من سيخلف كير ستارمر في زعامة حزب العمال؟.. تعرف إلى أبرز منافسيه

رغم مرور أقل من عامين على الفوز الكاسح الذي قاد حزب العمال إلى السلطة بقيادة السير كير ستارمر، بدأت علامات التململ تظهر داخل الحزب، إثر تراجع حاد في شعبية رئيس الوزراء وحكومته، وازدياد همسات الطموح لدى عدد من قياداته البارزة.
وفي ظل حزب لا يفتقر تاريخيًا إلى الصراعات الداخلية، يتربص منافسون محتملون بستارمر من مختلف الأجنحة، مترقبين لحظة مناسبة للانقضاض على الزعامة، في ظل شعور متنامي بأن القيادة الحالية لم تفِ بالوعود التي حملت الحزب إلى الحكم.
ووفقا لصحيفة التايمز، يُتوقع أن تمثل انتخابات اسكتلندا وويلز وأجزاء من إنجلترا في مايو/ أيار المقبل لحظة اختبار حاسمة، بل وربما خطرة، لستارمر، وسط توقعات بخسائر قاسية قد تعمّق أزمة الثقة داخل الحزب.
ومع ذلك، يبقى السؤال المركزي: هل يوجد بديل حقيقي قادر على إعادة إحياء حظوظ حزب العمال الانتخابية؟ فحتى الآن، لا يبرز اسم واحد يحظى بإجماع واضح، بل مجموعة من الطامحين، لكل منهم نقاط قوة لافتة، تقابلها عوائق لا تقل وزنًا.
ويس ستريتينغ:
يُعد ويس ستريتينغ، وزير الصحة، أبرز من لوّح صراحة بطموحاته. فقد تجاوز في الأشهر الأخيرة الخطوط الحمراء أكثر من مرة، موجّهًا انتقادات علنية لستارمر وداونينغ ستريت، كان أخطرها اتهامه لرئاسة الوزراء بالإشراف على بيئة عمل “سامة”، ما أدى إلى مواجهة مباشرة مع رئيس موظفي ستارمر، انتهت باعتذار نادر من رئيس الوزراء نفسه.
ولم يكتفِ ستريتينغ بذلك، بل انتقد لاحقًا ما وصفه بالنهج “التكنوقراطي” للحكومة، وسياساتها المعقدة والمنفصلة عن هموم الناخبين، قبل أن يطرح مواقف مثيرة للجدل، مثل الدعوة إلى اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، والنظر في حظر وسائل التواصل الاجتماعي على من هم دون السادسة عشرة.
يمتلك ستريتينغ حضورًا إعلاميًا قويًا وخطابًا سلسًا، ويُنظر إليه كوسطي تقدمي قادر على خوض سجالات مباشرة مع خصوم مثل نايجل فاراغ، على عكس أسلوب ستارمر الأكثر تحفظًا.
كما أنه يمتلك شبكة دعم محتملة داخل الحكومة وبين المانحين، وقدرته على جمع العدد المطلوب من النواب لبدء سباق الزعامة تبدو واقعية. غير أن شعبيته بين الناخبين تبقى محدودة؛ إذ لا يرى فيه سوى 7 في المئة من الجمهور البديل الأنسب لستارمر، مع شكوك مستمرة حول قدرته على كسب يسار الحزب، فضلًا عن هشاشة وضعه الانتخابي في دائرته.
أنجيلا راينر:
تفضل أنجيلا راينر، نائبة رئيس الوزراء السابقة، اعتماد استراتيجية الانتظار. فمنذ خروجها القسري من الحكومة بسبب تحقيقات ضريبية، خففت من ظهورها، مكتفية بالتدخل في قضايا محددة مثل حقوق العمل، مع تعزيز حضورها داخل التيار اليساري المعتدل.
ورغم أن مستقبلها السياسي مرتبط بنتائج التحقيق الضريبي، فإن حلفاءها يؤكدون أنها ستدخل سباق الزعامة فور أي هزيمة انتخابية لستارمر.
تحظى راينر بشعبية واسعة داخل أوساط نواب الحزب، وتتمتع بدعم قوي من النقابات، كما أن سيرتها الشخصية – من نشأة قاسية في الإسكان الاجتماعي إلى الوصول إلى قمة السلطة – تمنحها جاذبية سياسية نادرة.
لكنها تعاني من ضعف واضح في شعبيتها العامة، حيث لا يراها سوى 6 في المئة من الناخبين خيارًا مناسبًا لرئاسة الوزراء، فضلًا عن أن التحقيقات الضريبية، حتى لو أُغلقت، ستظل عبئًا سياسيًا ثقيلًا عليها.
آندي بورنهام
يبرز آندي بورنهام، عمدة مانشستر الكبرى، كحالة خاصة. فهو الشخصية الأبرز في الحزب التي لم تتلوث بتجربة الحكم الأخيرة، ما جعله المرشح المفضل لدى شريحة من ناخبي العمال.
وقد طرح رؤية يسارية وسطية طموحة، محذرًا من “هزيمة وجودية” محتملة أمام حزب الإصلاح إذا لم يغير الحزب مساره.
إلا أن طريقه إلى الزعامة مليء بالعقبات، أبرزها عدم كونه نائبًا في البرلمان، والحاجة إلى اجتياز انتخابات فرعية محفوفة بالمخاطر، في ظل سيطرة ستارمر على الهياكل التنظيمية للحزب.
شابانا محمود:

تظهر شابانا محمود، وزيرة الداخلية، كنجمة صاعدة، عرفت بمواقفها الصارمة من الهجرة وبأسلوبها المباشر في البرلمان.
وقد اختارها ستارمر لقيادة أحد أكثر الملفات حساسية، ما منحها حضورًا قويًا داخل الحكومة. غير أن توقيت طموحها يبدو مبكرًا؛ فشعبيتها بين الناخبين لا تزال محدودة، ومواقفها المتشددة تثير قلق قطاعات واسعة داخل الحزب، ما يجعل فرصها في المدى القريب ضعيفة.
إد ميليباند:
يبقى إد ميليباند، وزير الطاقة وزعيم الحزب السابق، اسمًا لا يمكن تجاهله. فهو يتمتع بشعبية استثنائية بين أعضاء الحزب، ويتبنى رؤية أكثر تقدمية، تقوم على توحيد اليسار بدل منافسة اليمين.
غير أن إرث هزيمته السابقة لا يزال يطارده، إضافة إلى المخاطر المرتبطة بملف التحول إلى الحياد الكربوني وخفض فواتير الطاقة، وهي رهانات قد تنقلب ضده إذا أخفقت.
وسط كل ذلك، لا يزال كير ستارمر نفسه لاعبًا في المعادلة، رغم تدهور شعبيته إلى مستويات غير مسبوقة. فقد تآكلت سلطته بفعل أخطاء سياسية واقتصادية متراكمة، وتراجع الثقة بقدرته على إحداث التغيير الموعود.
ومع ذلك، يستند ستارمر إلى فوزه الانتخابي الكبير، وإلى قناعة لدى بعض نوابه بأن تغيير القيادة في منتصف الطريق قد يكرر أخطاء المحافظين. وربما تكون قوته الأكبر، في ضعف منافسيه وتشرذمهم، إذ إن غياب مرشح توافقي واحد قد يمنحه فرصة البقاء، ولو مؤقتًا، على رأس حزب يزداد انقسامًا وقلقًا بشأن مستقبله.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز






