دفع رواتب الجيش.. البيت الأبيض يستند إلى التاريخ لتبرير قرار ترامب

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا في واشنطن، استند البيت الأبيض إلى سوابق تاريخية تعود إلى عهد الرئيس جورج واشنطن لتبرير قرار الرئيس دونالد
ترامب، دفع رواتب العسكريين دون موافقة الكونغرس، رغم استمرار الإغلاق الحكومي منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وأرسل مكتب الإدارة والموازنة في البيت الأبيض إلى الكونغرس مذكرة مؤلفة من خمس صفحات، أكد فيها أن التاريخ الأمريكي يمنح الرئيس صلاحية تحريك الأموال في حالات الطوارئ الوطنية، وفقا لموقع «أكسيوس».
وأشار خطاب المكتب إلى أن “عدم صرف رواتب الجنود يهدد الجاهزية العسكرية وقدرة القوات المسلحة على حماية البلاد”، بحسب ما ورد في أمر تنفيذي وقّعه ترامب في 15 أكتوبر/تشرين الأول.
استشهادات من التاريخ
المذكرة استعرضت مجموعة من السوابق التي استخدم فيها رؤساء سابقون أموالاً دون تفويض تشريعي مسبق، بدءًا من جورج واشنطن الذي موّل عامي 1793 و1794 دعم اللاجئين الفرنسيين من سانتو دومينغو وحملة قمع تمرد الويسكي، مرورًا بـ«إبراهام لينكولن» الذي خصص عام 1861 مليوني دولار لإجراءات عسكرية وبحرية في السنة الأولى من الحرب الأهلية.
ويضاف إلى ذلك، ثيودور روزفلت الذي أنفق عام 1906 نحو 1.5 مليون دولار من إمدادات الإغاثة لمواجهة كارثة زلزال سان فرانسيسكو، وصولاً إلى جون كينيدي الذي أنشأ فيلق السلام عام 1961 بمرسوم رئاسي وموله من الاحتياطي الطارئ لوزارة الخارجية.
ويؤكد البيت الأبيض أن هذه الأمثلة التاريخية تبرر قانونيًا تحويل الأموال من صندوق البحث والتطوير والاختبار والتقييم لتمويل رواتب العسكريين، موضحًا أن الصندوق يُستخدم عادة لدفع رواتب المدنيين في الأوقات العادية، وبالتالي لا ضرر من إعادة توجيهه خلال الأزمة الحالية.
تخفيف الضغط السياسي؟
ويرى مراقبون أن القرار يقلل من الضغط على ترامب للتفاوض مع الديمقراطيين بشأن إنهاء الإغلاق الحكومي، إذ يضمن استمرار صرف رواتب الجيش بينما يتوقف دخل مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين.
ويطالب الديمقراطيون الرئيس بالموافقة على تمديد دائم لدعم بعض المستفيدين من قانون الرعاية الصحية “أوباما كير” مقابل تمرير تمويل الحكومة، وهو ما يرفضه ترامب حتى الآن.
إجراءات مثيرة للجدل
المذكرة تأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي وُصفت بأنها “ابتكارية” من قبل مدير مكتب الموازنة راسل فُوت لاستمرار عمل مؤسسات الدولة بطرق تُرضي البيت الأبيض وتزيد الضغط على خصومه في الحزب الديمقراطي.
ومن بين هذه الإجراءات، أشار المكتب إلى أن نحو 750 ألف موظف فيدرالي في إجازة قسرية لا يتمتعون بضمان قانوني للحصول على رواتبهم بأثر رجعي، كما مضى قدمًا في فصل بعض الموظفين أثناء الإغلاق رغم محاولات قضائية لوقف عمليات التسريح، فضلًا عن تجميد مليارات الدولارات من المشاريع في مناطق ذات أغلبية ديمقراطية.
انتقادات حادة
الهجوم الأشد جاء من بوبي كوغن، المسؤول السابق في مكتب الموازنة خلال إدارة الرئيس جو بايدن، الذي كتب على منصة إكس، قائلًا: “ترامب وفُوت ينتهكان جانبي قانون الإنفاق في آنٍ واحد، فهم يمتنعون عن الصرف حيث يفرض القانون الإنفاق، وينفقون في مجالات لا يملكون فيها الأموال”.
وأضاف كوغن أن ترامب بات بمثابة: “ملك الاعتمادات المالية”، وجعل من اتفاقات الإنفاق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية أمرًا بلا قيمة.
معركة جديدة
تُظهر هذه التطورات تصعيدًا جديدًا في الصراع الدستوري بين البيت الأبيض والكونغرس حول من يملك الكلمة الأخيرة في الإنفاق الفيدرالي.
ورغم سعي ترامب لتوسيع سلطاته التنفيذية تحت ذريعة “الضرورة العسكرية”، يرى معارضوه أن هذه الخطوة تمثل سابقة خطيرة تهدد توازن السلطات الذي رسخه الآباء المؤسسون قبل أكثر من قرنين.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز