اسعار واسواق

أمريكا وفنزويلا.. 3 مؤشرات تنذر باقتراب الحرب


استعراض عسكري تزايدت وتيرته في الآونة الأخيرة، بمنطقة البحر الكاريبي، مما أثار المخاوف من أن الولايات المتحدة وفنزويلا تتجهان نحو خطر الحرب.

فعلى مدار الأشهر الماضية، حشدت واشنطن وجودًا بحريًا وجويًا مكثفًا قرب المياه الفنزويلية – وهو الأكبر منذ عقود – مع السماح لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالعمل داخل البلاد.

وتصاعدت العمليات، التي صُوِّرت رسميًا كجزء من حملة لمكافحة المخدرات، بشنِّ الولايات المتحدة غارات على عدة سفن يُزعم أنها تحمل مخدرات.

وأفادت السلطات الفنزويلية بأن هذه الغارات أسفرت عن مقتل 37 شخصًا على الأقل، رغم أن الولايات المتحدة لم تُقدِّم سوى تفاصيل محدودة عمن كانوا على متنها.

هذه الهجمات أثارت إدانة إقليمية، وزادت المخاوف من أن يكون الهدف الحقيقي هو الضغط على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو للتخلي عن السلطة.

ماذا يعني ذلك؟

بحسب صحيفة «نيوزويك» الأمريكية، فإن الولايات المتحدة لم تظهر هذا المستوى من القوة العسكرية في أمريكا اللاتينية منذ الحرب الباردة، مشيرة إلى أن تقارب القوات التقليدية مع العمليات الاستخباراتية السرية تمثل تصعيدًا حادًا.

وبالنسبة لإدارة ترامب، تُصوَّر الحملة على أنها جهدٌ لخنق طرق تهريب المخدرات واستهداف ما يُسمى بـ«إرهابيي المخدرات»، أما بالنسبة للمنتقدين، فهي تُمثل نمطًا مألوفًا: «تمهيدًا لتغيير النظام مُتسترًا بغطاءٍ من سلطات إنفاذ القانون».

أما بالنسبة لفنزويلا، فإن الوضع أصبح تهديدًا للأمن القومي واختبارًا سياسيًا في آنٍ واحد. وقد وضعت الحكومة قواتها المسلحة في حالة تأهب، ولجأت إلى الأمم المتحدة طلبًا للدعم، محذرة من أن الحملة الأمريكية قد تنتهك سيادتها. ومع استعداد كلا الجيشين للمواجهة، ازداد خطر التصعيد، سواءً كان متعمدًا أم لا، بشكل حاد.

فهل يتجه البلدان إلى قرع طبول الحرب؟

هذه التطورات الثلاثة تسلط الضوء على مدى السرعة التي تتصاعد بها المواجهة، وهي:

1.. توسيع الوجود العسكري الأمريكي

منذ أواخر الصيف، نشرت الولايات المتحدة ثماني سفن حربية، منها ثلاث مدمرات من فئة أرلي بيرك، وثلاث سفن هجومية برمائية، وطراد، وسفينة قتال ساحلية، بدعم من مشاة البحرية، وطائرات مسيرة، وطائرات، ومفارز خفر السواحل.

ويتم تنسيق هذه القوات البحرية مع قواعد رئيسية في بورتوريكو، بما في ذلك قاعدة مونيز الجوية للحرس الوطني ومحطة رادار بونتا بورينكوين، اللتين توفران خدمات لوجستية، ورصدًا، وقدرات انتشار سريع.

كما تستضيف الجزيرة طائرات إف-35 وطائرات أخرى، مما يوسع نطاق العمليات الأمريكية في جميع أنحاء منطقة البحر الكاريبي.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه تم تعزيز الحشد العسكري بعمليات جوية؛ ففي الأسبوع الماضي، نفذت قاذفات بي-52 ستراتوفورتريس «استعراضات هجومية» قرب فنزويلا، تلتها قاذفات بي-1 لانسر التي حلقت في 24 أكتوبر/تشرين الأول باتجاه المجال الجوي الفنزويلي لدعم عمليات التزود بالوقود والمراقبة.

ووصفت الولايات المتحدة المهمة بأنها «تدريب»، إلا أن توقيتها وقربها أثارا مخاوف. ونفى الرئيس دونالد ترامب إرسال الطائرات «قرب فنزويلا لعرض القوة»، واصفًا التقارير بأنها «كاذبة»، رغم أن بيانات التتبع المستقلة أظهرت عكس ذلك.

وتُكمّل عمليات الانتشار البحري والجوي طائراتٌ بدون طيار ومروحيات، بما في ذلك طائرة بوينغ MH-6M، العاملة في المنطقة. وبينما تُصوّر واشنطن هذا التعزيز العسكري على أنه جهدٌ لمكافحة المخدرات، إلا أن حجمه وتنسيقه يُشبهان عمليات التعبئة التي سبقت الحرب، مما يُسلّط الضوء على تزايد حدة المواجهة.

2.. الاستعداد العسكري لفنزويلا

في كاراكاس، كان الرد سريعًا. أعلن وزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز أن القوات المسلحة الفنزويلية في حالة تأهب قصوى، واصفًا الإجراءات الأمريكية بأنها استفزازات متعمدة.

ودعا مادورو إلى «تعبئة وطنية»، بتفعيل أكثر من 4.5 مليون عضو من المليشيا البوليفارية الوطنية، ونشر قوات عسكرية على طول ساحل البحر الكاريبي.

وأشارت فنزويلا إلى ترسانتها التي تضم أكثر من 5000 صاروخ مضاد للطائرات من طراز إيغلا-إس، مؤكدةً استعدادها للدفاع عن الوطن والحفاظ على الاستقرار.

وقدمت فنزويلا -أيضًا- التماسًا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإدانة ما وصفته بـ«الضربات غير القانونية» على السفن قرب سواحلها، بعد أن زعمت القوات الأمريكية تدمير عدة قوارب صغيرة قالت إنها تحمل مخدرات.

قاذفة أمريكية من طراز B-52H

وتُصر إدارة ترامب على أن العمليات كانت مُبررة، حيث صرّح الرئيس بأن إحدى السفن كانت «مُحمّلة في الغالب بالفنتانيل» – وهو ادعاء يُفنّده بعض الخبراء، مُشيرين إلى أن هذه المادة الأفيونية المُصنّعة تُنتج بشكل كبير في المكسيك وليس في أمريكا الجنوبية.

واستغلت حكومة مادورو هذه التناقضات للزعم بأن الحملة ذات دوافع سياسية. وكان وزير الخارجية ماركو روبيو، أحد أشد منتقدي مادورو، قد وصفه سابقًا بأنه «ديكتاتور فظيع»، وألمح إلى أن السياسة الأمريكية تهدف إلى إزاحته من السلطة.

3.. العمليات السرية

عندما سُئل مؤخرًا عما إذا كانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) تملك صلاحية استهداف مادورو، وصف ترامب السؤال بأنه «سخيف» ورفض الإجابة.

وأضاف أن الولايات المتحدة «تنظر إلى الأرض الآن»، مشيرًا إلى أنها تدرس احتمال شن عمليات عسكرية على الأراضي الفنزويلية.

ووفقًا لوسائل إعلام أمريكية متعددة، منها صحيفة نيويورك تايمز ورويترز، تُقدم وكالة المخابرات المركزية معلومات استخباراتية لدعم العمليات العسكرية، باستخدام الأقمار الصناعية والطائرات المُسيّرة وأجهزة اعتراض الإشارات لتتبع السفن التي يُزعم تورطها في تهريب المخدرات.

قاذفة أمريكية من طراز B-52H

ويُنفذ الجيش الأمريكي الضربات، لكن التفاصيل حول المستهدفين لا تزال محدودة، مما يُثير مخاوف قانونية وأخلاقية.

ولطالما كان تورط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية موضع شك في أمريكا اللاتينية، نظرًا لتاريخها الحافل بالتدخلات السرية ودعمها للأنظمة اليمينية، بما في ذلك محاولات سابقة لتغيير النظام في تشيلي والبرازيل.

وتُبرز عملياتها الحالية تكاملها المتزايد مع التخطيط والمراقبة العسكرية الأمريكية في منطقة البحر الكاريبي.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

ودعت فنزويلا إلى الهدوء وسط تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة وأكد مادورو أن البلاد لن تقبل التدخل الأجنبي، معلنا: «لا حرب مجنونة، من فضلكم».

ومع تزايد الانتشار العسكري الأمريكي في منطقة البحر الكاريبي، وتجميد القنوات الدبلوماسية إلى حد كبير، لا تزال الدولتان في حالة تأهب قصوى. ولم تحظَ نداءات فنزويلا للأمم المتحدة إلا بقدر محدود من الزخم حتى الآن، بينما تواصل واشنطن عملياتها في المنطقة.

والسؤال الرئيسي الآن هو: ما إذا كانت هذه المظاهر للقوة رمزية بحتة، أم أن الضربة أو الهروب أو العمل السري المقبل قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين البلدين؟

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى