قصة المطر والجفاف.. القواقع تحكي أسرار المناخ في مصر القديمة
أنطق الباحثون الأرض المصرية لتتحدث بلسان الطين والرمل والقواقع، وكشفت لهم أسرار مناخ مصر القديم منذ عصر ما قبل الأسرات.
وتناولت الدراسة التي نشرت في دورية “جورنال أوف أفريكان إرث ساينسز”، تاريخ المناخ في دلتا سقارة-ممفيس، لتكشف عن موجة من الجفاف و الرطوبة تركت بصماتها على حياة المصريين القدماء.
واعتمد الباحثون من جامعات القاهرة وبني سويف والفرنسية بالتعاون مع باحث من كلية لندن الجامعية، على نواة رسوبية عمقها 13 مترا، أخذت من الفيضانات التي حملتها مياه النيل على مر العصور، بالإضافة إلى تحليل نسب نظائر الكربون والأكسجين في قواقع المياه العذبة، حيث كانت كل طبقة من هذه النواة بمثابة صفحة في كتاب طبيعي يحكي كيف تغيرت البيئة، ومتى كانت الأرض رطبة ومزدهرة، ومتى شهدت موجات جفاف قاسية، وكانت القواقع بمثابة سجلات حية للماء والحرارة والنشاط البيولوجي في النهر
وأظهرت النتائج أن فترة ما قبل الأسرات (7–5.2 ألف سنة قبل الميلاد) كانت عموما رطبة، تسمح بزراعة وفيرة وحياة نهرية مزدهرة. أما المملكة القديمة (5.2–4.2 ألف سنة قبل الميلاد)، فقد شهدت في النصف الأول جفاف ملحوظا، قبل أن تتحسن الظروف في أواخر تلك الفترة.
وتبع ذلك موجات قصيرة من الجفاف في نهاية المملكة القديمة، أعقبتها فترات رطبة ومتنوعة خلال المملكة الوسطى، بينما تميزت المملكة الحديثة والممالك اللاحقة بفترات جفاف متكررة حتى نهاية العصر المتأخر، مع تسجيل فترات جفاف حادة عند 1200 و600 ألف سنة قبل الميلاد.
ويقول الباحثون في دراستهم أن “القواقع ليست مجرد كائنات صغيرة، بل سجلات حية للماء والحرارة والنشاط البيولوجي في النهر، ومن خلال دراسة نظائرها، استطعنا إعادة بناء صورة دقيقة للبيئة التي عاش فيها المصريون القدماء”.
وأوضحوا أنه “من خلال مزج البيانات الجيوكيميائية مع التحليل الطبقي للنواة، استطعنا ربط تغيرات المناخ بتاريخ الحضارة المصرية. كل موجة جفاف أو رطوبة تركت بصماتها على كيفية إدارة المصريين القدماء لمياه النيل والزراعة، وكيفية تكيفهم مع الطبيعة”.
وأضافوا أن دراستهم ليست مجرد بحث علمي جاف، بل هي رحلة عبر الزمن، حيث يتحول الطين والرمل والقواقع إلى نافذة على الماضي، تكشف كيف شكلت الطبيعة حياة البشر وأدى توازن المطر والجفاف إلى صعود إمبراطورية عظيمة على ضفاف النيل.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز
