العام 2025.. الأصعب ماليا في تاريخ السلطة الفلسطينية

تحول خبر موعد صرف رواتب موظفي القطاع العام في السلطة الفلسطينية إلى خبر عاجل في وسائل الإعلام الفلسطينية.
العواجل عادة ما تتضمن نسبة صرف الرواتب وهو ما يعكس عمق الأزمة المالية التي تجد السلطة الفلسطينية فيها نفسها مع صعوبة حتى تأمين رواتب موظفيها.
وليس الأمر وليد العام 2025 إذ أن الأزمة بدأت منذ سنوات ولكنها تفاقمت إلى حد كبير خلال العام.
ويقول البنك الدولي في تقرير تلقته “العين الإخبارية”: “استمر الوضع المالي للسلطة الفلسطينية في التدهور، مدفوعًا بالتقلبات الاقتصادية وزيادة الاستقطاعات الإسرائيلية من عائدات المقاصة”.
وإيرادات المقاصة التي تعادل أكثر من مصدر الدخل الرئيسي للسلطة الفلسطينية هي ضرائب تجبيها إسرائيل نيابة عن وزارة المالية الفلسطينية، على السلع الواردة للأخيرة من الخارج، وتقتطع منها إسرائيل 3% بدل جباية.
ويقول البنك الدولي: “إلى جانب انخفاض الإيرادات بسبب الانكماش الاقتصادي وعدم كفاية المساعدات الخارجية، أجبر هذا العجز في الإيرادات السلطة الفلسطينية على خفض مدفوعات الرواتب إلى متوسط 70% منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023”.
وأضاف: “وفي الأشهر الأخيرة، أوقفت حكومة إسرائيل تحويلات عائدات المقاصة بالكامل، ولم تتلق السلطة الفلسطينية أي دفعات لأشهر مايو/أيار ويونيو/حزيران ويوليو/تموز وأغسطس/آب 2025”.
وقد مُوِّلت الدفعات الأخيرة من خلال اقتراض محلي إضافي، مما دفع الدين العام إلى ما يتجاوز الحدود الاحترازية التي وضعتها سلطة النقد الفلسطينية.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى في إحدى الجلسات الأخيرة للحكومة الفلسطينية إن قيمة أموال الضرائب الفلسطينية المحتجزة لدى الجانب الإسرائيلي تجاوزت 12 مليار شيكل (3.7 مليارات دولار).
ويقول البنك الدولي: “في غياب حل سريع لنزاع إيرادات المقاصة، تواجه السلطة الفلسطينية تحديات متزايدة بسرعة في الحفاظ على الخدمات العامة الحيوية، مع ما قد يترتب على ذلك من آثار محتملة على الاستقرار المؤسسي والاجتماعي”.
وأضاف: “يُشكل استمرار تعليق تحويل عائدات المقاصة، أو التأخير المُطوّل في تحويلها، حتى ما تبقى منها، مخاطر جسيمة على تقديم الخدمات العامة الأساسية والاستقرار العام في الضفة الغربية”.
وقد أشار مسؤولو السلطة الفلسطينية إلى أنه بدون استئناف سريع للتحويلات، لن تتمكن الحكومة من مواصلة المهام الأساسية في قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.
وفي بيان صدر مؤخرًا، أشار مجلس الوزراء الفلسطيني إلى أن القدرة المالية المحدودة للسلطة الفلسطينية – بما في ذلك قدرتها المحدودة على الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفي القطاع العام – من المُرجّح أن تُقوّض الأداء المؤسسي وتقديم الخدمات في المستقبل.
وعلى إثر هذه الضائقة، فقد أعلنت الحكومة الفلسطينية في 22 يوليو/تموز 2025، أنها بدأت باتخاذ إجراءات إدارية ومالية من أجل تَخفيفِ أعباء تَنَقُل الموظفين إلى مراكز عَمَلِهم بِما لا يُؤثر سلبًا على تَقديم الخدمات للمواطنين، واستمرار عمل المؤسسات كافة.
وكان الموظفين في القطاع العام اشتكوا من تراكم المستحقات لهم على السلطة الفلسطينية بسبب عدم دفع الرواتب بشكل كامل.
ويواجه الكثير من الموظفين نتيجة لذلك صعوبات بما في ذلك الالتزام بدفعات القروض للبنوك وأيضا دفع تكاليف المعيشة مع الارتفاع المستمر بالأسعار.
وينذر هذا الوضع بانهيار مالي في السلطة الفلسطينية.
وقال البنك الدولي: “منذ تعليق تحويلات عائدات المقاصة في مايو/ايار، انخفضت مدفوعات الرواتب بشكل أكبر، واعتمدت السلطة الفلسطينية بشكل متزايد على الاقتراض الداخلي، متجاوزةً بذلك السقوف الاحترازية التي وضعتها سلطة النقد الفلسطينية، ومُشكّلةً ضغوطًا على تمويل خدمات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. إذا استمرت هذه الديناميكيات، فإنها قد تُعجّل بانهيار مالي، مع ما يصاحب ذلك من مخاطر على استمرارية المؤسسات والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي الأوسع”.
وإضافة إلى حجز إسرائيل المستحقات المالية الفلسطينية، فإن ثمة عوامل أخرى أدت الى تفاقم الأزمة ومن بينها وقف إسرائيل إدخال عشرات الاف العمال من الضفة الغربية إلى سوق العمل في إسرائيل منذ بداية الحرب.
ووفقا للتقديرات الفلسطينية والدولية فإن من أصل 177 ألف عامل كانوا يعملون في إسرائيل قبل الحرب فقد انخفض العدد الى 40 ألفا فقط ولم يسمح لهم بالوصول إلى أماكن العمل إلا في الأشهر الأخيرة.
وأدى هذه الى رفع نسبة البطالة في الضفة الغربية إلى 29%.
كما أن المساعدات الخارجية واصلت الانخفاض الا من بعض الدول في حين أن الإيرادات المحلية الفلسطينية تأثرت بشكل كبير بسبب الحرب.
وتقول الأمم المتحدة في تقرير أخير: “لا تزال السلطة الفلسطينية واقتصادها يواجهان تحديات هائلة. ينبغي وقف الإجراءات الأحادية الجانب التي تُقوّض السلطة الفلسطينية، وتكثيف الجهود لدعمها وتعزيزها، بما في ذلك تنفيذ أجندتها الإصلاحية”.
وأضافت: “رغم ما يُبديه القطاع المالي الفلسطيني من مرونة ملحوظة، إلا أنه يتعرض لضغوط هائلة، ويجب حمايته”.
وكانت السلطة الفلسطينية وجهت في الأشهر الماضية الدعوات للعالم لتقديم المساعدة المالية لموازنة الحكومة لأجل الإيفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين.
ومع كل شهر تزداد الديون المتراكمة على السلطة الفلسطينية سواء للموظفين أو للقطاع الخاص الذي يورد احتياجات السلطة الفلسطينية بما في ذلك الدواء.
وبحسب معطيات وزارة المالية في الديون المتراكمة للقطاع العام في ذمة الحكومة بلغت 7.3 مليار شيكل (2.26 مليار دولار) فيما بلغ اجمالي الدين المحلي، بما في ذلك للبنوك، نحو 11.2 مليار شيكل (3.4 مليار دولار).
وينظر الى السلطة الفلسطينية باعتبارها ليس فقط مصلحة فلسطينية وإنما أيضا مصلحة إقليمية ودولية ولذلك فإن العديد من الأصوات في العالم تطالب إسرائيل بعدم الدفع باتجاه انهيار السلطة الفلسطينية.
ويقول المسؤولون الفلسطينيون إنها لا يخططون لحل السلطة الفلسطينية غير ان تراكم الإجراءات الإسرائيلية، بما في ذلك حجز الأموال والتصعيد الأمني الميداني، يدفع حتما إلى انهيار السلطة الفلسطينية ماليا.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




