اسعار واسواق

فورد تكشف عن استراتيجية ثورية في صناعة السيارات


كشف الرئيس التنفيذي لشركة فورد، جيم فارلي، عن مفاجأة من العيار الثقيل، تتعلق بتحول جذري في طريقة تصنيع السيارات الكهربائية، قد يعيد رسم خريطة الصناعة بالكامل.

وما بدأ كعرض تقني بسيط سرعان ما اتضح أنه إعلان عن نظام إنتاج جديد كليًا -“نظام فورد الموحد لإنتاج السيارات الكهربائية”- والذي يغيّر ليس فقط كيفية تصنيع السيارات، بل كيفية تصميمها من الأساس.

ووفقا لتقرير لموقع وايرد. فإنه حتى الآن، كانت السيارات تُصنع على خطوط إنتاج تقليدية، يتم فيها تجميع السيارة قطعة تلو الأخرى بطريقة تصاعدية. لكن فورد قررت قلب هذا المفهوم رأسًا على عقب. فبدلاً من بناء السيارة كقطعة واحدة بشكل تدريجي، ستُبنى في 3 أقسام رئيسية: المقدمة، الوسط، والمؤخرة -كلٌ على خط تجميع منفصل، ثم تُركّب الأجزاء الثلاثة معًا في النهاية.

وقال فارلي: “لم يسبق لأحد أن بنى سيارة بهذه الطريقة. نبني كل قسم على حدة، ثم نركبهم معًا في النهاية. الفائدة؟ السرعة، وتقليل التكلفة، ورفع الكفاءة”.

ونقل التقرير عن تصريحات فارلي أن هذه الطريقة تتيح للعمال “بناء السيارة من الداخل”، ما يعني تقليل الحاجة إلى أدوات مُعقدة وتحركات مرهقة في مساحات ضيقة، كما هو الحال في الأنظمة التقليدية. وقال “لم نعد بحاجة إلى آلاف القطع الجانبية في خط الإنتاج، لأن الأجزاء تُركب مباشرة أثناء التجميع”.

نظام أسرع

ويشير فارلي إلى أن هذا النظام الجديد سيكون أسرع بنسبة 40% من النظام الحالي، كما سيسمح بتقليص عدد محطات العمل بمعدل مشابه. كما سيُخفض عدد الأجزاء المستخدمة في تصنيع السيارة بنسبة 20%، وعدد المثبتات -من براغٍ ومسامير ومشابك- بنسبة 30%.

ويُمكّن النظام الجديد من استخدام بطاريات LFP (فوسفات الحديد والليثيوم) بشكل هيكلي، إذ تُدمج في أرضية السيارة ثم تُبنى المقاعد والهيكل حولها. وهذا يختلف عن تقنية “البطارية إلى الهيكل” (cell-to-chassis) المعروفة؛ فورد تسميها “من الخلية إلى الجسم” (cell-to-body). وبذلك، فالبطارية لم تعد مكونًا يوضع داخل السيارة -بل أصبحت هي السيارة.

وهذه البطاريات، التي تُستخدم على نطاق واسع في الصين، أرخص بنسبة 30% من نظيراتها من الليثيوم، وتتميز كذلك بأنها أكثر أمانًا، ما يعزز من قدرة فورد على تقديم سيارات كهربائية بتكلفة منخفضة.

منصة مرنة لكل الفئات

والنظام الجديد مدعوم بمنصة إنتاج موحدة بجهد 400 فولت، قابلة للتكيف لإنتاج طرازات مختلفة. ويسري ذلك على كل الأنواع من سيارات صغيرة إلى شاحنات بيك أب وفانات وسيارات رياضية متعددة الاستخدام (SUV). أول طراز يُبنى على هذه المنصة الجديدة سيكون شاحنة بيك أب كهربائية متوسطة الحجم، من المتوقع إطلاقها في 2027، بسعر ابتدائي مغرٍ يبلغ 30000 دولار.

ووفقاً لفورد، ستمتاز هذه الشاحنة بأداء يماثل سيارات موستانغ بمحرك إيكوبوست، ومساحة داخلية تفوق تويوتا RAV4. وهو ما يُعد خطوة مهمة نحو جعل السيارات الكهربائية أكثر جاذبية للمستهلك العادي.

مشروع سري

ووراء هذه القفزة التقنية، فريق صغير وسري قاده دوغ فيلد، وهو كبير مسؤولي السيارات الكهربائية والتصميم الرقمي في فورد، والمهندس السابق في تسلا وأبل. وبدأت الفكرة قبل 3 سنوات بشخص واحد: ألان كلارك، أحد العقول الرئيسية وراء موديل 3 في تسلا. ويقول فيلد إن “ألن كان أفضل من صمم سيارات كهربائية حينها، وهو موهبة نادرة”. وأضاف أن الفريق نما بسرعة ليضم خبراء من شركات مثل ريفيان وتسلا، متحمسين لصنع شيء مختلف تمامًا في فورد.

لكن تحويل هذه الرؤية إلى واقع لم يكن بالأمر السهل. وكان التحدي الأكبر هو ربط مقدمة السيارة بباقي الهيكل بعد أن يكون كل قسم قد اكتمل على حدة. يقول فيلد: “التجميع النهائي كان الأصعب -من حيث الإحكام، القوة في التصادم، مقاومة التآكل، والدقة الهندسية”.

وحتى خطوات تبدو بسيطة مثل الطلاء تحولت إلى تحديات: “فكيف تطلي نصف السيارة وتربطه بالنصف الآخر لاحقًا؟ كيف تمنع التواء الجسم وهو بلا أرضية؟” كلها أسئلة هندسية تطلبت حلولاً جديدة بالكامل.

سلاح أمام الصين؟

ويرى فارلي أن هذا الابتكار هو سلاح فورد في المعركة العالمية مع صانعي السيارات في الصين، مثل BYD. ويقول: “لا يمكننا منافسة الصين على الحجم أو التكامل الرأسي، لكن يمكننا هزيمتهم بالابتكار”. ويضيف أن فريق فورد نجح في تصميم منظومة دفع وكهرباء أكثر كفاءة، سمحت باستخدام بطاريات أصغر، ما يعادل كفة الكلفة أمام عملاق مثل BYD.

وفي نهاية المطاف، ما تُقدمه فورد هنا ليس مجرد تحسين في خطوط الإنتاج، بل نهجًا جديدًا كليًا في التفكير في السيارة الكهربائية -من التصميم إلى التصنيع. ومن يدري؟ ربما هذا ما تحتاجه الصناعة الغربية لتستعيد زمام المبادرة.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى