إخوان السودان والبرهان.. ما وراء «حرب النكران»؟

من الخفاء إلى العلن، تخرج «الحرب» المستعرة بين قائد الجيش والإخوان في السودان لتكشف كواليس تحالف مفخخ انفجر بوجه طرفيه.
فعلى الرغم من نفي قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان لأي صلة تربط مؤسسته بالإخوان، خرج أحمد عباس، والي سنار الأسبق في عهد الرئيس المعزول عمر البشير، بحقائق تنسف روايته وتؤكد أن الجماعة هي من تصيغ المشهد العسكري بالبلد المضطرب.
ولطالما أنكر البرهان أي دور لـ«الحركة الإسلامية»، الواجهة السياسية لإخوان السودان، سواء داخل المؤسسة العسكرية، أو في قيادة الحرب ضد قوات الدعم السريع.
لكن خروج والي سنار الأسبق، والذي يعتبر أحد كبار قيادات الإخوان في السودان، بتصريح فند فيه أي ادعاءات تُنكر دور الجماعة في الحرب وتوجيهها عسكرياً، يأتي بمثابة شهادة تسقط قناع البرهان ومحاولاته لخداع المجتمع الدولي.
وفي مقطع فيديو ظهر فيه يتحدث لمجموعة من أنصاره، قال عباس إن من يديرون الحرب الآن هم الحركة الإسلامية، وإن 75% من المقاتلين الذين يقاتلون مع البرهان هم من الحركة الإسلامية”.
وأضاف متسائلا: ”هل ما زال هناك من ينكر أن الحرب في السودان هي حرب الحركة الإسلامية؟.
وتابع: “نحن لا نعمل في الخفاء، و 75% من الذين يقاتلون الآن هم جنود الحركة الإسلامية، وهم موجودون في كل أنحاء السودان”.
من هو عباس؟
- تولى منصب والي سنار إبان فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير
- اعتقل من قبل لجنة إزالة وتفكيك نظام 30 يونيو، والتي تشكلت في أعقاب الثورة التي أطاحت بنظام الإنقاذ في أبريل/نيسان 2019.
- اعتقاله كان بتهم تتعلق بفساد واسع خلال توليه منصب والي ولاية سنار جنوبي “ود مدني” حاضرة ولاية الجزيرة وسط السودان.
- يعتبر طبقاً لسجل فترة ولايته في سنار، من كبار قيادات الإخوان في السودان، وهو رئيس حزب المؤتمر الوطني بالولاية
- يُعد أحد أبرز المدافعين عن الجماعة ومشروعها الفكري والسياسي في السودان.
- يقول عنه أهل سنار إنه إبان ولايته وباعتبار أنه كان رئيساً لحزب المؤتمر الوطني في سنار -الذراع السياسية لإخوان السودان
- فقد كان يقوم بتوجيه الكثير من موارد الولاية لخدمة الجماعة والبرامج والمشاريع التي يرعاها التنظيم في الولاية.
- ويستفيد في ذلك من قربه من الرئيس السابق عمر البشير، وهو ما جعله عصياً على المحاسبة والمحاكمة بسبب استغلال النفوذ.
- وفي وقت سابق، ألقت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال بولاية سنار، إبان حكومة الفترة الانتقالية، القبض على عباس، في عدد من البلاغات المقدمة ضده وتتهمه بالفساد، وجرى تقديمه للمحاكمة.
- إلا أن انقلاب البرهان على حكومة الفترة الانتقالية في أكتوبر/تشرين الأول 2021، قطع الطريق أمام العدالة الانتقالية التي ينتظرها الشعب السوداني لمحاسبة المفسدين من قيادات النظام الإخواني السابق.
ما وراء تحركات الإخوان؟
في قراءات منفصلة لـ”العين الإخبارية”، يرى مراقبون أن ظهور عباس مرتدياً الزي العسكري يأتي ضمن التحركات التي يقودها كبار قيادات إخوان السودان كلما لاحت بارقة تسوية سياسية للأزمة السودانية.
كما يعتقدون أن اضطرارهم لتكذيب ادعاءات البرهان بعدم وجود دور للإخوان في الحرب يأتي لقطع الطريق أمام أي جناح عسكري مهادن داخل الجيش، قد يرغب في وقف الحرب عبر التسوية السياسية.
أيضا فسروا تحركات قيادات الإخوان، الجماعة التي أشعلت الحرب وأطلقت الرصاصة الأولى صبيحة الـ15 من أبريل/نسيان 2023، بأنها مساعٍ تستهدف في المقام الأول، تصفية الثورة السودانية التي أزاحتهم من الحكم في 2019.
محاولات ترتكز بالأساس على الإبقاء على حالة الفوضى الأمنية في السودان، أو إرغام جميع الأطراف الفاعلة في معسكر رفض الحرب على القبول بالجماعة مجدداً في سدة الحكم، وعدم تفكيكها من مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والاقتصادية.
وبحسب الأمين السياسي لحزب “المؤتمر السوداني”، شريف محمد عثمان، فإن “المعركة التي أشعلتها الحركة الإسلامية هي معركة رافضة لأي حلول تُنهي وجودهم في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية”.
ويقول شريف في تصريح لـ”العين الإخبارية”، إن “الحرب في السودان أضحت بمثابة معركة للتنظيم الإخواني العالمي الذي يرغب في استرداد حصنه الأخير في المنطقة بعد محاصرته في عدد من بلدان المنطقة”.
ويعتبر أن تصريحات عباس “تأتي تأكيداً على دور الحركة الاسلامية السودانية في الإبقاء على حالة الحرب، ورفض أي استقرار وسلام يمكن أن يخرج الجماعة من المشهد السياسي في السودان”.
“حرب مكشوفة”
من جهته، قال المحلل السياسي السوداني، سيبويه يوسف، إن تصريحات عباس تكشف بوضوح بأن الحرب في السودان هي حرب “الإخوان” خلافا لما ظلت تنكره قيادات الجيش مراراً وتكراراً.
ويوضح سيبويه، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أنه “منذ انطلاق الرصاصة الأولى لحرب السودان في أبريل/نيسان 2023، يدرك غالبية السودانيين أن الإخوان هم من أشعل الحرب لقطع الطريق أمام الانتقال المدني الديمقراطي”.
ويتابع: “الإخوان هم من يديرون مؤسسة الجيش السوداني، وهم من يقودون الحرب الآن عبر أذرعهم العسكرية داخل الجيش وكتائب البراء بن مالك والدفاع الشعبي و قوات العمل الخاص وغيرها”.
ولفت إلى أن تصريح عباس يأتي في وقت يتخوف فيه الإخوان من أن تنجح الضغوط الدولية والإقليمية ومحاصرة التنظيم عالمياً في دفع بعض القادة العسكريين الطامعين في الحكم إلى القبول بالهدنة وبـالتالي بخارطة طريق دول الرباعية لإنهاء النزاع في السودان”.
ويشير سيبويه في حديثه إلى خارطة طريق قدمتها الرباعية الدولية والتي تضم دول الإمارات والسعودية ومصر وأمريكا، وتقر مسارا يقود إلى حل سلمي في السودان.
ووفق الخبير، فإن “الإخوان يتلاعبون بالبرهان حتى لا يلبي النداءات الدولية والإقليمية”، محذرا من أن “الجماعة لديها حسابات خاصة بسبب طموحات البرهان في الحكم”.
وخلص إلى أن لهذه الأسباب، فإنهم “يظهرون كلما شعروا بأن قائد الجيش يسعى لإنكار جهدهم ودورهم في الحرب تحت مظلة الجيش”.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز




