«فنادق اللجوء».. الغرف المؤقتة تشعل أزمة سياسية في بريطانيا

تحولت الفنادق التي تؤوي طالبي اللجوء في بريطانيا إلى بؤرة صراع سياسي واجتماعي محتدم، بعدما تحولت إلى ملاذ مؤقت لعشرات الآلاف ممن
فروا من الحروب والاضطرابات، والذين وجدوا أنفسهم عالقين لسنوات في انتظار قرار يحدد مصيرهم.
ووفق بيانات وزارة الداخلية، يقيم نحو 32 ألف طالب لجوء حتى يونيو/حزيران الماضي في أكثر من 200 فندق، في ظل تراكم غير مسبوق لملفات طلبات اللجوء.
وتشير صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن هذا الوضع أثار غضب اليمين الذي يدعو إلى ترحيلات جماعية، وانتقادات منظمات حقوقية ترى أن الفنادق ليست حلا إنسانيا أو مستداما.
وقد اتخذت القضية بعدا قضائيًا بارزا حين منعت المحكمة العليا فندق “بيل” في إيبينغ من استقبال طالبي اللجوء، استجابة لطلب المجلس البلدي المحلي الذي حذّر من “تهديد التماسك الاجتماعي”.
لكن وزارة الداخلية ومالكي الفندق استأنفوا الحكم، لتلغي محكمة الاستئناف القرار مؤقتا. ورغم ذلك، بقيت الشوارع ملتهبة بالاحتجاجات التي كان آخرها محاولة مجموعة من الملثمين اقتحام فندق غرب لندن، ما أدى إلى توقيف خمسة أشخاص.
الأزمة تزامنت مع زيادة غير مسبوقة في طلبات اللجوء، إذ بلغت 111 ألفا في عام واحد حتى يونيو/حزيران 2025، غالبية مقدميها من الأفغان والإريتريين، فيما وصل نحو 40 بالمائة في قوارب صغيرة عبر القنال الإنجليزي.
ومع أن القانون يفرض على الحكومة توفير مأوى مؤقت لمن قد يصبحون بلا سكن، فإن اعتماد السلطات على الفنادق ارتفع بشكل كبير منذ جائحة كورونا، وأضافت حادثة إيبينغ المزيد من الزخم للجدل السياسي، خاصة مع دخول حزب “الإصلاح البريطاني” اليميني بقيادة نايجل فاراغ على الخط.
ووصف فاراغ الحكم القضائي الأخير بأنه “انتصار لحقوق المهاجرين على حساب المواطنين”، وأعلن خطة لترحيل 600 ألف مهاجر غير نظامي إذا وصل حزبه إلى الحكم عام 2029، متوعدا بالانسحاب من معاهدات حقوقية دولية يعتبرها عائقًا أمام الترحيل الجماعي.
لكن المعارضة لسياسة الفنادق لا تقتصر على أقصى اليمين، إذ ترى منظمات مدنية مثل “منتدى اللاجئين والمهاجرين” أن هذه المساكن “بائسة وغير صالحة للعيش”، مشيرة إلى تقارير توثق الاكتظاظ ورداءة الطعام وتدهور الصحة النفسية.
ووصف كثير من المقيمين حياتهم في هذه الفنادق بـ”المزرية”، حيث يعيشون في عزلة طويلة بلا حق في العمل، في انتظار قرار قد يعيدهم إلى بلدان فروا منها خوفا من الحرب أو الاضطهاد.
وكانت الحكومة العمالية برئاسة كير ستارمر قد تعهدت بإنهاء استخدام الفنادق بحلول 2029. وأكدت وزيرة أمن الحدود واللجوء، أنجيلا إيغل، أن الاستئناف في قضية إيبينغ هدفه “تنظيم الخروج من هذه الفنادق بشكل منضبط”.
كما أعلنت الحكومة خططًا لتسريع النظر في الطعون وتقليص فترة البحث عن سكن بديل من 28 إلى 56 يوما.
لكن سياساتها تواجه ضغوطا شعبية كبيرة. فقد أظهر استطلاع لمنظمة “يوغوف” أن نصف البريطانيين يؤيدون وقف استقبال مهاجرين جدد وترحيل أعداد كبيرة من المقيمين مؤخرًا.
بينما أبدى سبعة من كل عشرة ناخبين اعتقادهم بأن حكومة ستارمر تدير الملف بشكل سيئ، بينهم نسبة كبيرة من ناخبي حزب العمال نفسه.
وفي ظل هذه الأجواء، تبقى حياة آلاف اللاجئين عالقة بين مطرقة البيروقراطية وسندان التوترات الشعبية، بينما يحذر ناشطون من أن التحريض السياسي والاحتجاجات المتصاعدة لا تهدد فقط طالبي اللجوء، بل تنذر أيضا بتمزيق النسيج الاجتماعي البريطاني.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز