اسعار واسواق

خبراء يكشفون لـ«العين الإخبارية» بصمات الجيل Z في الاستدامة وصناعة المستقبل الأخضر


ذاع صيت الجيل “زد” (Z) خلال السنوات الأخيرة، وهو يشير إلى الفئة السكانية التي وُلدت بين عامي 1997 و2012، وتسبق جيل ألفا، وتلي جيل الألفية.

وقد اشتهر هذا الجيل بكونه أول من نشأ في العالم الرقمي، وشهد الثورة التكنولوجية الحديثة، ويُعد الأكثر ارتباطًا بوسائل التواصل الاجتماعي، فضلًا عن كونه الأكثر وعيًا بالقضايا الاجتماعية والبيئية.

وهنا يبرز السؤال الأهم: ما دور هذا الجيل في القضية المناخية والاستدامة؟

فقد انطلق أول مؤتمر للأطراف المعنية بالتغيرات المناخية (COP1) في برلين عام 1995، أي قبل أن يُولد جيل Z، لكنه كبر في حقبة زمنية تفاقمت فيها آثار التغير المناخي، وشهد كوارث بيئية ناتجة عن الأنشطة البشرية. وهو الجيل ذاته الذي خرج إلى الساحة الدولية ممثلًا المجتمعات المحلية التي قد لا تملك الإمكانات ذاتها، ليعبّر عن مطالبها ومعاناتها جراء الأزمة المناخية.

لقد أُتيحت لهذا الجيل أدوات رقمية وتقنيات متطورة مكّنته من التعبير عن أفكاره ورفع صوته عالميًا، وقد اتفق عدد من الخبراء الذين تحدّثت إليهم “العين الإخبارية” على أن جيل Z هو الأكثر استفادة من الثورة التكنولوجية، خاصةً أنه الجيل الذي عاش تأثيرات التغيرات المناخية بشكل مباشر، ما جعله من أكثر الأجيال دعمًا للقضية المناخية بصورة واضحة.

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور شريف الرفاعي، المتخصص في السياسات المناخية ومسؤول العلاقات الدولية بشركة “إيكوكود”، لـ”العين الإخبارية”: “الجيل Z هو أبرز مثال على جيل وُلد داخل هذه العاصفة المناخية الرقمية. إنه الجيل الذي يعيش تبعات الأزمة بشكل يومي، ويواجه مستقبلاً مهددًا بتغيرات بيئية جذرية”.

بينما تحدث الدكتور جواد الخراز، منسق مبادرة “تيراميد”، لـ”العين الإخبارية” قائلا إن “جيل Z يتميز بوعي بيئي عالٍ، وهو أكثر انخراطًا في القضايا المناخية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات”.

ومن جانبها، تُدلي سارة بن عبد الله، مسؤولة الحملات في منظمة “غرينبيس” الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بوجهة نظرها قائلة لـ”العين الإخبارية”: “جيل Z اليوم يلعب دورًا محوريًا، وهو نبض الاستدامة في منطقتنا والعالم، لأنه جيل فتح عينيه على العالم من خلال السوشيال ميديا، ما جعله أكثر وعيًا وترابطًا مع قضايا المناخ والعدالة الاجتماعية منذ عمر صغير. وما يجب أن نتذكره أن جيل Z هو أول جيل وُلد مع الإنترنت، وهذا الامتياز منحه وصولًا فوريًا وغير مسبوق إلى المعلومة، والنقاشات العالمية، وأصوات من مختلف الثقافات والحركات”.

وتُضيف: “هذا الانفتاح المبكر جعل وعيه أعمق، وحسّه النقدي أقوى، وصوته أعلى، وخلق لديه حساسية عالية تجاه مستقبل الكوكب، مما دفع نسبة كبيرة منهم إلى الانخراط في الحركات المناخية والمبادرات المجتمعية”.

أما لؤي الأطرش، المدير التنفيذي لشبكة “الأصوات الخضراء للشباب العربي”، فيقول لـ”العين الإخبارية”: “يُشار عادةً إلى جيل Z باعتباره الجيل الذي وُلد من منتصف التسعينيات إلى مطلع الألفية الجديدة. إنه جيل عاش مرحلة انتقالية كبيرة، وشهد الثورة التكنولوجية، ويُعد الأكثر قدرة على التعامل مع السوشيال ميديا وتوظيفها لرفع أصواتهم والتعبير عن آرائهم في موضوعات متعددة، كالتغيرات المناخية والاستدامة أو النزاعات والاحتياجات المجتمعية المختلفة”.

ويُضيف الأطرش: “بالفعل، فإنّ موضوع التغير المناخي مطروح على النطاق الدولي منذ عقود، لكنه تصدّر المشهد خلال السنوات الأخيرة، وهنا برز جيل Z الذي عاش هذا الوعي المناخي ونمّاه”.

وبالفعل، يتابع هذا الجيل السياسات المناخية عن قرب، ويقدّم ابتكارات وحلولًا مستدامة. ويرى الدكتور جواد الخراز أن “جيل Z يدفع الشركات والحكومات نحو تبنّي سياسات مستدامة من خلال حملات الضغط والمقاطعة، بل ويبتكر حلولًا جديدة عبر التكنولوجيا وريادة الأعمال الخضراء”.

وتتفق معه سارة بن عبد الله، مضيفةً أن: “جيل Z لا يكتفي بالتوعية فقط، بل يضغط ويتحرك ويبتكر ويغيّر أنماط حياته اليومية، ليُثبت أن الاستدامة ليست شعارًا سياسيًا ولا رفاهية، بل مسألة بقاء. بالنسبة لهم، الاستدامة أسلوب حياة يربط بين حاضرهم ومستقبلهم، ودورهم أن يكونوا الحارس والمدافع عن هذا المستقبل”.

وتتابع: “وإذا قارنا وعي جيل Z بالأجيال السابقة، سنلاحظ أن الشباب اليوم أسرع في فهم مفهوم الاستدامة، ليس لأن الآخرين غير مهتمين، بل لأن هذا الجيل يعيش المفهوم يوميًا عبر منصاته الرقمية، ويتابع النقاشات العالمية والوطنية حول البيئة والعدالة المناخية بشكل مباشر”.

أما لؤي الأطرش فيوضح من واقع خبرته: “برأيي يمكن تقسيم الشباب إلى قسمين: القسم الأكبر لا يهتم بموضوعات التغير المناخي والاستدامة لأسباب عديدة تتعلق بالحروب والمشكلات التي تعانيها المجتمعات العربية حاليًا، أما القسم الثاني، فهو الفئة التي ساهمت بصورة كبيرة في دعم القضية المناخية. هذه الفئة استخدمت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لابتكار حلول عملية، رغم أن عددها لا يزال محدودًا للأسف”.

ويعلّق الدكتور شريف الرفاعي قائلًا لـ”العين الإخبارية”: “تقرير حديث لليونيسف أشار إلى أن أكثر من مليار طفل حول العالم يعيشون في دول تُصنّف بأنها عالية المخاطر جدًا من حيث تأثيرات تغير المناخ، وأن نصف أطفال العالم تقريبًا – أي نحو 2.2 مليار طفل – معرضون لمخاطر بيئية مباشرة تشمل موجات الحر والفيضانات وتلوث الهواء ونقص المياه. هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات علمية، بل حقائق تُشكّل وعي جيل كامل. ولهذا، يتعامل جيل Z مع الاستدامة ليس كشعار، بل كأسلوب حياة. نراه في اختياراته اليومية، في طريقة استهلاكه، وفي وعيه بما يشتريه أو يروّج له. إنه جيل يطالب الشركات بالشفافية، ويدفع المؤسسات نحو التغيير، ويضغط على الحكومات من خلال المظاهرات والمنصات الرقمية. هو الجيل الذي لا ينتظر الحلول، بل يصنعها بنفسه عبر الابتكار والمبادرات المحلية والمشاريع الريادية الخضراء”.

ويختتم لؤي الأطرش حديثه مع العين الإخبارية قائلًا: “أنا مؤمن بأن الأمم لا تُبنى إلا بشبابها. فالشباب هم عماد الأمة ولبنة المجتمع، وإذا لم يكونوا أساس التغيير، لن تنهض الأوطان. ومن هنا تأتي الضرورة الحتمية لإشراك الشباب في العمل المناخي وصنع القرار البيئي”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى