مكالمة مرتقبة.. ستارمر يواجه إرث «بي بي سي» واتهامات ترامب

في لحظة تختلط فيها السياسة بالإعلام وتتشابك فيها حسابات لندن وواشنطن، يجد كير ستارمر نفسه أمام اختبار دقيق: حماية إرث مؤسسة بريطانية بحجم بي بي سي من جهة، واحتواء غضب دونالد ترامب من جهة أخرى.
فالمكالمة المرتقبة بين الرجلين لا تتعلق فقط بدعوى قد تصل قيمتها إلى 5 مليارات دولار، بل تكشف أيضًا عن أزمة ثقة عالمية في المؤسسات الإعلامية، وعن معركة تتجاوز حدود تعديل خطاب أو خطأ مهني. إنها مواجهة بين رؤية بريطانية ترى في بي بي سي «حائط صد»، ورئيس أمريكي يَعتبر الواقعة دليلًا على «تلاعب» ممنهج بكلماته.
فماذا سيدور في المكالمة المرتقبة؟
يستعد رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، لإبلاغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال مكالمة مرتقبة بين الطرفين هذا الأسبوع، بأن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» مطالَبة بـ«إصلاح أوضاعها الداخلية» وضمان الالتزام بأعلى المعايير المهنية.
تأتي هذه الخطوة بعد إعلان ترامب عزمه رفع دعوى قضائية ضد المؤسسة قد تصل قيمتها إلى 5 مليارات دولار، بحسب صحيفة «التليغراف» البريطانية.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن المكالمة ستكون «ودية كما هي العادة بين الزعيمين».
وتشير مصادر حكومية في لندن إلى أن ستارمر سيؤكد لترامب أن بي بي سي مؤسسة وطنية عريقة تؤدي دورًا محوريًا في عصر تنتشر فيه المعلومات المضلّلة، وأن الحفاظ على نزاهتها المهنية أمر أساسي.
فيما يرى فريق ترامب أن الاتصال سيكون «اختبارًا» لقياس الخطوات الإصلاحية التي تتخذها المؤسسة قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن الدعوى.
وكان ترامب قد صرّح على متن طائرة الرئاسة «إير فورس وان» مساء الجمعة بأنه ماضٍ في مقاضاة بي بي سي رغم اعتذارها عن تعديل أحد خطاباته بشكل غيّر مضمونه.
وقال إنه سيطلب رسميًا تعويضًا يتراوح بين «مليار و5 مليارات دولار» خلال الأسبوع المقبل، متهمًا المؤسسة بـ«التلاعب» بكلماته وتشويه مضمون خطابه.
وزعم الرئيس الأمريكي أن ستارمر «شعر بحرج شديد» من الفضيحة، وأنه حاول بالفعل التواصل معه قبل المكالمة المنتظرة.
بي بي سي و«عصر التضليل»
واشتعلت الأزمة بعدما كشفت صحيفة «التلغراف»، أن «بي بي سي» عدّلت خطابًا لترامب ليبدو وكأنه يحرّض على أعمال الشغب في الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021.
وأدى ذلك إلى استقالة المدير العام للمؤسسة تيم ديفي، والرئيسة التنفيذية للأخبار ديبورا تيرنيس، فيما اعتُبر أسوأ أزمة تواجه «بي بي سي» منذ فضيحة جيمي سافيل.
ورغم اعتذار المؤسسة للرئيس الأمريكي، لكنها رفضت اتهاماته بالتشهير. وعلق ترامب: «لقد اعترفوا بأنهم تلاعبوا.. غيّروا الكلمات التي قلتها. الناس في المملكة المتحدة غاضبون، وهذا يثبت أن بي بي سي تنشر أخبارًا زائفة». كما أشاد بتغطية التليغراف واصفًا إياها بأنها «خدمة عظيمة لكشف التضليل».
وشبّه ترامب ما قامت به «بي بي سي» بتعديل مقابلة سابقة أجرتها شبكة سي بي إس مع منافسته كامالا هاريس.
المؤسسة لا تمثل كافة الشعب البريطاني
من جانبه، كتب رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك في «صنداي تايمز»، أن «بي بي سي فشلت في تمثيل آراء الشعب البريطاني كافة»، مؤكدًا أنها «لا يمكن أن تُختطف من قِبل فئة واحدة».
ودعا لإنشاء جهاز رقابي داخلي قادر على اكتشاف الأخطاء مبكرًا، قائلًا إن ذلك سيكون «النسخة التي تحتاجها المؤسسة من مشروع بي بي سي للتحقق».
وقال مصدر في داونينغ ستريت إن موقف ستارمر لم يتغير، مستشهدًا بإجابته الأخيرة في جلسات البرلمان.
قانون التقادم
وقال سام نانبرغ، المستشار السياسي السابق في حملة ترامب 2016، في مداخلة على راديو 4، إن على بي بي سي «أن تأخذ الأمر بجدية». وأوضح أن ترامب لا يستطيع رفع الدعوى في بريطانيا بسبب قانون التقادم، لكنه قادر على القيام بذلك في الولايات المتحدة باعتباره مقيمًا في فلوريدا.
وأضاف: «دعوى تشهير تتعلق بالمقاطع المعدلة التي توحي بمسؤولية ترامب عن عنف 6 يناير ستتجاوز على الأرجح مرحلة الرفض الأولي».
وأشار إلى أن بي بي سي «لن تتمكن من إسقاط القضية قبل وصولها إلى هيئة محلفين»، معتبرًا أن هيئة محلفين أمريكية، خصوصًا في فلوريدا، «ستكون متعاطفة للغاية مع الرئيس».
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




