اسعار واسواق

جيه دي فانس.. سؤال شخصي يتحول إلى اختبار سياسي مفتوح أمام واشنطن


في قاعة مكتظة بطلاب جامعة ميسيسيبي، وبين أجواء مشحونة بالفضول والجرأة، وجد نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس نفسه في مواجهة سؤال غير مألوف، لا عن السياسة الخارجية أو الاقتصاد، بل عن حياته الخاصة.

فخلال فعالية نظمها تحالف “تيرنينغ بوينت يو إس إيه”، وقفت إحدى الحاضرات لتسأله بصوت واضح: “أنت متزوج من امرأة غير مسيحية، فكيف تبرّر ذلك وأنت تتبنّى مواقف محافظة؟”

كان سؤالا بسيطا في مظهره، لكنه اختبر توازن نائب الرئيس بين القيم العائلية والمبادئ السياسية، وبين خصوصيته الشخصية وصورته العامة أمام ملايين الأمريكيين، بحسب صحيفة ديلي ميل.

لم يتردّد فانس، الذي بدا متماسكًا رغم عنصر المفاجأة ليتبادل نظرة سريعة مع زوجته أوشا الجالسة بين الجمهور، ثم ابتسم قائلاً بنبرة مازحة: “سأنهي الإجابة على سؤالك، وإذا أجبت عن كل أسئلتك التسعة في أقل من 15 دقيقة، يمكننا المتابعة”.

انفجرت القاعة بالضحك، وتبدّد التوتر. لكن خلف الدعابة، كان فانس يدرك أن اللحظة تتجاوز حدود الطرافة — إنها لحظة اختبار علني لقدرة نائب الرئيس على التعامل مع أكثر الملفات حساسية: الدين، الهوية، والانتماء.

صراحة غير مألوفة من رجل في المنصب الثاني

بعد أن هدأ التصفيق، أجاب فانس بصراحة لافتة: “نعم، زوجتي نشأت على الديانة الهندوسية، لكنها لم تكن يومًا متدينة كثيرًا. عندما التقينا في الجامعة، كنا نعتبر أنفسنا لادينيين”.

وأوضح أنه اعتنق الكاثوليكية عام 2019، بينما بقيت أوشا على ديانتها، مضيفًا بابتسامة: “أوشا تحضر القداس معنا في معظم أيام الأحد. هل أتمنى أن تتحرك مشاعرها كما تحركت مشاعري في الكنيسة؟ نعم، بصراحة أتمنى ذلك”.

ردّه الصادق قابله الجمهور بتصفيق حار، بينما بدت زوجته تبتسم بفخر. وفي تلك اللحظة، بدا فانس كأنه يقدّم للناخب الأمريكي درسًا في التوازن بين الانفتاح الشخصي والالتزام الديني، وهي معادلة نادرة في المشهد السياسي الأمريكي المحافظ.

واشنطن تراقب.. والإعجاب في الكواليس

ووفقًا لتقارير صحفية، لفت أداء فانس أنظار البيت الأبيض والمراقبين السياسيين في واشنطن. فوصفه مصدر داخل الإدارة بأنه “سريع البديهة، مطّلع، ويتحدث بصدق واحترام”، مشيرًا إلى أن سماح نائب الرئيس بأسئلة مفتوحة من الجمهور لمدة ساعة كاملة – أمر غير معتاد في مثل تلك المناسبات الرسمية.

لكن خلف الثناء، رأت بعض الدوائر في واشنطن أن الحدث لم يكن مجرد حوار جامعي، بل اختبار حقيقي لنائب الرئيس الطموح، الذي يُنظر إليه كأحد أبرز الأسماء الجمهورية استعدادًا لمرحلة ما بعد ترامب.

من الشخصي إلى السياسي: مواقف تُظهر الحزم والانضباط

لم يكتف فانس بالدفاع عن خياراته الشخصية، بل انتقل بثقة إلى ملفات سياسية حساسة.

وعندما سُئل عن إمكانية استخدام الجيش الأمريكي لاحتواء الاحتجاجات، قال بحزم: “لا يمكننا أن نتراجع عن اتخاذ إجراء لأن اليسار قد يستخدمه لاحقًا. اليسار سيفعل ذلك على أي حال. هذه خلاصة الأربعين عامًا الماضية”.

المال والتكنولوجيا.. منطقة رمادية يتعامل معها بحذر

لم يتجنب فانس الأسئلة المتعلقة بالممولين الجمهوريين أو بشركات التكنولوجيا المثيرة للجدل مثل “بالانتير”، التي يملك الملياردير بيتر ثيل جزءًا منها. وقال فانس بلهجة محسوبة: “بالانتير شركة خاصة تقدم خدمات مفيدة أحيانًا، لكنها تفعل أيضًا أشياء لا نرضى عنها”.

ثم أضاف مؤكدًا رفضه القاطع لانتهاك خصوصية المواطنين أو تحويل التكنولوجيا إلى أداة مراقبة سياسية.

هتافات “48!”.. طموح لا يُخفى

ومع اقتراب الفعالية من نهايتها، علت هتافات الطلاب “48”، “48”، “48” في إشارة إلى رؤيتهم له كـ الرئيس الأمريكي الثامن والأربعين المحتمل في انتخابات 2028.

ابتسم فانس وردّ بابتسامة حذرة: “دعونا لا نستبق الأمور”، لكن تعابير وجهه قالت ما لم يقله بصراحة: أن هذا الطموح بات حديثًا مشروعًا في أروقة واشنطن.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى