«سونيا غواجاجارا».. صوت الأمازون في قلب «COP30»

في غابات الأمازون، حيث تتقاطع أنفاس الطبيعة مع صرخات المناخ، تبرز البرازيل في مؤتمر COP30 بمدينة بيليم كقوة بيئية تدافع عن مستقبل الكوكب.
هنا، لا تتحدث السياسة وحدها، بل تتكلم الأرض عبر ممثليها الأصليين الذين حملوا على عاتقهم رسالة الوجود والحياة.
ومن بين هذه الأصوات، يسطع اسم سونيا غواجاجارا، أول وزيرة من الشعوب الأصلية في تاريخ البرازيل، التي تحولت من طفلة في أعماق الغابة إلى رمز عالمي للمناخ والعدالة البيئية.
مسيرتها ليست مجرد قصة نجاح شخصية، بل انعكاس لتحول عميق في رؤية البرازيل لدور الشعوب الأصلية في رسم مستقبل الأرض.
من قلب الأمازون، تصنع سونيا غواجاجارا، أول وزيرة أصلية في تاريخ البرازيل، بصمة تاريخية في مؤتمر COP30 بمدينة بيليم.
ولدت غواجاجارا في غابات الأمازون، ولم تتخيل يومًا أن تصبح وزيرة تمثل شعوبها الأصلية على المستويين الوطني والدولي. لكن تعيينها في يناير/كانون الثاني 2023 من قبل الرئيس لويز إيناسيو لولا دا سيلفا منح هذه الشعوب صوتًا غير مسبوق في صياغة السياسات البيئية وحماية أراضيها وحقوقها.

بدأت غواجاجارا مسيرتها التعليمية بعد انتقالها في سن الخامسة عشرة إلى ولاية ميناس جيرايس بدعم من المؤسسة الوطنية لشعوب الهنود (FUNAI)، وحصلت على شهادتي بكالوريوس في الأدب والتمريض من جامعة ولاية مارانهاو (UEMA)، ثم تابعت دراستها العليا لتحصل على شهادة في الثقافة والمجتمع من معهد العلوم الإنسانية والفنون بالجامعة الفيدرالية في باهيا (UFBA)، ما منحها قاعدة أكاديمية قوية لدعم نشاطها السياسي والدفاع عن حقوق الشعوب الأصلية.

وفي حديث سابق مع موقع يورونيوز، أكدت غواجاجارا أن الشعوب الأصلية هي “الوصاة الأعظم على الكوكب”، وأن احترام حقوقها وأراضيها يمثل “حلاً حيويًا لمواجهة أزمة المناخ”. ففي البرازيل، تغطي الأراضي الأصلية نحو 14% من مساحة البلاد، وتُعد خط الدفاع الأول عن الغابات والتنوع البيولوجي. ومنذ بداية ولاية الرئيس لولا الحالية، اعترفت الحكومة بـ16 منطقة أصلية جديدة، وهو أكبر معدل منذ عقدين.
ومن أبرز المبادرات التي تقودها غواجاجارا في COP30، مبادرة “صندوق الغابات الاستوائية للأبد (Tropical Forest Forever Facility)”، وهو صندوق عالمي يهدف إلى مكافأة الدول التي تحافظ على الغطاء الغابي أو تزيده. ويخصص 20% من موارده للتمويل المباشر للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، مستهدفًا 75 دولة تضم الغابات الاستوائية والأطلسية.

ويعتمد الصندوق على تقنيات الأقمار الصناعية لمراقبة الغابات، بمشاركة مؤسسات دولية كبرى مثل البنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD).
وكان الرئيس لولا دا سيلفا قد أعلن التزام البرازيل بمساهمة أولى قدرها مليار دولار أمريكي لدعم الصندوق، داعيًا الشركاء الدوليين والدول الأوروبية إلى تقديم مساهمات مماثلة لضمان جاهزيته للعمل. ويتيح الصندوق فرص عائد مالي للمستثمرين عبر إدارة محفظة متنوعة تجمع بين حماية البيئة وتحفيز الاقتصاد الأخضر.

ويشارك في مؤتمر COP30 نحو 3,000 مندوب من الشعوب الأصلية، من بينهم 1,000 ضمن المفاوضات الرسمية، و2,000 في “المنطقة الخضراء” المخصصة للمنظمات المدنية والشباب والمجتمع المحلي. وتقول غواجاجارا: “من المستحيل التفكير في حلول دون إشراك من يحمي الغابات فعليًا ويعيش تبعات الأزمة المناخية.”

ومع تزايد التركيز على دمج القضايا البيئية في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، تؤكد COP30 التزام البرازيل بقيادة الجهود العالمية لحماية الأمازون، ومنح الشعوب الأصلية دورًا فاعلًا في صنع القرار الدولي. لتصبح هذه القمة نموذجًا فريدًا للتعاون بين الحكومات والمجتمعات المحلية في مواجهة التحديات المناخية التي تهدد الكوكب بأسره.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز




