اسعار واسواق

شاهد من أهلها.. قيادي بـ«إخوان السودان» يكشف كيف دمرت الجماعة الدولة؟


عقود صعبة عاشها السودان على يد الإخوان؛ خسر خلالها جغرافيته وموارده وقدراته البشرية وجهاز خدمته المدنية، وتغلغل الفساد في مؤسساته.

هذا ليس استنتاجا أو تحليلا، بل شهادة من داخل الإخوان، كشفها تسريب صوتي جرى تداوله بين مجموعات لـ”إخوان السودان” على واتساب، وأخرج إلى النور حجم الإفساد الذي مارسه التنظيم في السودان منذ صعوده إلى السلطة عام 1989.

وخلال التسريب الصوتي الذي اطلعت عليه “العين الإخبارية”، وتم تداوله عبر مجموعات “إخوان السودان”، دارت مواجهة كلامية بين اثنين من أعضاء التنظيم الإخواني في السودان؛ مبارك الكودة، القيادي السابق في التنظيم، وعمار السجاد، عضو التنظيم والمدير السابق لمكتب حسن الترابي، زعيم التيار الإخواني في البلاد.

بدأ القيادي الإخواني مبارك الكودة حديثه بالرد على عضو التنظيم عمار السجاد، متحدثًا عن جهاز الخدمة المدنية في السودان، حيث أكد الكودة أن الخدمة المدنية كانت من أفضل الأجهزة الحكومية على مستوى العالمين العربي والأفريقي، قبل أن يقوم حزب المؤتمر الوطني، الذراع السياسي للإخوان، بتدميرها.

وقال موجهًا حديثه للسجاد إن شيخكم علي عثمان طه (قيادي في التنظيم ونائب الرئيس السابق عمر البشير)، هو من اعترف بأن حزب المؤتمر الوطني قام بتدمير وتحطيم جهاز الخدمة المدنية في السودان، عبر تجريف كامل لموظفي الخدمة المدنية غير الموالين للتنظيم.

وتحدث الكودة بلغة الأرقام، مؤكدًا أن الإخوان، وخلال سنتين فقط من استيلائهم على حكم السودان، قاموا بفصل 600 ألف موظف من الخدمة المدنية في البلاد.

وأقر بصحة الإجراءات التي اتخذتها لجنة إزالة “التمكين” إبان فترة الحكومة الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، بيد أنه أعاب على لجنة إزالة التمكين وقوعها في ذات أخطاء حقبة “الإنقاذ”؛ الحكومة السابقة للإخوان في السودان.

وقال: “كان الأحرى بلجنة إزالة التمكين تكوين لجان عمالية مختصة لمحاسبة الموظفين الذين قامت بفصلهم تنفيذًا لبرنامج تفكيك السيطرة الإخوانية على الخدمة المدنية السودانية”.

التضحية بالسودانيين

وأضاف الكودة خلال التسريب الصوتي: “إن عناصر التنظيم الإخواني في حزب المؤتمر الوطني، وفي سبيل بقائهم على كرسي الحكم وبسط سيطرتهم على الثروات ومفاصل الاقتصاد السوداني، كان لديهم الاستعداد للتضحية بثلثي الشعب السوداني”.

واستدل بـ”فتوى” أصدرها الشيخ عبدالحي يوسف (عضو مجمع الفقه الإسلامي السوداني، وهارب من العدالة خلال الفترة الانتقالية)، تُبيح للرئيس السابق عمر البشير قتل المتظاهرين السودانيين من أجل البقاء في الحكم.

وكان الشيخ الإخواني عضوا بما يعرف بمجمع الفقه الإسلامي في السودان إبان النظام السابق.

وبحسب تقارير صحفية محلية، أشار يوسف إلى الرئيس السابق عمر البشير بجواز قتل ثلثي المتظاهرين السودانيين الذين حاصروا مقر القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم، إبان تظاهرات الثورة السودانية في أبريل/نيسان 2019.

وهو ذات الأمر الذي كشف عنه لاحقًا قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلال مؤتمر صحفي للمجلس العسكري الذي تولى زمام الحكم بعد سقوط البشير، وقبيل تشكيل الحكومة المدنية بقيادة عبدالله حمدوك.

انفصال الجنوب

وفيما يتعلق بالكيفية التي يتعامل بها الإخوان مع اتفاقيات السلام في السودان، أقر الكودة بأن التنظيم عارض بشدة اتفاقية سلام وقعتها حكومة رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي في فبراير/شباط 1989 مع قائد الحركة الشعبية بجنوب السودان، جون قرنق، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية هي التي استند عليها الإخوان في تبرير الانقلاب العسكري على الحكومة الديمقراطية في يونيو/حزيران من العام نفسه.

وعارض الإخوان الاتفاقية تحت ذريعة أن قرنق “عدو يريد احتلال الخرطوم بجيشه الشعبي”. إلا أن الكودة، الذي بدا مندهشًا حد الاستغراب، قال: “الغريب في الأمر أننا، في ذات التنظيم الإخواني، نحن من قمنا بالتوقيع على اتفاقية سلام (نيفاشا) مع قرنق في 2005، وهي اتفاقية أسوأ من اتفاقية حكومة الصادق المهدي”.

وتابع: “وللأسف تناسينا كل الدماء التي سالت في حرب الجنوب التي كنا نحرض عليها في بدايات حكمنا”، كاشفًا أن التنظيم “هو من تسبب في فصل جنوب السودان، عن طريق إعطاء الجنوبيين حق تقرير المصير”.

وانفصل جنوب السودان رسميًا عن الدولة السودانية في يوليو/تموز 2011، من خلال نتائج الاستفتاء الشعبي للجنوبيين الذي جرى استنادا إلى حق تقرير المصير، وفقًا لبنود اتفاقية السلام “نيفاشا”.

اعتراف بالفساد

الأكثر من ذلك، أقر الكودة بفساد الإخوان، مبينا: “أقول إن الفساد الذي مارسناه باسم التنظيم في حق الشعب السوداني لا يخفى على أحد، وإن الذين قمنا بفصلهم وتشريدهم من الجيش السوداني والشرطة أعدادهم لا تُحصى ولا تُعد”.

ومضى الكودة في تبيان فساد الإخوان، موضحًا أن التنظيم نفذ إعدامات كثيرة، مشيرًا إلى حادثة إعدام “جرجس” و”مجدي” في قضايا تتعلق بتجارة العملة، واصفًا إياها بأنها “شوية (قليل من) دولارات” لا تستحق التصفية الجسدية.

وفي خاتمة التسريب الصوتي، دعا الكودة أعضاء التنظيم إلى اتباع منهج المحاسبة الذاتية للنفس، وقال: “اتقِ الله في نفسك أخي السجاد ولا تلبس الحق بالباطل، فالذي أقوله لك الآن هو ما يقوله شيخك علي عثمان بنفسه في إحدى مقاطع الفيديو”.

وتحدى الكودة كل أعضاء التنظيم بأن “يأتوا بحقائق غير التي ذكرها”، مقرًا بأنهم (الإخوان) “هم من تسببوا في كل الدمار الذي أصاب الدولة السودانية الآن، وأوردوها موارد الفشل والانهيار الشامل”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى