اسعار واسواق

طفرة الذكاء الاصطناعي تعيد رسم خريطة مراكز البيانات.. لاعبون جدد


يشهد قطاع مراكز البيانات العالمي تحوّلًا جذريًا مع تسارع طفرة الذكاء الاصطناعي.

ووفقا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، لم تعد شركات التكنولوجيا العملاقة وحدها من يقود سباق البنية التحتية الرقمية، بل دخل لاعبون جدد إلى المشهد، بعضهم بلا خبرة سابقة في هذا المجال.

وفي جنوب إيطاليا، يبرز هذا التحول بوضوح عبر مشروع ضخم تخطط له شركة ناشئة تسعى إلى إنشاء واحد من أكبر مجمّعات الحوسبة في أوروبا، في خطوة تعكس حجم الرهانات والمخاطر المرتبطة بمستقبل الذكاء الاصطناعي.

ففي إقليم بوليا، تعمل شركة «أدرياتيک دي سي» على تطوير ثلاثة مراكز بيانات عملاقة، من بينها منشأة قادرة على تشغيل 1.5 غيغاواط من الكهرباء وتحويلها إلى طاقة حوسبة مخصصة للذكاء الاصطناعي، وهي قدرة تفوق ما تمتلكه معظم المرافق المتقدمة حاليًا. هذا المشروع، إذا اكتمل، قد يجعل المنطقة مركزًا محوريًا لخدمات الذكاء الاصطناعي في حوض المتوسط، يخدم أوروبا وآسيا والشرق الأوسط في آن واحد.

واللافت، بحسب التقرير، أن مؤسس الشركة، لورينزو أفيللو، لم يسبق له بناء مركز بيانات، إذ جاءت خبرته من قطاع الطاقة المتجددة. إلا أن حالته تعكس ظاهرة أوسع، حيث اندفع مستثمرون ومطوّرون من خلفيات متنوعة إلى سباق بناء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، مدفوعين بتوقعات سوقية هائلة واستثمارات بمئات المليارات. هذا التوسع السريع يشير إلى انتقال مركز الثقل من «بيغ تك» إلى خليط من شركات التمويل، وشركات ناشئة، وكيانات خرجت حتى من عالم العملات المشفرة.

توزيع المخاطر

وهذا التنوع في ملكية مراكز البيانات يحمل جانبًا إيجابيًا يتمثل في توزيع المخاطر، لكنه يفتح الباب في الوقت نفسه أمام مخاطر نظامية أوسع. ففي حال تراجع الطلب على الذكاء الاصطناعي أو تبيّن أن بعض التوقعات مبالغ فيها، فإن التداعيات لن تقتصر على قطاع التكنولوجيا، بل قد تمتد إلى أسواق الأسهم والديون والبنية التحتية للطاقة.

والشهية التمويلية تبدو مفتوحة على مصراعيها، إذ سارعت المصارف والمستثمرون إلى تمويل مشاريع مراكز البيانات، بينما فضّلت شركات التكنولوجيا الكبرى استئجار هذه المرافق بدل بنائها وتحمل ديونها.

وهذا النموذج يخفف الأعباء عن ميزانيات الشركات العملاقة، لكنه ينقل المخاطر إلى مطوّرين جدد يعتمدون على عقود طويلة الأجل قد تكون عرضة لإعادة التفاوض أو الإلغاء إذا تغيّرت ظروف السوق.

لكن في المقابل، لا يزال نقص القدرة الحاسوبية يشكل هاجسًا لكبرى الشركات حول العالم، ما يمنح هذه المشاريع مبررًا قويًا في المدى القريب. غير أن تحذيرات من فائض محتمل في المعروض تتزايد، خاصة مع طول دورات البناء وارتفاع التكاليف، واحتمال تراجع الطلب مع نضوج تقنيات الذكاء الاصطناعي أو تحسن كفاءتها.

واعتبر التقرير إن مشروع بوليا، الذي تُقدَّر كلفته بأكثر من 50 مليار يورو، يجسّد هذا الرهان الكبير على المستقبل. فبين طموح تحويل جنوب إيطاليا إلى مركز أوروبي للذكاء الاصطناعي، ومخاوف تضخم الفقاعة الاستثمارية، يقف قطاع مراكز البيانات عند مفترق طرق، حيث قد تصنع السنوات المقبلة فائزين قلائل وتترك خلفها مشاريع لم ترَ النور.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى