اسعار واسواق

حرب أوكرانيا تستنزف «TNT».. وأمريكا في سباق لإنقاذ صناعة الأسلحة


لم تقتصر ارتدادات حرب أوكرانيا، على جبهات القتال وحدها، بل امتدت لتهز منظومة التسلح العالمية في جوهرها.

فقد أدى الطلب الهائل على الذخائر إلى استنزاف أحد أهم مكونات صناعة السلاح: مادة تي إن تي (TNT)، التي تعد العمود الفقري في تعبئة القذائف والصواريخ وتفجير الصخور في قطاع التعدين.

ذلك النقص العالمي الذي فرضته الحرب ضرب الولايات المتحدة في صميم قدرتها الإنتاجية، إذ وجدت واشنطن نفسها مضطرة للاعتماد على مصادر خارجية ـ معظمها من بولندا ـ في وقت أوقفت فيه روسيا والصين صادراتهما، بينما جفّ مخزون المتفجرات المستعادة من الذخائر القديمة.

فماذا نعرف عن تلك الأزمة؟

تقول صحيفة «نيويورك تايمز»، إنه لأكثر من قرن، اعتمدت الولايات المتحدة على مادة تي إن تي في الأسلحة العسكرية والتعدين التجاري، والتي كانت متوفرة بكثرة ورخيصة، إذ كان سعرها لا يتجاوز 50 سنتًا للرطل قبل عقدين من الزمن.

وأوضحت أنه تم إنتاج ملايين الأطنان من مادة «تي إن تي» خلال الحربين العالميتين وحتى ثمانينيات القرن العشرين، حيث تم استخدامها في تعبئة قذائف المدفعية والقنابل، كما جعلت من الممكن تفجير الصخور لبناء الطرق وصنع الأسمنت لأساسات المنازل ومشاريع البنية التحتية الكبرى.

لكنّ تصنيع مادة تي إن تي، أو ثلاثي نيتروتولوين ، يُنتج نفايات خطرة، وبحلول منتصف ثمانينيات القرن الماضي، أغلقت وزارة الدفاع الأمريكية آخر منشأة تُنتجها في الولايات المتحدة.

وتدخل الموردون الأجانب – لا سيما في الصين وروسيا وبولندا وأوكرانيا – ليقدموا هذه المادة المتفجرة بأسعار منخفضة، بينما كانوا يتعاملون هم أنفسهم مع النفايات الخطرة.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن مصدر الإمداد الثاني والمهم كان مادة «تي إن تي» المُستعادة من ذخائر كالألغام الأرضية والقذائف والقنابل التي يُخرّجها البنتاغون بانتظام.

ورغم أن هذه الأسلحة اعتُبرت قديمة جدًا بحيث لا يمكن للقوات الأمريكية استخدامها، إلا أن المتفجرات الموجودة بداخلها كانت لا تزال صالحة للاستخدام بالكامل ويمكن إعادة تدويرها.

جفاف المنبع

لكن بحسب مسؤولين في صناعة التفجيرات المدنية، فقد جفت هذه المصادر، حيث اختار الجيش الأمريكي الاحتفاظ بالأسلحة القديمة في ترسانته منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، عام 2022.

وبينما كانت بولندا المورد الوحيد المعتمد للبنتاغون لمادة تي إن تي، بدأت إرسال معظم ما تُنتجه عبر حدودها إلى أوكرانيا، التي تستخدم كل ما تنتجه لأغراضها العسكرية.

يأتي ذلك في الوقت الذي توقفت فيه اثنتان من المصادر الرئيسية الأخرى لمادة «تي إن تي»، وهما: روسيا والصين، عن تصديرها إلى الولايات المتحدة، حسب مسؤولين صرحوا للصحيفة الأمريكية.

هذه العوامل مجتمعة أدت إلى الضغط على إنتاج الأسلحة في الولايات المتحدة، فضلاً عن عمليات التفجير في المحاجر الصخرية التي تنتج معظم المواد الخام اللازمة لبناء الجسور والطرق والمباني في أمريكا.

وردًا على ذلك، أذن الكونغرس ببناء مصنع جديد لإنتاج مادة تي إن تي (TNT) يديره الجيش في كنتاكي بكلفة 435 مليون دولار. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيله أواخر عام 2028، لكنه سيُنتج المواد المتفجرة للاستخدام العسكري فقط، ولا توجد خطط لبيع أيٍّ من إنتاجه للقطاع الخاص للمساعدة في سد العجز المحلي.

وأشارت متحدثة باسم الجيش الأمريكي، التي تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالحديث علناً، إلى أن هناك جهودا مستمرة لتعزيز الإنتاج المحلي للمتفجرات في الولايات المتحدة.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى