اتفاق غزة.. لماذا تأخر إرسال قوات دولية إلى القطاع؟

على الرغم من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ منذ أيام، لا تزال قضية نشر قوات دولية في القطاع تراوح مكانها.
ويقوم وقف إطلاق النار في غزة على افتراضات رئيسية مثل تخلي مسلحي حماس عن أسلحتهم، ووجود قوات دولية للحفاظ على السلام مع انسحاب إسرائيل العسكري من القطاع.
لكن الدول التي قد تُشكل تلك القوة مترددة في إرسال جنودها الذين قد يدخلون في صراع مباشر مع حماس وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية نقلا عن دبلوماسيين ومصادر مطلعة على المناقشات.
ونصت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 نقطة، والتي أدت إلى وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحماس وتبادل للأسرى على نشر فوري لـ”قوة استقرار دولية مؤقتة” في غزة وكانت الفكرة أن تقوم القوة الدولية بتأمين المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية، ومنع دخول الذخائر إلى القطاع، وتسهيل توزيع المساعدات، وتدريب قوة شرطة فلسطينية.
وقد يحدد إنشاء ونشر قوة دولية في غزة ما إذا كان وقف إطلاق النار الحالي لديه فرصة للتطور إلى اتفاق دائم، وما إذا كان الإسرائيليون والفلسطينيون يتجهون نحو الهدف الأوسع المتمثل في سلام دائم.
وقال دبلوماسيون ومسؤولون من عدة دول إن هذا المقترح لم يحقق أي تقدم يُذكر فيما يتعلق بموعد تشكيل القوة وذلك بسبب الغموض حول مهمتها وهو الأمر الذي يمثل العقبة الأخطر.
وقال ممثلون من عدة دول من المحتمل مشاركتها في القوة الدولية إنهم لن يلتزموا بإرسال قوات حتى يتضح بشكل أكبر المهمة المتوقعة منها بمجرد وصولها إلى غزة.
ويكمن القلق الرئيسي لدى هذه الدول هو أن يكون المتوقع من جنودهم قتال مسلحي حماس نيابة عن إسرائيل وهو احتمال كاف لأن يتراجع العديد من الدول عن المشاركة.
وخلال مناقشات خاصة، أشارت بعض الدول إلى أنها لا تريد أن تنتشر قواتها في مراكز مدن غزة، نظرًا للخطر الذي تشكله حماس وشبكات أنفاقها هناك، بحسب ما ذكرته المصادر المطلعة لـ”نيويورك تايمز” بشرط عدم الكشف عن هويتها.
ويحرص الوسطاء الذين تفاوضوا على وقف إطلاق النار على إدخال قوة دولية إلى غزة بسرعة لتحقيق الاستقرار في المنطقة قبل أن تُرسّخ حماس سلطتها في نصف غزة تقريبًا الذي انسحبت منه إسرائيل حتى الآن.
وفي بيان حكومي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده ستنضم إلى قوة عمل وصفها بأنها ستُشرف على وقف إطلاق النار ومن المُرجّح أن يُشكّك بعض قادة إسرائيل في دور تركيا في غزة بسبب إدانات أردوغان المتكررة لإسرائيل خلال العامين الماضيين.
وفي خطابه في الأمم المتحدة الشهر الماضي، قال الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو إن بلاده مُستعدة لنشر 20 ألف جندي أو أكثر “للمساعدة في تأمين السلام في غزة” ومناطق حرب أخرى.
وقد يُؤدي عدم اليقين بشأن الجهة المسؤولة عن الأمن في غزة إلى ترك أجزاء من القطاع بدون أي وجود عسكري في مواجهة حماس لأسابيع، أو لأشهر.
وقال دبلوماسيون إنه بدون مثل هذه القوة والحكومة، قد تصبح حماس سلطة حاكمة وحيدة في غزة وبالتالي من غير المرجح أن ينسحب الجيش الإسرائيلي أكثر من ذلك.
وفي مقابلته قبل أيام مع برنامج “60 دقيقة” على شبكة “سي بي إس” الأمريكية، قال غاريد كوشنر، صهر ترامب وأحد مهندسي وقف إطلاق النار “لكي يتم نزع سلاح حماس، نحتاج إلى إنشاء قوة استقرار دولية، ومن ثم تحتاج قوة الاستقرار الدولية إلى إنشاء حكومة فلسطينية محلية”.
ويقول المحللون إنه من غير المرجح أن تنشر الدول العربية جنودًا في غزة إذا كانت تخشى أن تنجر إلى اشتباكات مع مسلحي حماس وأيضًا إذا لم تكن مشاركتهم مرتبطة بمسار يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية وهو الأمر الذي تعارضه حكومة إسرائيل.
وقال غيث العمري، الخبير في الشؤون الفلسطينية والباحث البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، “إن التدخل العسكري في غزة محفوف بالمخاطر السياسية للدول العربية” وأضاف “لا يريدون التدخل ويُنظر إليهم على أنهم يقومون بأعمال إسرائيل القذرة. لذا فهم بحاجة إلى دعوة فلسطينية وتفويض من مجلس الأمن الدولي”.
وتابع “كما أنهم لا يريدون أن تقتصر مساهمتهم على مجرد تأمين وقف إطلاق نار لا يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي”.
كانت فكرة نشر قوة حفظ سلام دولية في غزة قيد النقاش منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأشارت مقترحات مختلفة من فرنسا والولايات المتحدة ودول أخرى إلى ضرورة تشكيل مثل هذه القوة سريعًا بعد انتهاء القتال بين إسرائيل وحماس.
كما تجري حاليا مناقشات حول إنشاء قوة شرطة فلسطينية منفصلة قد تعمل في المناطق الحضرية بغزة وتبدو السلطة الفلسطينية، التي تدير قوة شرطة كبيرة في الضفة الغربية، مرشحًا طبيعيًا، لولا معارضة إسرائيل.
فقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضًا قاطعًا أي تدخل فعلي للسلطة في غزة وذلك في إطار سعيه الطويل لمنع وقوع الضفة وغزة تحت سيطرة الكيان الفلسطيني نفسه.
وعندما حددت حكومة نتنياهو شروطها لإنهاء الحرب في أغسطس/آب الماضي تضمنت بيانًا صريحًا بأن السلطة الفلسطينية لن تحكم غزة.
ويرى المسؤولون الفلسطينيون أن إعادة تأكيد السلطة سيطرتها على غزة ستتطلب على الأرجح تخطيطًا دقيقًا وتدريبًا إضافيًا لقواتها الأمنية.
ويوم الخميس الماضي، قال محمد مصطفى، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، إن مصر والأردن تُقدمان تدريبًا لبعض ضباط السلطة، وأن السلطة “ستبدأ عملها تدريجيًا” في غزة بعد الحرب لكنه لم يُحدد جدولًا زمنيًا.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز