اسعار واسواق

خبراء يرسمون سيناريوهات مستقبل غينيا بعد الرئاسيات


رسم خبراء سياسيون سيناريوهات مستقبلية للمشهد السياسي في غينيا، بعد إجراء الانتخابات الرئاسية.

وأُجريت الأحد الانتخابات الرئاسية في العاصمة كوناكري، والتي وضعت رسميًا حدًا للمرحلة الانتقالية التي بدأت إثر الانقلاب العسكري في سبتمبر/أيلول 2021.

ورغم التنظيم الجيد للعملية الانتخابية وغياب الحوادث الكبيرة، لاحظت بعثات المراقبة الدولية انخفاضًا ملحوظًا في الحماس الشعبي، ما يطرح تساؤلات حول مدى شرعية النتائج وقدرة السلطة الجديدة على تحقيق الاستقرار السياسي.

وأشار الخبراء إلى أن المشهد في غينيا يقف عند مفترق طرق، حيث يتعين على الحكومة القادمة التعامل مع تحديات دمج المعارضة التقليدية وإعادة بناء الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، بالإضافة إلى معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم، خصوصًا بين الشباب والفئات المهمشة.

وتتراوح السيناريوهات المستقبلية بين تثبيت حكم مدني ديمقراطي مستقر إذا نجح الرئيس المنتخب في احتواء الانقسامات وتحفيز المشاركة الشعبية، وبين خطر استمرار الاحتقان إذا لم يتم دمج المعارضة بشكل فعال، ما قد يعيد البلاد إلى أزمات سياسية مشابهة للماضي.

ووفقًا لتقارير بعثات المراقبة الدولية، فقد تمت العملية الانتخابية بسلاسة ودون وقوع أي حوادث كبيرة، ففي حي بامبيتو، عبّر الناخب محمد عن ارتياحه للتنظيم الجيد للعملية، مؤكدًا أهمية العودة إلى نظام حكم طبيعي لتحقيق مصداقية دولية وتعزيز الاقتصاد المحلي.

في المقابل، رفض إبراهيم، المؤيد للمعارض سيلو دالين ديالو، المشاركة في الاقتراع اعتراضًا على استبعاد معسكره السياسي، مؤكّدًا أن العملية الانتخابية لم تعد تعكس طموحات جميع الأطراف السياسية، بحسب إذاعة “إر.إف.إي” الفرنسية.

وبلغ عدد الناخبين الذين دُعوا للإدلاء بأصواتهم نحو 6.7 مليون ناخب، في مواجهة الجنرال مامادي دومبويا لثمانية مرشحين آخرين، في حين لم يتمكن قادة الأحزاب الكبرى المنفيون من المشاركة، وقد أعلنت المديرية العامة للانتخابات أن النتائج الأولى ستُعلن مساء الثلاثاء.

الانتقال الديمقراطي

وقال ديفيد ماتسانغا، خبير حل النزاعات في أفريقيا، والباحث في مركز الدراسات الأفريقية، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، إن الانتخابات الهادئة في كوناكري تُظهر نجاح الإدارة الانتقالية في تنظيم الاستحقاقات الأساسية، وهو مؤشر إيجابي على استقرار المؤسسات، موضحًا أن انخفاض نسبة المشاركة يعكس شعورًا بالإقصاء لدى جزء من المعارضة، ما قد يهدد شرعية العملية الانتخابية على المدى الطويل.

ووفقًا للباحث الأفريقي، فإن السيناريوهات المستقبلية لغينيا تتراوح بين احتمال تثبيت حكم مدني ديمقراطي إذا نجح الرئيس المنتخب في احتواء الانقسامات السياسية وتحفيز المشاركة الشعبية، وبين خطر استمرار الاحتقان إذا لم يتم دمج المعارضة بشكل فعال.

ورأى ماتسانغا أن الاستثمار في التعليم المدني وتشجيع الحوار الوطني سيكونان مفتاحًا لتفادي العودة إلى أزمات سياسية محتملة.

وأضاف ماتسانغا أن التحديات لن تقتصر على الانقسامات السياسية فقط، بل ستشمل أيضًا إدارة العلاقة مع المجتمع الدولي، خصوصًا الجهات المانحة والمستثمرين الأجانب الذين يراقبون الانتخابات عن كثب.

وأوضح أن غينيا بحاجة إلى برامج اقتصادية واضحة ومشاريع تنموية ملموسة لتعزيز ثقة المواطنين في الدولة، مشددًا على أن قدرة الحكومة على تحقيق إنجازات سريعة وملموسة ستسهم في رفع معدلات المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة، وتخفيف مخاطر الاستقطاب السياسي.

الدمج السياسي والتنمية

من جهته، رأى أريفي جاكوب، الخبير السياسي الغيني، لـ”العين الإخبارية”، أن الانتخابات الهادئة تعد خطوة مهمة نحو استقرار غينيا، لكنها تحمل رسائل واضحة حول التحديات المستقبلية، موضحًا أن غياب مشاركة جماعات المعارضة التقليدية قد ينعكس سلبًا على مصداقية النتائج، ويخلق شعورًا بعدم الشمولية لدى المواطنين.

وأكد جاكوب أن الدمج السياسي والمصالحة الوطنية يجب أن يكونا أولوية للسلطات الجديدة، مع التركيز على تحسين الظروف الاقتصادية والوظائف، خصوصًا للشباب الذين يشعرون بالإقصاء.

وأضاف جاكوب أن نجاح الرئيس الجديد لن يُقاس فقط بقدرته على الحكم، بل بقدرته على إشراك مختلف الفئات السياسية والمجتمعية في عملية التنمية الوطنية، وإعادة الثقة في مؤسسات الدولة.

وأشار جاكوب إلى أن الانتخابات الهادئة لا تعني بالضرورة استقرارًا دائمًا، إذ يبقى شعور العديد من الفئات المهمشة بعدم تمثيلهم في صنع القرار مصدر قلق حقيقي.

وأضاف جاكوب أن الاستثمار في برامج اجتماعية للشباب والمرأة والأحياء المهمشة سيكون عنصرًا حاسمًا للحفاظ على الاستقرار، كما يجب إشراك الأحزاب السياسية في حوارات دورية لضمان معالجة مطالب المواطنين بشكل شفاف، وهو ما سيقوي شرعية الحكومة ويقلل من احتمالات النزاعات الداخلية على المدى المتوسط.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى