استقالة «بريستو» تهز عرش عملاق الذهب العالمي.. قصة مثيرة في أدغال أفريقيا

في خطوة مفاجئة هزّت قطاع التعدين العالمي، أعلنت شركة باريك غولد (Barrick Gold)، ثاني أكبر منتج للذهب في العالم، عن رحيل مديرها التنفيذي مارك بريستو، أحد أبرز الوجوه في صناعة الذهب الأفريقية.
وبينما يترك بريستو منصبه وسط توترات مع حكومة مالي وتحديات في أسواق المعادن النفيسة، يثار تساؤل كبير: هل يشكل هذا التغيير بداية حقبة جديدة للشركة الكندية العملاقة أم بداية مرحلة من عدم اليقين؟
رحيل مفاجئ
أعلنت باريك غولد في بيان رسمي عن استقالة رئيسها التنفيذي مارك بريستو من منصبه بعد سنوات طويلة من قيادة المجموعة، بحسب مجلة “جون أفريك” الفرنسية.
وقد أحدث الإعلان صدمة في أوساط المستثمرين وأسواق المعادن، نظراً للدور المحوري الذي لعبه بريستو في جعل باريك لاعباً رئيسياً في أفريقيا والعالم.
وأوضحت الشركة أنها عينت مارك هيل – الذي كان يشغل منصب المدير الإقليمي لأمريكا اللاتينية ومنطقة آسيا-المحيط الهادئ – في منصب الرئيس التنفيذي بالإنابة ومدير العمليات، في انتظار تعيين خليفة دائم.
مسيرة حافلة
ومنذ انضمامه إلى باريك عقب اندماجها مع شركة راندغولد ريسورسز عام 2019، عُرف بريستو بصفته أحد القادة الأكثر نفوذاً في قطاع التعدين. فقد كان يتمتع بخبرة ميدانية طويلة في أفريقيا، حيث ساهم في تطوير مناجم كبرى في مالي، ساحل العاج، وتنزانيا.
ورغم الإنجازات، ارتبطت فترة قيادته أيضاً بتحديات ضخمة، أبرزها الشد والجذب مع حكومة مالي التي تسعى لإعادة التفاوض حول عقود التعدين وتعزيز حصتها من العائدات، وهو ما وضع باريك مراراً في مواجهة مباشرة مع السلطات.
شريك صعب
وتعتبر مالي واحدة من أكبر منتجي الذهب في أفريقيا، ويُشكل هذا القطاع ما يقرب من 70% من عائدات صادراتها. غير أن الوضع السياسي المضطرب بعد الانقلابات المتتالية، وسياسات الحكومة الجديدة لتعزيز “السيادة الاقتصادية”، جعلا من عمل الشركات الأجنبية تحدياً حقيقياً.
وفي هذا السياق، كان بريستو قد دخل في مفاوضات شاقة مع باماكو بشأن عقود الامتياز، وسط ضغوط لزيادة الضرائب والإتاوات وتقليص نفوذ الشركات الغربية. رحيله قد يفتح الباب أمام إعادة رسم العلاقة بين باريك والحكومة المالية.
من هو مارك هيل؟
الخليفة المؤقت، مارك هيل، يعتبر شخصية ذات خبرة تشغيلية قوية داخل باريك، إذ أشرف على عمليات الشركة في مناطق متنوعة تمتد من أمريكا الجنوبية إلى آسيا.
لكن توليه المنصب في وقت حساس يطرح تساؤلات حول قدرته على التعامل مع الملفات الساخنة: العلاقة المتوترة مع مالي، والمنافسة المتزايدة مع نيوماينت، أكبر منتج للذهب عالمياً، والتحديات البيئية والاجتماعية التي تواجه شركات التعدين في إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
مستقبل باريك
رحيل بريستو يترك الشركة أمام مفترق طرق. فمن جهة، تواصل أسعار الذهب تسجيل مستويات مرتفعة نسبيًا بفضل الطلب العالمي المتزايد كمخزن للقيمة في ظل الأزمات الجيوسياسية. ومن جهة أخرى، تواجه باريك ضغوطاً متزايدة لتحسين صورتها فيما يتعلق بالاستدامة والشفافية وتوزيع الأرباح على الدول المضيفة.
يرى بعض المحللين أن مغادرة بريستو قد تتيح فرصة للشركة لإعادة بناء علاقاتها مع الحكومات الأفريقية، خاصة مالي، عبر مقاربة أكثر مرونة. بينما يخشى آخرون من أن غياب شخصية قوية مثله قد يضعف موقف باريك في مفاوضات حساسة.
رحيل مارك بريستو من قمة باريك غولد لا يُعد مجرد تغيير إداري، بل تطور استراتيجي قد يحدد مستقبل ثاني أكبر منتج للذهب في العالم. فبين التحديات الجيوسياسية في إفريقيا والمنافسة العالمية والتوقعات البيئية والاجتماعية، سيكون على القيادة الجديدة أن تثبت قدرتها على الحفاظ على مكانة الشركة وتوسيع نفوذها دون خسارة شركائها.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز