ستارمر تحت النار.. ترحيب بعلاء عبدالفتاح يشعل جدلا وانتقادات

لم يمرّ ترحيب الحكومة في بريطانيا، بعودة الناشط المصري-البريطاني علاء عبد الفتاح دون تداعيات سياسية وإعلامية واسعة.
إذ فجّر موجة جدل حاد أعادت إلى الواجهة أسئلة حساسة تتعلق بحدود الدعم السياسي، ومعايير الخطاب العام، والتوازن بين قضايا حقوق الإنسان ومخاطر التطرف والتحريض على العنف.
فقد وجد رئيس الوزراء كير ستارمر نفسه في قلب عاصفة انتقادات بعد أن عبّر علنًا عن «سعادته» بالإفراج عن عبد الفتاح ولمّ شمله مع أسرته في لندن، معتبرًا أن هذه اللحظة تمثل «راحة عميقة» لعائلته، ومشيدًا بالجهود التي بُذلت من أجل الإفراج عنه. وأكد ستارمر أن قضية عبد الفتاح كانت أولوية لحكومته منذ توليها السلطة، موجّهًا شكرًا صريحًا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على قرار العفو.
هذا الموقف لم يكن فرديًا، إذ انضم إليه عدد من كبار المسؤولين في الحكومة، من بينهم نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، في رسائل ترحيب مماثلة، ما أعطى الانطباع بأن الأمر يمثل موقفًا سياسيًا رسميًا متكاملًا، وليس مجرد تعاطف إنساني أو دعم قنصلي تقليدي.
هجوم على ستارمر
غير أن هذه الرسائل سرعان ما تحولت إلى مادة سجالية ساخنة داخل الساحة السياسية البريطانية، وفق صحيفة الإندبندنت البريطانية، فقد شنّ معارضون، وعلى رأسهم مسؤولون في حزب المحافظين وحزب الإصلاح، هجومًا لاذعًا على الحكومة.
واعتبروا أن الترحيب العلني بعبد الفتاح يتجاهل سجلًا مثيرًا للجدل من التصريحات والمنشورات المنسوبة إليه على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي وُصفت بأنها تحريضية وعنيفة ومعادية لليهود والشرطة.
وزير العدل في حكومة الظل روبرت جينريك اعتبر أن ما جرى «خطأ جسيم في التقدير»، مشددًا على أن رئيس الوزراء تجاوز حدود الدعم القنصلي الصامت إلى «تأييد شخصي وعلني».
وأشار إلى التناقض بين هذا الترحيب وبين تعهدات ستارمر الأخيرة بالقضاء على معاداة السامية في المملكة المتحدة، في وقت تشهد فيه البلاد، بحسب قوله، حساسية متزايدة إزاء خطاب الكراهية والعنف، خصوصًا بعد حوادث إرهابية وهجمات معادية لليهود داخل بريطانيا وخارجها.
وسار زعيم حزب الإصلاح نايغل فاراج في الاتجاه نفسه، معتبرًا أن الحكومة «تزداد سوءًا»، ومشيرًا إلى أن أيًا من قادة حزب العمال لم يتطرق في تصريحاتهم إلى التغريدات المنسوبة لعبد الفتاح، والتي تتضمن دعوات صريحة إلى العنف، على حد تعبيره.
واعتبرت وسائل الإعلام بريطانية أن الحكومة أخفقت في إرسال رسالة واضحة تقف إلى جانب ضحايا الكراهية والتحريض، وبدلًا من ذلك قدّمت عودة عبد الفتاح على أنها «إنجاز سياسي وأخلاقي»، متسائلة عما إذا كان رئيس الوزراء على دراية كاملة بسجل الرجل قبل نشر ترحيبه العلني.
وعلمت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن رسائل الناشط لم تصل إلى علم رئيس الوزراء إلا بعد تسليط الضوء عليها في الأيام الأخيرة – وتعتبرها الحكومة بغيضة.
ماسك على خط الهجوم
الجدل لم يبقَ محصورًا داخل الدوائر السياسية، بل امتد إلى الفضاء الرقمي العالمي، بعدما دخل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك على الخط، متفاعلًا بسخرية مع منشورات تنتقد منح عبد الفتاح الجنسية البريطانية والترحيب الرسمي به.
وعلّق ماسك على مقارنات بين قسوة أحكام صدرت بحق بريطانيين في قضايا داخلية، وبين الاحتفاء بعودة عبد الفتاح، ما زاد من زخم النقاش وأعطاه بعدًا دوليًا.
في قلب هذا السجال، عادت إلى التداول تغريدات قديمة نُسبت لعبد الفتاح تعود إلى الأعوام 2010-2011، تضمنت عبارات اعتبرها منتقدوه دعوات مباشرة إلى قتل «اليهود» والشرطة، والتشكيك في المحرقة، والتحريض على العنف خلال أحداث شغب شهدتها لندن آنذاك، ورغم أن بعضها حُذف لاحقًا، فإنها شكّلت أساسًا رئيسيًا للهجوم عليه وعلى الحكومة التي رحبت بعودته.
ولم تُقدّم الحكومة توضيحات إضافية تتجاوز تصريحات الترحيب الأولى، لكن المؤكد أن قضية علاء عبد الفتاح تحولت من ملف حقوقي إلى اختبار سياسي وأخلاقي لحكومة حزب العمال، واختبار لقدرتها على إدارة التوازن الدقيق بين المبادئ المعلنة وحساسيات الواقع الداخلي البريطاني.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




