«تحرّك عسكري يطيح بماكرون».. هل صدّق الفرنسيون فيديو «الانقلاب»؟

انتشر على نطاق واسع في فرنسا خلال الأيام الماضية فيديو عن تحرك عسكري للإطاحة بالرئيس إيمانويل ماكرون.
وقالت صحيفة “لوتون” السويسرية، إن الفيديو، الذي حصد ملايين المشاهدات خلال وقت وجيز، أثار حالة من القلق والتساؤل داخل فرنسا وخارجها، قبل أن يتبين أنه مادة مفبركة بالكامل، أنتجت باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ونُشرت من خارج الأراضي الفرنسية، وتحديدًا من بوركينا فاسو.
نار في هشيم
وظهر الفيديو على منصتي “فيسبوك”، و”تيك توك”، وبدت فيه “صحفية” تنقل، على خلفية مشاهد احتجاجات، ما وصفته بـ”معلومات غير رسمية” عن انقلاب عسكري جار في فرنسا، تقوده شخصية عسكرية مجهولة، مع حديث عن احتمال سقوط الرئيس الفرنسي.
وخلال أيام قليلة، تجاوز عدد مشاهدات الفيديو 12 مليون مشاهدة، ما ساهم في تضخيم الرواية وانتشارها في عدد من الدول، خصوصًا في الفضاء الرقمي الناطق بالفرنسية.
تقنية متطورة
وأظهر التحقيق في المقطع أن الصحفية الظاهرة في الفيديو ليست شخصية حقيقية، فقد جرى توليد الفيديو باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المعتمدة على “التزييف العميق”، التي تتيح محاكاة دقيقة لحركة الشفاه، وتعابير الوجه، ونبرة الصوت، بما يجعل المشهد يبدو واقعيًا إلى حد كبير، هذا التطور التقني ساهم في تضليل عدد كبير من المتابعين، الذين تعاملوا مع الفيديو على أنه تقرير إخباري حقيقي.
بوركينا فاسو
ووفق معطيات تقنية تتبع مسار النشر، تبيّن أن الفيديو نُشر من بوركينا فاسو، وهي دولة تشهد منذ عام 2022 حضورًا متزايدًا لفاعلين رقميين ينشطون في مجال المحتوى السياسي الموجّه، عقب وصول الرئيس إبراهيم تراوري إلى السلطة.
ويلاحظ أن منصات التواصل الاجتماعي في المنطقة أصبحت، خلال السنوات الأخيرة، فضاءً نشطًا لتداول روايات سياسية تتجاوز حدودها الجغرافية.
تحرك رسمي
الفيديو المثير للجدل وصل صداه إلى دوائر رسمية، بعدما تلقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالًا من أحد نظرائه الأفارقة، عبّر فيه عن قلقه واستفسر عن حقيقة ما يجري في فرنسا.
وعلى إثر ذلك، تحركت الرئاسة الفرنسية سريعًا، وطلب من شركة “ميتا”، المالكة لمنصتي “فيسبوك” و”إنستغرام”، إزالة الفيديو من التداول. إلا أن الطلب قوبل بالرفض في تلك المرحلة، ما سمح باستمرار انتشار المقطع لبعض الوقت.
رواية بلا أساس
في المحصلة، لم تسجل فرنسا أي تطورات سياسية أو أمنية تتوافق مع ما ورد في الفيديو المتداول.
وواصلت المؤسسات الدستورية عملها بشكل طبيعي، ولم يصدر أي بيان رسمي يؤكد وجود تحركات عسكرية أو تهديد للنظام القائم، غير أن الحادثة أعادت تسليط الضوء على التأثير المتنامي للمحتوى المفبرك المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وقدرته على صناعة وقائع وهمية تنتشر بسرعة تفوق سرعة تكذيبها.
ظاهرة رقمية عابرة للحدود
وتعكس هذه الواقعة تحديًا متزايدًا أمام الحكومات ومنصات التواصل على حد سواء، في ظل صعوبة ضبط المحتوى الرقمي العابر للحدود، والتأكد من صحته قبل تحوله إلى “خبر” متداول.
كما تؤكد أن الفضاء الرقمي بات ساحة مفتوحة لروايات قد تؤثر في الرأي العام، حتى عندما تكون منفصلة تمامًا عن الواقع.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




