الإخوان والشارع التونسي.. محاولة يائسة للعودة من باب الفوضى

في كل مرة يعلو فيها صوت الشارع التونسي مطالبًا بحقوق مشروعة، يسارع تنظيم الإخوان إلى الظهور في المشهد، لا بوصفه جزءًا من الحل، بل كطرف يسعى إلى توجيه الاحتجاجات لخدمة أجندته الخاصة.
فبعد أن لفظه الشارع وأسقطت تجربته الفاشلة كل سرديات «المظلومية» التي روّج لها، يحاول تنظيم الإخوان العودة مجددًا من بوابة الاحتجاجات، مستغلين مطالب عادلة لإحياء مشروع سقط سياسيًا وأخلاقيًا.
غير أن هذا السلوك يعكس مأزق تنظيم فقد أدواته، ولم يتبقَّ له سوى الرهان على الفوضى والضغط، في مشهد يؤكد أن معركته لم تعد مع السلطة فقط، بل مع وعي تونسي بات أكثر إدراكًا لخطورة توظيف الأزمات لحسابات حزبية ضيقة.
فماذا حدث؟
شهدت تونس، السبت، وقفة احتجاجية شارك فيها تونسيون للمطالبة بمزيد من الحريات، غير أن أنصار الإخوان حاولوا استغلال هذا التحرك لخدمة مصالحهم السياسية الضيقة.
وكعادته، استغل تنظيم الإخوان الاحتجاجات الاجتماعية المطالِبة بالحقوق، وسعى إلى توظيفها سياسيًا للمطالبة بالإفراج عن قياداته المسجونة في قضايا خطيرة، وعلى رأسهم راشد الغنوشي.
محاولة اعتبرها مراقبون للمشهد السياسي التونسي مسعى إخوانيًا لاستمرار انتهاج سياسة «الركوب على الأحداث»، واستغلال أي احتجاجات عفوية كورقة ضغط في صراعهم مع الرئيس قيس سعيّد، الذي أطاح بهم من السلطة.
وبحسب المراقبين، فإن قيادات الإخوان في المهجر تعمل على تأجيج الأوضاع، مستغلة شبكاتها داخل البلاد لدفع الاحتجاجات نحو مسارات تخدم أجندتها.
وفي هذا السياق، قال محسن النابتي، القيادي بحزب التيار الشعبي، في تصريحات لـ«العين الإخبارية»، إن عودة تنظيم الإخوان إلى الشارع لم تكن ذات حجم أو تأثير يُذكر، لا على النظام ولا على الشارع التونسي، مؤكدًا أنه (الإخوان) «يحاولون إعادة إنتاج أنفسهم بصيغ مختلفة، حتى ولو من وراء حُجُب».
وأضاف: «ربما اقتراب تصنيف تنظيم الإخوان في أكثر من مكان في العالم كتنظيم إرهابي جعلهم في حالة من الهستيريا التي نشاهدها هذه الأيام».
وأوضح أن «التنظيم فقد السلطة في أكثر من دولة، وأن خطابه القائم على المظلومية، الذي روّج له لعقود طويلة وكان يجد صدى في الشارع، سقط بعد تجربتهم الدموية في تونس، وتلاشت سرديته، وأصبحوا منبوذين».
«الركوب على الأحداث»
من جهته، قال الناشط السياسي التونسي خالد بالطاهر لـ«العين الإخبارية» إن الإخوان، بعدما فشلوا في إدارة البلاد خلال «العشرية السوداء»، يحاولون اليوم الركوب على الأحداث وإشعال الشارع التونسي من جديد.
وأكد أن التنظيم يسعى، في محاولة يائسة، إلى استعادة حضوره في المشهد السياسي عبر نشر الفوضى وبث الانقسام داخل المجتمع.
وأوضح أن تنظيم الإخوان يعمل على حرف القضايا العادلة للتونسيين عن مسارها، وتوظيفها سياسيًا بهدف إحراج السلطة وخلط الأوراق مجددًا لخلق حالة من الفوضى.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد قال، الأربعاء، في إشارة إلى تنظيم الإخوان: «من المفارقات أن الذين أفسدوا صاروا يلعبون دور الضحية، ولا يكاد يمر يوم واحد إلا ويسقط القناع تلو القناع».
وأكد في بيان رئاسي: «إننا بحاجة اليوم، والموعد قريب، إلى من يؤثر الوطن على نفسه، المتعفف الثابت، الذي لا تتغير مواقفه، حتى لو عُرضت عليه خزائن الدولة كلها، ويرفض التدخل في الشؤون الداخلية للوطن».
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




