اسعار واسواق

محادثات متعثرة وضغوط نووية.. «ستارت» تبحث عن طوق نجاة


تهديدات أمريكية-روسية متبادلة باستئناف التجارب النووية، أثارت مخاوف من أن تؤدي إلى كتابة شهادة وفاة معاهدة «ستارت».

ففي أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تباهى الرئيس الروسي باختبارات صاروخ “بوسيدون” النووي. وبعد أيام، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإجراء أول تجربة نووية أمريكية منذ ثلاثة عقود، فردت روسيا بأنها ستدرس هي الأخرى استئناف تجارب الأسلحة النووية.

هذا التصعيد أثار مخاوف عالمية بشأن سباق تسلح نووي جديد في الوقت الذي يتطلع فيه الجانبان -أيضًا- إلى موعد نهائي حاسم قادم في 4 فبراير/شباط المقبل لانتهاء اتفاقية “ستارت الجديدة” التي تعد اتفاقية الحد من الأسلحة النووية الوحيدة المتبقية بين البلدين، لكن مؤشرات تمديدها أو حتى التوصل لاتفاق جديد، تعد ضئيلة.

ووفقا لشبكة “سي إن إن” الأمريكية، فإن المعاهدة تحدد قدررت كلا البلدين بحد أقصى 1550 رأسًا نوويًا بعيد المدى منتشرًا على أنظمة إيصال، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات، والقاذفات.

وكان مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، قد دعا إلى اجتماع مع خبراء الأسلحة النووية خلال الفترة التي سبقت قمة ترامب وبوتين في أغسطس/آب الماضي، وفقًا لما نقلته “سي إن إن” عن 4 مصادر مطلعة.

وذكرت المصادر أن النقاش واسع النطاق شمل الفوائد المحتملة لتمديد الحد الأقصى الحالي للأسلحة النووية الذي اتفق عليه البلدان، وما إذا كان سيتم توسيع حجم الترسانة النووية الأمريكية أم لا، حيث كان يريد البيت الأبيض الاستعداد لأي نقاش نووي محتمل بين الزعيمين، لكن القمة انتهت دون أي زخم لإنهاء حرب أوكرانيا أو الإعلان عن أي اتفاقية بشأن الأسلحة النووية.

وبعد أسابيع، اقترح بوتين علنًا تمديد الاتفاقية، ورد ترامب بالإيجاب قائلا: “تبدو فكرة جيدة بالنسبة لي”. ومع ذلك، وبعد أكثر من شهر، لم يؤكد أي من الجانبين استمرار المحادثات لتحقيق هذا الهدف.

ويوم الأربعاء الماضي، أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو وجود محادثات حول “احتمال” التحدث مع روسيا بشأن المعاهدة.

ورغم تعليق آليات للمراقبة، يبدو أن كلا الجانبين حافظ على التزامهما بالحد الأقصى للأسلحة النووية الاستراتيجية المنصوص عليه في المعاهدة.

وتثور تساؤلات حاليا حول ما إذا كانت هذه الحدود ستبقى سارية أم لا، في الوقت الذي يُجري فيه الروس اختبارات على أنظمة نووية جديدة، كما تطور الصين وتوسع ترسانتها النووية والباليستية بوتيرة متسارعة.

ولا يخشى الخبراء من كارثة وشيكة في حال عدم التوصل إلى اتفاق، لكنها ستكون المرة الأولى منذ عقود التي تنشر فيها الولايات المتحدة وروسيا أسلحة نووية بعيدة المدى دون اتفاقية رادعة وهو ما قد يؤدي إلى حسابات خاطئة خطيرة، وفقا لكوري هيندرشتاين، نائب رئيس الدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام النووي.

وأشار مسؤولون روس إلى أن اقتراح تمديد “ستارت” لن يستمر إلى أجل غير مسمى. وقال مصدر مطلع إنه “عرض محدود لفترة محدودة”.

وقال مصدران إن الولايات المتحدة لم ترد رسميًا على الاقتراح الروسي وإن هناك ضغطا متزايدا من الجمهوريين لعدم الموافقة على تمديد الاتفاق، لكن ترامب أبدى اهتمامه بفرض قيود على الأسلحة النووية وضبط التسلح، ليس فقط مع روسيا، بل أيضًا مع الصين.

وأوضح مسؤول أمريكي أن اختبار روسيا لغواصة بوسيدون النووية المسيرة تحت الماء وصاروخ كروز ذي قدرة نووية جاء مباشرة بعد اقتراح بوتين تمديد المعاهدة، فيما بدا وكأنه ضغط على واشنطن للجلوس إلى طاولة المفاوضات لكن هذه الخطوات كانت “عكسية”.

وقال إن تطوير الأسلحة لم يكن مشمولاً بالمعاهدة، لكن “اختبارها أحبط المسؤولين الأمريكيين الذين اعتبروها تهديدا روسيا”. وأضاف: “أدركوا أيضاً بوضوح تام أن تمديد ستارت لن يمنع روسيا من إجراء المزيد من الاختبارات على تلك الأنظمة”.

ومن المقرر أن يجتمع كبار المسؤولين في المجالين النووي والطاقة مع ترامب خلال أيام، لمحاولة ثنيه عن إجراء تجارب على الرؤوس الحربية النووية بهدف إيجاد مخرج من الخطاب المتصاعد.

وحث بعض المشرعين الديمقراطيين ترامب على العمل على تمديد المعاهدة، وهناك إلحاح جديد بعد تصريحات ترامب وبوتين بشأن الاختبارات لكن مشرعين آخرين، وبعض الخبراء، يجادلون بأنه لا ينبغي تمديدها.

وقال فرانك ميلر، المدير في مجموعة سكوكروفت، والذي عمل لعقود في مجال السياسة النووية والحد من التسلح في وزارة الدفاع الأمريكية “الاتفاقية الحالية تمنع الولايات المتحدة من تحميل الأسلحة النووية أي وضع المزيد من الرؤوس الحربية على صواريخنا لتغطية الصين وروسيا في آن واحد كما أنها تضعف من عزيمة التحديث”.

من جهة أخرى، هناك بعض المخاوف بشأن قدرة أجهزة الاستخبارات الأمريكية على الحفاظ على تقييم دقيق للترسانة النووية الروسية في حال عدم سريان المعاهدة.

وقال جون وولفستال، مدير المخاطر العالمية في اتحاد العلماء الأمريكيين “عندما لا تعود المعاهدة سارية، فمن المحتمل أن تتآكل ثقة الولايات المتحدة فيما تفعله روسيا تدريجيًا مع مرور الوقت”.

ويزداد تعقيد المفاوضات بسبب اهتمام ترامب بإمكانية إشراك الصين في اتفاق ثلاثي الأطراف وهي فكرة سعت إدارته جاهدة لتحقيقها خلال ولايته الأولى.

لكن مع استمرار الحشد النووي الصيني، يعتقد الكثيرون أن الصين لن تجلس على طاولة المحادثات حتى تصل إلى التكافؤ مع الولايات المتحدة من حيث عدد الأسلحة النووية التي تمتلكها، وهو ما يُتوقع حدوثه في عام 2030.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى