«بلاك روك» تعيد رسم ملامح التوظيف.. الذكاء الاصطناعي مهارة أساسية لا رفاهية

أوضح رئيس قسم اكتساب المواهب في شركة «بلاك روك» كيف غيّر الذكاء الاصطناعي طبيعة ما تبحث عنه الشركة في المتقدمين للوظائف، في مؤشر واضح على التحولات العميقة التي يشهدها سوق العمل العالمي.
وكشف نايجل ويليامز، رئيس قطاع استقطاب المواهب عالميا في «بلاك روك»، أكبر مدير أصول في العالم، أن الذكاء الاصطناعي بات عاملًا حاسمًا في إعادة تشكيل معايير التوظيف داخل الشركة، مؤكدًا أن الإلمام بهذه التكنولوجيا أصبح شرطًا أساسيًا لأي متقدم جاد، مع التحذير في الوقت نفسه من الإفراط في الاعتماد عليها، لا سيما خلال المقابلات الشخصية.
وفي مقابلة مع موقع «بيزنس إنسايدر»، قال ويليامز إن «بلاك روك» باتت تبحث عن مرشحين يتعاملون مع الذكاء الاصطناعي بوصفه واقعًا قائمًا، لا مجرد أداة مستقبلية، خصوصًا مع اندماجه المتسارع في مختلف وظائف الشركة.
وأضاف أن الفضول الفكري، والاستعداد للتعلّم المستمر، والقدرة على فهم إمكانات الذكاء الاصطناعي وحدوده، أصبحت سمات جوهرية تميّز المرشحين الأقوى.
وأوضح أن المتقدمين الأكثر تميزًا هم أولئك الذين يجمعون بين كونهم «رقميين بالفطرة» وقادرين على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة بمرونة، وبين فضولهم تجاه التطورات المستقبلية للتكنولوجيا.
ولاحظ أن كثيرًا من الكفاءات الشابة باتت تطوّر مهاراتها ذاتيًا لمواكبة هذه التحولات، حتى في غياب خلفية أكاديمية في علوم الحاسوب، مشيرًا إلى أن فهم أساسيات «هندسة الأوامر» وكيفية تقييم مخرجات الذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة عامة لا تقتصر على المتخصصين.
وفي هذا السياق، شدد ويليامز على أن مهارات التفكير النقدي أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى، موضحًا أن «المرحلة الحالية تتطلب أشخاصًا لا يكتفون بما يقدمه النموذج، بل يراجعون النتائج ويختبرونها باستمرار». وإلى جانب الكفاءة التقنية، أكد أن المهارات الإنسانية، مثل التواصل، وبناء العلاقات، والعمل الجماعي، تزداد أهمية في عصر تتسارع فيه وتيرة الأتمتة.
وعلى مستوى آليات التوظيف، أشار ويليامز إلى أن فريقه لا يزال يعمل على تطوير طرق عادلة لتقييم مهارات الذكاء الاصطناعي لدى المتقدمين، مع الحرص على عدم إقصاء المرشحين القادمين من خلفيات غير تقنية. وتركّز المقابلات، بحسب قوله، على فهم كيفية استخدام المرشحين للذكاء الاصطناعي في حياتهم الشخصية أو الأكاديمية أو المهنية، وليس الاكتفاء بقياس المعرفة النظرية.
ورغم هذا الاهتمام المتزايد، أوضح ويليامز أن «بلاك روك» لا تستخدم الذكاء الاصطناعي حاليًا في فرز السير الذاتية أو اتخاذ قرارات التوظيف، إذ يقتصر دوره في المرحلة الراهنة على مهام تنظيمية، مثل جدولة المقابلات.
وفي المقابل، حذّر ويليامز من الإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي خلال عملية التقديم، مشيرًا إلى أن بعض المتقدمين يلجأون إلى أدوات ذكية حتى أثناء المقابلات المباشرة، رغم التنبيه المسبق بعدم استخدامها.
وأوضح أن فرق التوظيف أصبحت قادرة على رصد هذا السلوك، سواء من خلال تشتت الانتباه أو النظر المتكرر إلى الشاشات الجانبية، ما قد ينعكس سلبًا على تقييم المرشح.
وتوظف «بلاك روك» نحو 24600 شخص في أكثر من 30 دولة حول العالم، بحسب إفصاح قُدّم لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني، مقارنة بنحو 21100 موظف بنهاية عام 2024، وهو ما يعكس توسعًا مستمرًا في حجم عملياتها.
وفي إطار استراتيجيتها الأوسع، أطلقت الشركة مؤخرًا منصة ذكاء اصطناعي متقدمة تحمل اسم «أسيموف» لدعم أعمال الأسهم.
وخلال قمة «ديلبوك» التي نظمتها صحيفة «نيويورك تايمز»، قال الرئيس التنفيذي لـ«بلاك روك»، لاري فينك، إن الذكاء الاصطناعي سيُفرز «فائزين كبارًا وخاسرين كبارًا»، في إشارة إلى عمق التحولات التي ستطال سوق العمل وصناعة الاستثمار خلال السنوات المقبلة.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




