سباق السيارات الطائرة يبدأ.. الصين تتصدر الطريق بخبرة صناعية ودعم حكومي

في أحد مصانع مدينة غوانغجو جنوب الصين، يقف عامل يرتدي قفازات بيضاء يتفحّص مراوح مركبة طائرة ثنائية المقاعد خرجت لتوها من خط الإنتاج، في مشهد يلخص طموح الصين لقيادة مستقبل النقل الجوي منخفض الارتفاع.
بينما يعاني قطاع السيارات الطائرة عالميا من عقبات تنظيمية وتقنية أعاقت انطلاقه، تبدو الصين مصممة على تغيير قواعد اللعبة.
ووفقا لتقرير لصحيفة التليغراف، يعتمد هذا التوجه على تراكم خبرة البلاد في تصنيع الطائرات المسيّرة والسيارات الكهربائية، إضافة إلى دعم حكومي متزايد يضع “اقتصاد الارتفاع المنخفض” ضمن أولويات السنوات الخمس المقبلة.
ويقول البروفيسور تشانغ يانغجون من كلية السيارات والتنقل بجامعة تسينغهوا إن الصين “تمتلك فرصة حقيقية لبناء ميزة تنافسية في قطاع السيارات الطائرة”، مؤكدًا أن سباق المستقبل سيعتمد بالأساس على خفض التكاليف وتعزيز كفاءة سلاسل الإمداد، وهي مجالات تتفوّق فيها الصين بالفعل.
وفي مصنع شركة Aridge التابعة لمجموعة XPeng، تنشط روبوتات لوجستية في نقل الأجزاء غير المكتملة، بينما يتواصل العمل على تصنيع مركبة طائرة خفيفة مزودة بست مراوح قادرة على الإقلاع العمودي.
وتتكامل هذه المركبة مع سيارة أرضية تحمل اسم “الناقلة البرية”، ويمكنها حمل الجزء الطائر وشحنه، في تصميم يجمع بين مرونة السيارة وسرعة الطائرة.
وتؤكد الشركة أن مصنعها قادر على إنتاج سيارة كل 30 دقيقة عند العمل بكامل طاقته، وقد بدأت مرحلة الإنتاج التجريبي في نوفمبر/تشرين الثاني، تمهيدًا لبدء التسليمات العام المقبل، بعد تلقي أكثر من 7000 طلب مسبق.
لكن نائب رئيس الشركة، مايكل دو، يعترف بأن الطريق لا يزال طويلًا قبل رؤية السيارات الطائرة ضمن المشهد اليومي، مشيرًا إلى أن اللوائح المنظمة، وسلوك المستهلك، وإدارة المجال الجوي، وسلاسل الإمداد تحتاج جميعها إلى تكيّف تدريجي مع هذه التكنولوجيا.
ولا يقتصر التنافس على مستقبل التنقّل الجوي على الصين وحدها؛ فشركات أمريكية مثل Joby وArcher أجرت رحلات مأهولة، فيما أعلنت تسلا – عبر تصريحات إيلون ماسك – استعدادها للكشف عن نموذج أولي لسيارة طائرة “تفوق كل ما ظهر في أفلام جيمس بوند”، على حد قوله.
كما دخلت شركة EHang الصينية التاريخ هذا العام باعتبارها أول شركة سيارات طائرة تحصل على الموافقة التجارية الكاملة، وتخطط لإطلاق خدمة “تاكسي جوي” بأسعار مقاربة لأسعار التاكسي الفاخر خلال ثلاث سنوات.
ورغم ذلك، يواجه القطاع عالميًا ضغوطًا مالية وتنظيمية، مع حالات إفلاس في أوروبا وتحديات كبيرة أمام الشركات الأمريكية في الوصول إلى الإنتاج الواسع.
لكن محللين يرون أن الصين تمتلك عوامل تميّز يصعب مجاراتها، أبرزها تفوقها الكبير في سلسلة توريد السيارات الكهربائية، والتي يمكن تكييف مكوناتها لاستخدامها في السيارات الطائرة بعد اعتمادها للطيران.
ويضيف المستثمر الصيني براندون وانغ أن الصين تستفيد أيضًا مما يسميه “عائد المهندسين”، أي توافُر أعداد هائلة من الكفاءات القادرة على حل المشكلات التقنية بسرعة خلال مراحل التصنيع.
وبحسب تقرير لمجموعة بوسطن الاستشارية، فإن السوق الصينية للسيارات الطائرة تقترب من “نقطة تحوّل حاسمة”، متوقّعًا أن تصل قيمتها إلى 41 مليار دولار بحلول عام 2040.
وبينما يظل هذا القطاع في مراحله الأولى، تبدو الصين راسمةً طريق المستقبل مبكرًا، مستندةً إلى دعم حكومي واسع وقاعدة صناعية قوية قد تجعلها أول من يحوّل السيارات الطائرة من خيال علمي إلى واقع يومي.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




