اسعار واسواق

«الإعمار والتنمية».. ورقة السوداني لتوازنات سياسية جديدة في العراق


في خضم التحضيرات للانتخابات البرلمانية العراقية المقررة الشهر المقبل، يبرز تحالف الإعمار والتنمية، بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، كقوة سياسية طموحة تسعى لإعادة رسم التوازنات داخل مجلس النواب.

هذا ما أكدته مصادر سياسية مطلعة تحدثت لـ«العين الإخبارية»، أشارت إلى أن ذلك التحالف يعكس تحولاً استراتيجياً مهمًا، وخاصة بعد ابتعاد السوداني عن الاعتماد التقليدي على «الإطار التنسيقي» الشيعي الذي ساعده على الوصول إلى السلطة في 2022، متجهاً نحو بناء نواة برلمانية مستقلة ترتكز على الإنجازات الحكومية في قطاعات الإعمار والتنمية والخدمات العامة.

وقالت المصادر، إن السوداني أصبح واثقاً من قدرته على تشكيل كتلة أكبر في البرلمان القادم، مدعومة حالياً بما يقارب 54 إلى 60 نائباً، وهو «مستوى نادر» في السياسة العراقية منذ 2003، حيث كانت الكتل الشيعية عادة تتفكك بعد كل دورة انتخابية.

وأضافت أن هذا العدد مرشح للارتفاع بشكل كبير مع انضمام نواب مستقلين ومنشقين عن كتل أخرى، ما يعزز نفوذ التحالف داخل الدورة التشريعية المقبلة.

ووفقاً للمصادر، فإن الكتلة الأكبر المستهدفة، والمعروفة باسم «تحالف الأقوياء»، من المتوقع أن تضم قوى كردية وسنية وشيعية متنوعة، لتشكيل جبهة برلمانية واسعة قادرة على مواجهة المعارضة، بما في ذلك ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، الذي أعلن رفضه لولاية السوداني الثانية.

تحول جذري

ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لإحداث «تحول جذري» في النظام السياسي، وإضعاف تأثير القوى التي اعتبرها التحالف معرقلة، بما في ذلك التيارات المتشددة ونظام التوافق الذي طالما اعتُبر مصدراً للجمود السياسي في العراق.

ويعتقد السوداني، وفق المصادر نفسها، أن تشكيل كتلة برلمانية قوية تضم نحو 100 مقعد على الأقل سيمنحه القدرة على لجم تدخل الأحزاب في عمل الحكومة، وتسهيل تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والخدمية التي تعكس أولويات التحالف في تعزيز الاستقرار وتحسين حياة المواطنين.

وبحسب المصادر، فإن الاستراتيجية الانتخابية للتحالف لا تقتصر على جمع الأصوات فقط، بل تشمل إقناع نواب من خلفيات متنوعة بالانضمام إلى الكتلة لضمان استقرار سياسي طويل الأمد وتحقيق الاستفادة من الفرص الاقتصادية المرتقبة في البلاد.

ولاية ثانية للسوداني

وقالت المرشحة المحامية عن ائتلاف السوداني “انتصار حسن يوسف الموسوي” لـ”العين الإخبارية”، إن “ائتلاف الإعمار والتنمية بقيادة السوداني يركز على تحسين الخدمات العامة”.

وأضافت أن “أكثر من نصف العراقيين يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح لأول مرة منذ عام 2004، وفي استطلاع حديث وسري أجرته الماكنة الانتخابية لتحالف السوداني، قال 55% من العراقيين إن لديهم ثقة بالحكومة المركزية”.

وتابعت: “مرشحونا أبناء الميدان لا أبناء الشعارات والسوداني سيكون رئيساً للوزراء للولاية الثانية رغم وجود بعض المعارضين من التحالف الشيعي الحاكم”، مشيرة إلى أن الشعب سوف يصوت لمن أنجز وتحت شعار “العراق أولاً” بعيداً عن سياسة الأزمات.

ومع ذلك، فقط المالكي سبق له أن شغل منصب رئيس الوزراء لفترة ثانية منذ 2003. ويشير بعض المحللين إلى أن تشكيل الحكومة لا يعتمد فقط على نتائج الانتخابات، بل على اتفاقات الكتل السياسية والتفاهمات الإقليمية والدولية. كما أن الخلافات بين السوداني وبعض قادة الإطار التنسيقي الشيعي قد تعرقل فرصه في الحصول على ولاية ثانية.

غياب بعض القوى

ويشارك في الانتخابات 7,768 مرشحاً بينهم 2,248 امرأة و5,520 رجلاً يتنافسون على 329 مقعداً برلمانياً. ومن أبرز القوى السياسية الشيعية التي تشارك، كتل تتبع قادة مثل نوري المالكي وعمار الحكيم وهادي العامري وقيس الخزعلي ومحسن المندلاوي، إضافة إلى بعض الفصائل المرتبطة بالمسلحين. كما يشارك بعض الفصائل السنية والأحزاب الكردية الرئيسية.

لكن من اللافت غياب التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، التي فاز بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات 2021، لكنه انسحب لاحقاً بسبب فشل التوصل لتشكيل الحكومة. كما أعلن تحالف النصر بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي مقاطعة الانتخابات، متهماً العملية الانتخابية بالفساد.

شبهات شراء الأصوات والعنف السياسي

وتتضمن الانتخابات الحالية اتهامات واسعة بالفساد وشراء الأصوات، حيث يصل سعر بطاقة الناخب الواحدة أحياناً إلى 300 ألف دينار عراقي (200 دولار). وأكدت مفوضية الانتخابات العليا المستقلة التزامها بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، محذرة من استبعاد أي مرشح يثبت تورطه في خروقات قانونية أو شراء أصوات.

وشهدت الحملات الانتخابية أعمال عنف، ففي 15 أكتوبر/تشرين الأول، قُتل مرشح سني بمجلس محافظة بغداد إثر انفجار سيارة مفخخة، ويشتبه بأن الحادث مرتبط بالمنافسة الانتخابية.

دور المليشيات في الانتخابات

الأحزاب المرتبطة بالمليشيات المدعومة من إيران تستغل نفوذها العسكري والمالي؛ أبرزها كتائب حزب الله وكتلة صادقون التابعة لعصائب أهل الحق. رغم وضع بعض هذه الفصائل تحت سيطرة هيئة الحشد الشعبي رسمياً، إلا أنها تعمل عمليا باستقلالية كبيرة.

وأكد السوداني، أن الفصائل المسلحة التي تحولت إلى كيانات سياسية لها الحق الدستوري بالمشاركة في الانتخابات، شريطة التخلي عن السلاح، لكن بعض المليشيات المشاركة ما تزال نشطة ومسلحة.

وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن وزير الخارجية ماركو روبيو شدد على ضرورة نزع سلاح الميليشيات المدعومة من إيران التي تهدد سيادة العراق.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى