اسعار واسواق

السوداني وانتخابات العراق.. رهان الخبرة بمواجهة تحديات الداخل


مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في العراق، يراهن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على خبرته في إدارة شؤون البلاد ومحاولاته لوضع بغداد على طريق الاستقرار بعد اضطرابات وقلاقل لسنوات، مواجها أحزابا راسخة أوصلته إلى السلطة في ظل مساعيه للفوز بفترة ثانية.

ووسط مؤشرات على تزايد شعبيته قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، يخوض السوداني المنافسة في مواجهة أعضاء بارزين في أحزاب وجماعات مسلحة اختارته في بادئ الأمر لهذا المنصب.

وتركز حملته الانتخابية على تحسين الخدمات الأساسية ويقدم نفسه على أنه الرجل القادر على موازنة العلاقات مع كل من واشنطن وطهران، مؤكدا أنه يتوقع الحصول على أكبر حصة منفردة من المقاعد. ويتفق العديد من المحللين على أن السوداني الذي يتولى السلطة منذ 2022 ويقود ائتلاف الإعمار والتنمية هو المرشح الأوفر حظا للفوز.

ولكن لا يستطيع أي حزب تشكيل حكومة بمفرده في البرلمان العراقي المؤلف من 329 عضوا، مما يفرض على الأحزاب بناء تحالفات مع مجموعات أخرى لتشكيل إدارة، وهي عملية شاقة تستغرق في كثير من الأحيان عدة أشهر.

وشغل السوداني (55 عاما) العديد من المناصب الرئيسية في النظام السياسي العراقي المتقلب، وهو رئيس الوزراء الوحيد الذي لم يغادر البلاد بعد 2003 مطلقا على عكس آخرين خرجوا ثم عادوا، وغالبا بجنسيات جديدة، بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بصدام حسين.

وتقع على عاتقه مهمة صعبة تتمثل في تحقيق التوازن بين الدور غير المعتاد الذي يلعبه العراق كحليف لكل من واشنطن وطهران بينما يحاول إرضاء العراقيين الساعين إلى الوظائف والخدمات وحماية نفسه في عالم السياسة الذي تشتد فيه المنافسة.

وفي عام 2024، أثارت مزاعم تجسس موظفين في مكتب رئيس الوزراء على مسؤولين كبار جدلا واسعا، فيما نفى مستشار سياسي للسوداني هذه المزاعم.

عهد صدام

وُلد السوداني في الرابع من مارس/آذار عام 1970 في بغداد لعائلة تنحدر من محافظة ميسان الريفية جنوب البلاد. وعمل مشرفا زراعيا في عهد صدام حسين رغم مقتل والده وأقارب آخرين بسبب نشاطهم السياسي.

ومنذ الغزو الأمريكي عام 2003، شغل السوداني مناصب عدة منها رئيس بلدية وعضو مجلس محلي ومحافظ ووزير مرتين قبل أن يصبح رئيسا للوزراء.

وقال السوداني لرويترز عام 2023: “عندما نتحدث عن شخص بقي في العراق كل هذه العقود، فهذا يعني أنه يفهم العراق كشعب وكنظام”.

ولكن نفوذ جماعات مسلحة شيعية مدعومة من إيران، بعضها قاتل القوات الأمريكية، بات يلقي بظلاله على مسيرة السوداني السياسية على خلفية تأثيرها المتزايد في شؤون الدولة والسياسة والاقتصاد.

فعلى مدى أشهر في أواخر 2023 و2024، تجاهلت فصائل مسلحة مدعومة من إيران مناشدات السوداني وقف مهاجمة القوات الأمريكية في العراق احتجاجا على الهجوم الإسرائيلي على غزة، مما أبرز حدود نفوذه السياسي. وعرقلت هذه الهجمات فترة من الاستقرار النسبي منذ توليه السلطة بموجب اتفاق أنهى جمودا سياسيا استمر عاما، ولم تتوقف إلا بعد تدخل إيران لكبح جماح تلك الجماعات.

السيطرة على السلاح

ويبذل العراق جهودا لنزع سلاح الجماعات المدعومة من إيران، وهي مسألة تكتسي حساسية سياسية، خاصة وأنها تأتي بضغط من الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه تتفاوض بغداد مع واشنطن لتنفيذ اتفاق بشأن انسحاب تدريجي للقوات الأمريكية.

لكن السوداني قال لرويترز قبل تصويت الأسبوع المقبل إن أي جهود لوضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة لن تنجح ما دام هناك تحالف تقوده الولايات المتحدة في العراق وتعده بعض الفصائل “قوة احتلال”.

وفاز السوداني برئاسة الوزراء بعد أن رشحه الإطار التنسيقي، وهو أكبر تحالف برلماني يتألف من فصائل شيعية بعضها معتدل وبعضها متشدد، وجميعها على علاقة جيدة مع إيران.

وحل السوداني في 2022 محل مصطفى الكاظمي، حليف الغرب الذي وصل إلى السلطة بعد أن خرج متظاهرون مناهضون للحكومة إلى الشوارع بالآلاف في 2019، مطالبين بالتشغيل ورحيل النخبة الحاكمة في العراق.

ويتهم المحتجون الطبقة السياسية في مرحلة ما بعد الغزو بالفساد وسوء الحكم الذي تسبب في اندلاع حركات تمرد وحروب أهلية طائفية وأدخل العراق في حالة من الخلل الإداري والمشكلات الاقتصادية.

ويصف دبلوماسيون مقيمون في بغداد السوداني بأن لديه نوايا إصلاحية لكنهم يقولون إن عليه أن يعمل جاهدا ليظهر أنه ليس سياسيا آخر يسعى للحصول على حصة من ثروة العراق النفطية.

وعد السوداني بإصلاح القطاعات المهملة مثل النظام المالي من خلال إصلاح بنوك الدولة المعرضة للفساد وتعزيز نظام المدفوعات الرقمية وزيادة إنتاج الكهرباء لإنهاء الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي.

لكنه سعى أيضا إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي عبر إيرادات النفط من خلال توظيف مئات الآلاف من العمال في القطاع العام المتضخم مع إقرار أكبر ميزانية في العراق على الإطلاق.

وجعلته تلك الخطوات، والتي شملت بناء طرق وجسور ومساكن في بلد لم يشهد تنمية تذكر منذ عقود، يحظى بشعبية لدى العراقيين العاديين، لكن المراقبين الماليين ينظرون إليها على أنها غير مستدامة.

تغيير جذري

ويقول محللون إنه ينبغي للسوداني التحرر من تأثير عدد من الأحزاب التي أوصلته إلى السلطة لإحداث تغيير جذري، وإن الانتخابات المقبلة هي السبيل الرئيسي للقيام بذلك.

وقال حيدر الشاكري من مركز أبحاث الشؤون الدولية (تشاتام هاوس) “أعتقد أنه يكتسب المزيد من الدعم الشعبي. فهو يُنظر إليه على أنه قائد ذو رؤية جيدة، لكنه مقيد بمحيطه السياسي”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى