تونس أمام مفترق تجاري.. البرلمان يناقش تعديلات اتفاقيات مع أوروبا قبل مهلة 2026

انطلق مجلس نواب الشعب التونسي، الأربعاء، في مناقشة مشاريع قوانين تتعلق بتعديل اتفاقيات مع أوروبا، من بينها اتفاقية التبادل التجاري، والاتفاقية الجهوية لقواعد المنشأ التفاضلية الأوروبية المتوسطية.
ويناقش البرلمان ثلاثة مشاريع قوانين، يتعلق الأول بتعديل البروتوكول «ب» لاتفاق التبادل الحر بين تونس ودول المجموعة الأوروبية للتبادل الحر.
وكانت تونس قد وقّعت مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية التبادل الحر عام 1995، ودخلت حيز التنفيذ عام 1998، وتهدف إلى إقامة منطقة تجارة حرة بين الجانبين.
أما المشروع الثاني، فيتعلق بتعديل الاتفاق الأوروبي المتوسطي المؤسس لشراكة بين تونس من جهة، والمجموعة الأوروبية ودولها الأعضاء من جهة أخرى.
ووقّع الاتفاق الأوروبي المتوسطي بين تونس والمجموعة الأوروبية عام 1995 ليكون إطارًا للشراكة والتعاون الشامل، بهدف تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الجانبين، وتأسيس إطار قانوني لعلاقات طويلة الأمد.
ويتناول المشروع الثالث التعديلات المقترحة على الاتفاقية الجهوية لقواعد المنشأ التفاضلية الأوروبية المتوسطية.
ويعود «النظام الأورومتوسطي لقواعد المنشأ» إلى عام 1999، حيث تم اعتماده بين دول الاتحاد الأوروبي ودول حوض البحر المتوسط، ويقوم على مبدأ تراكم المنشأ، وتعزيز التكامل الاقتصادي، وتسهيل المبادلات التجارية.
من جهته، قال البرلماني التونسي علي زغدود إن هذه الاتفاقيات ستمنح تونس مزيدًا من المرونة في عملية التصدير، كما ستحفز المنتجات ذات المنشأ التونسي والمواد المصنعة محليًا، على غرار الملابس وصناعة السيارات، ما يعزز الطاقة التشغيلية في البلاد وينعكس إيجابًا على الاستثمار.
وأكد زغدود، في تصريح لـ«العين الإخبارية»، أن تونس مرتبطة بآجال زمنية واضحة، إذ إنه بداية من 1 يناير/كانون الثاني 2026 ستفرض عدة أسواق أوروبية وأورومتوسطية غرامات على الدول غير المنضوية ضمن هذه الاتفاقيات، ما يجعل الولوج إلى تلك الأسواق أكثر صعوبة في ظل فرض قيم مضافة على عديد البضائع.
وتابع قائلًا: «إذا لم نكن حاضرين مع بداية 1 يناير/كانون الثاني 2026، فستُطبّق علينا شروط أخرى، ونصبح غير قادرين على الولوج إلى هذه الأسواق ودخولها بسهولة».
من جهة أخرى، قالت نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب، ريم الصغير، إن التعديلات التي شرع المجلس في النظر فيها، والمتعلقة بثلاثة مشاريع قوانين أساسية، تُعد تعديلات تقنية، وتمثل في جوهرها «دستورًا تجاريًا جديدًا».
وأكدت، في تصريح لـ«العين الإخبارية»، أن المصادقة على تعديل قواعد المنشأ التفاضلية الأوروبية المتوسطية ستمكّن المنتج التونسي والمؤسسات الصغرى والمتوسطة من النفاذ إلى الأسواق الخارجية والتمتع بامتيازات جمركية.
وأفادت بأن الانفتاح على الأسواق الأورومتوسطية يُعد إحدى آليات تدعيم السيادة الوطنية، ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة للاستفادة من امتيازات تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، مؤكدة أن هذه الاتفاقيات تخدم المصلحة العامة.
وفي السياق ذاته، قال وزير التجارة وتنمية الصادرات، سمير عبيد، في كلمة أمام البرلمان، إن مطلع عام 2026 سيكون أقصى موعد لاعتماد النظام الأورومتوسطي لقواعد المنشأ ضمن الاتفاقيات التجارية، من خلال قرارات ثنائية ودخولها حيز التنفيذ.
وأوضح عبيد أن الفضاء الأوروبي «محمي ويصعب الولوج إليه»، مشيرًا إلى أن القواعد الجديدة، القائمة على تراكم المنشأ والتحويل المبسط، من شأنها ضمان دخول المنتجات التونسية إلى هذه الأسواق بثبات وسهولة أكبر.
وأشار إلى أن أبرز مميزات القواعد الجديدة للمنشأ تتمثل في مبدأ التراكم الكلي لمنشأ المواد الأولية ونصف المصنعة، إضافة إلى عمليات التصنيع، ما يفتح آفاقًا واسعة أمام المؤسسات الصناعية التونسية، لا سيما الصغرى والمتوسطة، لتطوير إنتاجها ورفع صادراتها واكتساب صفة المنشأ التونسي.
وذكر أن التعديلات المرتقبة في قواعد المنشأ تمثل فرصة مهمة لتطوير القطاعات الصناعية التونسية، وفتح آفاق التصدير، خاصة نحو السوق الأوروبية، بما يعزز العلاقات التجارية بين بلدان الفضاء الأورومتوسطي.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين تونس والاتحاد الأوروبي، خلال عام 2024، نحو 25.1 مليار يورو، منها 13.0 مليار يورو واردات الاتحاد الأوروبي من تونس، مقابل 12.1 مليار يورو صادرات الاتحاد الأوروبي إلى تونس.
ويُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لتونس، إذ يستقبل نحو 70% من إجمالي صادرات البلاد.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




