اسعار واسواق

قصة دون ميج الملهمة.. من توصيل البيتزا إلى قيادة إمبراطورية عالمية


تخيل أن تبدأ رحلتك بوظيفة بسيطة لتوصيل البيتزا كطالب جامعي، ثم تنتهي بك المسيرة على رأس شركة بمليارات الدولارات.

 تلك ليست قصة خيال، بل حكاية الأسترالي دون ميج الذي أثبت أن الإصرار والعمل المتقن قادران على تحويل أبسط البدايات إلى أنجح النهايات. قصته ليست قصة حظ أو صدفة، بل قصة إصرار يومي على العمل الجاد، وإيمان راسخ بأن حتى أصغر مهمة تُنجز بإتقان قد تفتح أبوابًا واسعة للنجاح.

بدأ دون رحلته بتوصيل البيتزا عام 1987 عندما كان لا يزال طالبًا جامعيًا، وبعد ما يقرب من أربعين عامًا، تقاعد كأحد أنجح قادة الأعمال في أستراليا.

وُلد دون ميج في 27 ديسمبر/كانون الأول 1968 في روكهامبتون بولاية كوينزلاند الأسترالية، وله شقيقتان. قضى طفولته متنقلاً بين أماكن متعددة، منها بابوا غينيا الجديدة لمدة خمس سنوات، ثم شمال كوينزلاند لمدة خمس سنوات أخرى، قبل أن يستقر في بريسبان.

هذا التنقل الدائم علّمه مهارة التأقلم مع البيئات الجديدة وبناء العلاقات بسرعة، وهي مهارات ساعدته لاحقًا في مسيرته المهنية.

درس دون في مدرسة كلونتارف بيتش الثانوية الحكومية في كوينزلاند، ولم يكن من عائلة ثرية أو ميسورة الحال، بل مجرد شاب عادي بأحلام عادية.

التحق بجامعة كوينزلاند للتكنولوجيا – فرع كيلفن غروف – ودرس ليصبح معلمًا للمرحلة الثانوية بين عامي 1987 و1989. كانت مهنة التدريس آنذاك خيارًا آمنًا ومحترمًا، لكن القدر كان يخبئ له طريقًا آخر.

عام 1987، وبينما كان طالبًا جامعيًا، عمل دون بدوام جزئي في توصيل البيتزا لمطعم سيلفيو ديال-أ-بيتزا في ريدكليف بكوينزلاند. بالنسبة لزملائه، كانت مجرد وظيفة مؤقتة لتغطية المصاريف، لكن بالنسبة له، كانت فرصة للتعلم واكتساب الخبرة.

لم يكتفِ دون بتوصيل الطلبات، بل راقب أسلوب إدارة المتجر، وتفاعل مع الزبائن، ودرس ما يُرضيهم وما يُحبطهم. كان من أكثر السائقين التزامًا بالمواعيد، يحافظ على سخونة البيتزا، ويعرف الزبائن المنتظمين بأسمائهم، ودائمًا ما يبتسم أثناء عمله.

لاحظ مديروه تميّزه، فكان مثالًا في الانضباط وحُسن الأداء، ما أهّله لنيل جائزة سيلفيو لأفضل مدير لعام 1989 وهو في التاسعة عشرة من عمره فقط.

لم يكن الأمر بالنسبة له مجرد إعداد بيتزا، بل كان شغفًا بالعمل مع الناس، وإدارة الفرق، وتحسين الأداء. عندها أدرك أنه يستمتع بعالم الأعمال أكثر من التدريس.

ترك الجامعة ليعمل في مجال البيتزا بدوام كامل، فصُدم من حوله بسبب قراره، إذ اعتبر الجميع التخلي عن شهادة التدريس من أجل وظيفة في مطعم وجبات سريعة ضربًا من الجنون. لكنه وثق بحدسه، ورأى في العمل فرصة لمستقبل مختلف.

بعد فوزه بجائزة المدير العام، رُقّي إلى مدير منطقة في سن التاسعة عشرة، ثم أصبح مدير متجر، ثم مدير منطقة، ثم مدير عمليات الولاية، وأخيرًا مدير العمليات الوطنية بين عامي 1991 و1993. في كل منصب، تعلم جانبًا جديدًا من العمل.

بصفته مدير متجر، أتقن تفاصيل التشغيل اليومية. كمدير منطقة، اكتسب خبرة في إدارة مواقع متعددة. أما كمدير عمليات، ففهم بعمق الأنظمة والإجراءات التي تضمن نجاح المؤسسة.

وجاءت نقطة التحول الكبرى عام 1993، عندما اشترى سيلفيو امتياز دومينوز بيتزا في أستراليا، وتم تعيين دون مديرًا عامًا.

كانت الشركتان تُداران بشكل منفصل في البداية، ما أتاح له فرصة فريدة لتجربة أساليب مختلفة، واكتشاف ما ينجح وما لا ينجح، ودراسة اتجاهات العملاء، وتطوير استراتيجيات تسويق مبتكرة، وبناء شبكة علاقات واسعة مع الموردين وأصحاب الامتياز.

في عام 1996، اتخذ دون خطوة جريئة بشراء امتياز دومينوز بنفسه، وأنشأ سلسلة من 17 متجرًا. هذه المرة، أصبح مالكًا حقيقيًا، لا مجرد مدير. استثمر أمواله الخاصة، وخاطر بها، وعمل بجهد مضاعف لأن مصيره أصبح مرتبطًا مباشرة بنجاح المشروع.

تحولت تلك المتاجر السبعة عشر إلى مختبرات عملية لاختبار أفكاره، حيث تعلّم مراقبة الأرباح، وإدارة المخزون، وتوظيف الكفاءات، وتدريب الفرق، وتحسين تجربة العملاء.

وفي عام 2001، باع دون متاجره السبعة عشر للشركة مقابل حصة من أسهمها، ليصبح مدير العمليات، ثم في عام 2002، تولى منصب الرئيس التنفيذي والمدير الإداري للشركة، بعد خمسة عشر عامًا من العمل المتواصل.

كان يعرف أدق تفاصيل الشركة، من توصيل الطلبات إلى إدارة الامتيازات، مرورًا بتشغيل الفروع ومتابعة الأداء اليومي.

بصفته رئيسًا تنفيذيًا، لم يكن حلمه أن تكون دومينوز بيتزا مجرد شركة ناجحة، بل أن تصبح أعظم شركة بيتزا في العالم.

وفي مايو 2005، تحقّق حلمه جزئيًا عندما أصبحت دومينوز بيتزا أستراليا أول شركة بيتزا تُدرج أسهمها في بورصة الأوراق المالية الأسترالية، في خطوة ضخمة عززت ثقة المستثمرين وفتحت باب التوسع العالمي.

ركز دون على ثلاث ركائز أساسية: الشراكات القوية مع أصحاب الامتياز، والتوسع الدولي، والاستثمار في التكنولوجيا.

فقد أدرك مبكرًا أن التكنولوجيا ستُحدث ثورة في صناعة الأغذية، فاستثمر بكثافة في أنظمة الطلب عبر الإنترنت، وتتبع التوصيل، والمطابخ الآلية الذكية.

وتحت قيادته، تحولت دومينوز إلى قصة نجاح عالمية، وأُدرج اسم دون ميج عام 2018 في قاعة مشاهير قادة الأعمال في كوينزلاند تقديرًا لإنجازاته الوطنية والدولية اللافتة.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى