اسعار واسواق

الهجرة في فرنسا.. لماذا يظل عدد المهاجرين غير الشرعيين موضوعا محرّما؟


أثار وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز جدلاً واسعاً بعد تصريحاته المتناقضة بشأن عدد المهاجرين غير النظاميين في فرنسا.

فبينما تحدث أولاً عن 200 إلى 300 ألف شخص، عاد بعد يومين ليذكر رقم 700 ألف، قبل أن يقرّ بأن التقديرات الواقعية تتراوح على الأرجح بين 600 و900 ألف شخص.

ويعد عدد المهاجرين غير الشرعيين أحد أكبر المحظورات في النقاش العام الفرنسي، فكل تصريح رسمي بشأنه يثير جدلاً سياسياً حاداً، إذ يتهم الوزراء والقياديون، خصوصاً من اليمين، بتضخيم الأرقام أو استغلالها سياسياً.

وقال نونيز في مقابلة تلفزيونية على قناة “إل.سي.إي” الفرنسية يوم الاثنين إنه يفضل “عدم إعطاء رقم لتجنّب الجدل”، قبل أن يفلت منه رقم صغير جداً لا يعكس الواقع. وحين واجهه الصحفيون مجدداً عبر “يورب 1″ اضطر إلى التراجع والتحدث عن 700 ألف مهاجر غير شرعي، موضحاً: تبدو لي الفئة بين 600 و900 ألف متماسكة، لكن 700 ألف رقم معقول تماماً”.

وقالت صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية إن هذا التناقض في الأعداد ليس بجديد موضحة أنه في عام 2022، قال النائب اليميني إريك سيوتي إن فرنسا تضم “بين 700 و800 ألف وربما مليون” مهاجر غير شرعي، ما أثار حينها عاصفة من الانتقادات.

وتابعت” أن خصوم سيوتي ذكروه بأنه “لا وجود لأي رقم رسمي” في هذا المجال، لأن المهاجر غير النظامي لا يُسجَّل بطبيعته في أي قاعدة بيانات.

ومع ذلك، يرى العديد من الخبراء أنه من الممكن تقدير عددهم بشكل تقريبي ومبني على مؤشرات ملموسة.

المساعدة الطبية للدولة: المؤشر الأوثق

والمؤشر الأبرز لتقدير عدد المهاجرين غير الشرعيين هو عدد المستفيدين من “المساعدة الطبية للدولة” (AME)، وهي خدمة صحية مجانية لا يستفيد منها سوى الأجانب المقيمين بشكل غير قانوني في فرنسا.

في عام 2024، بلغ عدد المستفيدين من هذه المساعدة 465 ألف شخص، ما يجعل من غير المعقول أن يكون العدد الإجمالي للمهاجرين غير الشرعيين أقل من هذا الرقم.

لذلك، يُعتبر تصريح الوزير الأول (200 إلى 300 ألف) بعيداً عن المنطق. ويرى المراقبون أنه إمّا لم يكن يملك الأرقام الدقيقة، أو أنه أُربك بالسؤال فارتكب خطأ في التقدير.

نحو 900 ألف مهاجر غير شرعي

وتشير الدراسات الرسمية إلى أن نصف الأشخاص فقط المؤهلين لـ “المساعدة الطبية للدولة” يستفيدون فعلاً منها.

فبحسب معهد البحوث والدراسات الاقتصادية والاجتماعية التابع لوزارة الصحة، فإن معدّل “عدم اللجوء” إلى هذه المساعدة مرتفع جداً. ولو افترضنا أن نصف المؤهلين فقط يستفيدون، فإن العدد الحقيقي للمهاجرين غير النظاميين قد يبلغ نحو 900 ألف شخص في عام 2024.

ويقول نيكولا بوفرو-مونتي، مدير المرصد الفرنسي للهجرة والديموغرافيا :”قد يكون معدل عدم اللجوء إلى المساعدة قد انخفض بسبب نشاط الجمعيات المؤيدة للمهاجرين. كما أن بعض المهاجرين غير الشرعيين لا يحق لهم أصلاً الاستفادة من “المساعدة الطبية للدولة”، إذ يشترط الحصول عليها الإقامة في فرنسا لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ودخلاً منخفضاً جداً، ما يستثني أولئك الذين يعملون ولو بشكل محدود”.

ووفقاً لصحيفة “لوفيجارو” فإنه ليس هناك رقم رسمي دقيق لعدد المهاجرين غير الشرعيين في فرنسا، لكن جميع المؤشرات تتراوح نحو نطاق ما بين 600 و900 ألف شخص.

ورغم وضوح هذه التقديرات، يبقى الموضوع محاطاً بالتردد والالتباس السياسي، خشية تأجيج النقاش العام حول الهجرة، أحد أكثر الملفات حساسية في الساحة الفرنسية.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى