مهام فضائية غير مسبوقة.. 2025 عام الاندفاع الكوني
سجل عام 2025 واحدا من أكثر الأعوام ازدحاما في تاريخ استكشاف الفضاء، إذ أُطلقت ونُفذت خلاله سلسلة واسعة من المهام الفضائية.
وشملت المهام المتنوعة الهبوط على سطح القمر، واستكشاف الكويكبات والمذنبات، ودراسة الكواكب، ومراقبة الأرض والمناخ، إلى جانب تطورات نوعية في الرحلات المأهولة والتجارية.
هذه الجهود قادتها وكالات فضاء دولية كبرى، مثل وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الصينية، بمشاركة متزايدة من شركات خاصة.
أولا: الفضاء العميق والكواكب
1- مهمة (تيانوين-2 ) الصينية
في مايو/أيار 2025، أطلقت وكالة الفضاء الصينية، مهمة ( تيانوين-2)، وهي بعثة طموحة لجمع عينات من كويكب قريب من الأرض، ثم دراسة مذنب نشط.
وستلتقي المركبة الفضائية بكويكب كامو أويوا، كويكب قريب من الأرض يدور قرب كوكبنا، لجمع عينات من سطحه، قبل أن تتابع رحلتها نحو المذنب (311 بي /بانستارز)، لدراسة تركيب المذنبات ودورها في نشأة الكواكب.
2- (إسكابيد ) ناسا
في نوفمبر/تشرين الثاني، أطلقت ناسا مهمتي (إسكابيد) اللتين تحملان المركبتين التوأم “الأزرق” و”الذهبي”.
وتهدف المهمتان إلى دراسة تأثير الرياح الشمسية (تيارات من الجسيمات المشحونة تنبعث من الشمس) على الغلاف الجوي للمريخ، لفهم كيف فقد الكوكب الأحمر معظم غلافه الجوي ومياهه عبر مليارات السنين.
وقد أُطلقت المهمتان على متن صاروخ نيو جلين التابع لشركة بلو أوريجن.
3- تحليقات جاذبية ذكية نحو الأهداف البعيدة
– نفذت مركبة (يوروبا كليبر)، التابعة لناسا مناورة مساعدة الجاذبية، قرب كوكب المريخ في مارس/آذار، لتسريع رحلتها نحو قمر المشتري يوروبا، الذي يُعتقد أنه يحتوي على محيط مائي تحت سطحه الجليدي.
– نفذت مهمة (هيرا)، التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية تحليقا قرب المريخ وقمره ديموس، في طريقها لدراسة نظام الكويكب المزدوج ديديموس.
– في 20 أبريل/نيسان، نجحت مهمة (لوسي)، التابعة لناسا في التحليق قرب الكويكب دونالد يوهانسون، ضمن رحلتها الطويلة نحو كويكبات طروادة، وهي أجسام قديمة تشترك في مدار كوكب المشتري، وتُعد بمثابة “أحافير” من زمن تشكل الكواكب.
– في سبتمبر/أيلول 2025، أسدلت ناسا الستار على مهمة جونو، التي دارت حول كوكب المشتري منذ عام 2016، وكشفت عن بنيته الداخلية ومجاله المغناطيسي وغلافه الجوي العنيف، وانتهت المهمة بإدخال المركبة عمدا في الغلاف الجوي للمشتري، تجنبا لاحتمال تلوث أقمار الكوكب.
– شهد العام أيضا الاستعداد لإطلاق مهمة الباحث عن الحياة على الزهرة ( فينوس لايف فايندر)، وهي مبادرة ممولة من القطاع الخاص، تقودها شركة روكيت لا، بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ، وتهدف إلى البحث عن مؤشرات كيميائية أو حيوية في سحب كوكب الزهرة.
ثانيا: القمر… ساحة التنافس الجديدة
1- مهمة (بلو غوست 1)
في مارس/آذار، نجحت مركبة بلو غوست 1 التابعة لشركة فايرفلاي إيروسبيس في الهبوط داخل حوض بحر الأزمات على سطح القمر، وجاءت المهمة ضمن برنامج خدمات الحمولة القمرية التجارية، التابع لناسا، لدراسة غبار القمر وبنيته الجيولوجية.
2- مهمة ( آي إم-2 )، التابعة لشركة “إنتويتيف ماشينز”
أُطلقت شركة “إنتويتيف ماشينز” الأمريكية مهمة (آي إم-2) في فبراير/شباط، وحاولت الهبوط قرب القطب الجنوبي للقمر في مارس/آذار، ورغم أن المسبار أثينا في تلك المهمة، هبط على جانبه، فإنه تمكن من إرسال بيانات علمية مهمة. في المقابل، فشل القمر الصناعي ( لونار تريل بليزر) في التواصل بعد الإطلاق.
3- مهمة (هاكوتو-آر 2 )، التابعة لشركة آي سبيس
دخلت مركبة هاكوتو-آر 2 التابعة لشركة آي سبيس اليابانية المدار القمري، لكن محاولة الهبوط في يونيو/حزيران انتهت بتحطم المركبة، ما يعكس التحديات التقنية الكبيرة للهبوط على القمر.
ثالثا: مراقبة الأرض والفضاء القريب
1- مهمة (نايسار) بالاشتراك بين ناسا والهند
في 30 يوليو/تموز، أُطلق القمر الصناعي نايسار ، وهو مشروع مشترك بين ناسا ومنظمة أبحاث الفضاء الهندية، لرصد تغيرات سطح الأرض بدقة عالية، بما يشمل الزلازل، والانزلاقات الأرضية، وذوبان الجليد، وتأثيرات تغير المناخ.
2- مهمتا سفيرإكس وبانش ( ناسا )
في مارس/آذار، أُطلقت مهمتا سفيرإكس وبانش، حيث وجهت سفيرإكس لدراسة تاريخ الكون وتكوّن المجرات والجليد الكوني، وبانش لدراسة الهالة الشمسية والرياح الشمسية، وقد أُطلقت المهمتان معا على متن صاروخ (فالكون 9).
3- مهمتا آيماب وتراسرز ( ناسا)
أُطلقت ناسا مهمة آيماب في سبتمبر/أيلول لدراسة حدود الغلاف الشمسي، بينما ركزت مهمة تراسرز ، التي أُطلقت في يوليو/ تموز، على دراسة إعادة الاتصال المغناطيسي وتأثيره على طقس الفضاء.
4-مهمة سبيس رايدر (أوروبا)
خططت وكالة الفضاء الأوروبية لإطلاق رحلة اختبارية لمركبة سبيس رايدر، وهي مختبر فضائي آلي قابل لإعادة الاستخدام لإجراء تجارب علمية في المدار ثم العودة إلى الأرض.
رابعا: الفضاء التجاري والرحلات المأهولة
1- محطات فضائية تجارية
شهد عام 2025 الاستعداد لإطلاق أول محطة فضائية تجارية خاصة تحمل اسم هافن-1 –، تديرها شركة فاست، في خطوة تمهّد لمرحلة ما بعد محطة الفضاء الدولية.
2- محطة الفضاء الدولية: 25 عاما في المدار
احتفلت محطة الفضاء الدولية بمرور 25 عاما على الوجود البشري المتواصل في الفضاء، وشهد العام عودة رائدي الفضاء الأمريكيين بوتش ويلمور وسوني ويليامز إلى الأرض على متن مركبة سبيس إكس، إضافة إلى حدث تاريخي تمثل في امتلاء جميع منافذ الالتحام الثمانية للمحطة في وقت واحد.
3-ستارشيب (سبيس إكس)
أجرت شركة سبيس إكس، عدة اختبارات لصاروخ ستارشيب العملاق، مع خطط لإجراء تجربة نقل الوقود في المدار، وهي خطوة أساسية للبعثات المستقبلية إلى القمر والمريخ.
4- نيو جلين
دخل صاروخ نيو جلين الثقيل الخدمة، محققا أول رحلة له في يناير/كانون الثاني، وأول هبوط ناجح للمعزز الصاروخي في نوفمبر/تشرين الثاني، ما عزز المنافسة في سوق الإطلاقات الفضائية.
وبذلك يكون استكشاف الفضاء قد دخل في عام 2025 مرحلة جديدة، تتقاسم فيها الحكومات والشركات الخاصة قيادة المشهد، وبينما تتسارع الخطوات نحو القمر والمريخ، وتتعاظم قدرات رصد الأرض والكون، يبدو أن البشرية تقترب أكثر من تحويل الفضاء من ساحة استكشاف إلى مجال نشاط دائم ومستدام.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز
