الوزارة “لا تتسامح إطلاقًا مع الموظفين الذين يرتكبون سوء سلوك بتسريب أو الكشف بأي شكل آخر عن رسائل بريد إلكتروني أو معلومات سرية متداولة”.

وأضاف أن التعليقات الواردة في هذه المقالة “شائنة وغير نزيهة”.

وأشار إلى أن “ديفيد ميلستين مدافع قوي وقيّم عن سياسات إدارة ترامب والشعب الأمريكي”.

وأثارت أزمة غريشي قلق الكثيرين في وزارة الخارجية، وقال مسؤول في الوزارة “ميلستين تسبب بالفعل في طرد أحدهم.. هل سيجد طريقة ما لإسقاطي؟”.

وتعود جذور نفوذ ميلستين إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى عندما قررت الولايات المتحدة نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس وهو ما أدى إلى زيادة أهمية السفير الأمريكي لدى إسرائيل.

وفي تلك الفترة كان أرييه لايتستون يشغل منصب رئيس ديوان السفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان كما كان ميلستين يشغل منصب مساعد السفير لكن نفوذه ظل محدودا.

وقال مايك كيسي الموظف السابق بالسفارة لموقع “ريسبونسبل ستيتكرافت” إن لايتستون كان بمثابة بوابة لفريدمان، حيث حجب أي تقارير عن قضايا مثل عنف المستوطنين قبل وصولها إلى مكتب السفير.

وعندما تولت إدارة الرئيس السابق جو بايدن زمام الأمور، استعاد قسم الشؤون الفلسطينية في السفارة استقلاليته، مما سمح له بالتواصل مع واشنطن دون الحاجة إلى المرور عبر السفير الأمريكي لدى إسرائيل وهو ما استمر خلال حرب غزة رغم أن السفير جاك لو منع موظفيه من الإبلاغ عن “أي شيء ينتقد الإسرائيليين”.

لكن عندما عاد ترامب إلى البيت الأبيض منصبه هذا العام، اختفت الاستقلالية مرة أخرى، وتولى ميلستين دور لايتستون القديم كمساعد السفير في حين عاد لايتستون إلى الحكومة كمستشار للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.

وحاليا، يجد الموظفون من ذوي الآراء المتوازنة نسبيًا بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أنفسهم الآن خائفين من التحدث داخليًا، مما يتيح مساحة واسعة لبعض المعينين من قبل ترامب الأكثر تأييدًا لإسرائيل.

وقال مسؤول أمريكي إن ميلستين، وفي إطار جهوده لتعزيز الآراء المؤيدة لإسرائيل داخل وزارة الخارجية، غالبًا ما يعتمد على مصادر مشكوك في صحتها للأخبار والمعلومات.

ووصف مسؤول كبير في وزارة الخارجية نهج ميلستين بأنه يرمز إلى ثقافة خوف أوسع نطاقًا داخل إدارة ترامب الثانية، وقال “لقد عملت مع أشخاص عيّنهم ترامب في الإدارة الأولى، والأمر مختلف تمامًا هذه المرة.. يُعتبر إثارة المخاوف عصيانًا”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى