«لنغلق كل شيء» يربك فرنسا.. إضراب «يقيد» الحركة ويفاقم أزمة الحكومة

تشهد فرنسا، الأربعاء، واحدة من أوسع الحركات الاجتماعية منذ مطلع العام، مع دخول إضراب “لنغلق كل شيء” يومه الأول.
وتركزت تداعيات الإضراب في شبكة النقل العام بباريس وضواحيها، حيث أصابت الاضطرابات خطوط السكك الحديدية والقطارات بين المدن بشكل واسع، بينما بقي المترو والحافلات والترام في وضعية العمل الطبيعي.
الحركة، التي انطلقت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، جاءت ردا على خطة حكومة فرانسوا بايرو التي أسقطها البرلمان قبل يومين، لتوفير 43,8 مليار يورو عبر إجراءات تقشفية تشمل إلغاء عطل رسمية.
وياتي الإضراب بعد ساعات من إعلان قصر الإليزيه، الثلاثاء، تعيين وزير القوات المسلحة سيباستيان لوكورنو، الموالي لإيمانويل ماكرون، رئيسا للوزراء خلفا لبايرو.
وفيما يلي رصد لأوضاع النقل العام وسط الإضراب:
- المترو: سير شبه طبيعي على جميع الخطوط الـ14، بما فيها الخطوط الآلية (1، 4، 6، 9، 11، 14)، وهو ما أعطى متنفساً لسكان العاصمة.
- خطوط السكك الحديدية في باريس وإيل دو فرانس: الأوضاع أكثر تعقيداً، حيث سجلت خطوط “H” و”R” شللاً واسعاً، مع معدل قطار واحد من أصل ثلاثة. أما خطوط “J” و”L” و”N” و”K” فقدمت الخدمة جزئيا.
- الحافلات والترام: حركة شبه طبيعية (9 حافلات من أصل 10)، مما وفر بدائل عملية.
- المطارات: مراقبة دقيقة رغم التهديدات.
ورغم التحذيرات المسبقة من هيئة الطيران المدني، أكد متحدث باسم «مطارات باريس» (ADP) أن الوضع «مستقر حتى الآن» في مطارات أورلي، ورواسي-شارل دوغول، ولو بورجيه.
لكن الشركة وضعت فرقاً في حالة تأهب لرصد أي إغلاق للطرق أو للسكك المؤدية إلى هذه المنصات الجوية، بحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية.
الشارع يغلي
وفي باريس وحدها، سجلت الشرطة 65 حالة اعتقال منذ الصباح الباكر، خصوصاً عند محاولات إغلاق محاور كبرى مثل البوابة الدائرية لباغنوليه ومونتروي.
وأمام ثانوية “هيلين بوشيه” شرق العاصمة، أشعل محتجون حاويات قمامة وحاولوا التوجه نحو بورت دو فانسان؛ وهي محطة قطارات أنفاق، قبل أن تفرقهم قوات مكافحة الشغب بالغاز المسيل للدموع.
وفي مارسيليا، سار نحو 400 متظاهر نحو برج “CMA CGM” رمز الشركات «ذات الأرباح الضخمة»، مما أدى إلى تعطيل حركة الترام “قطارات الشارع” بشكل مؤقت.
في روديز، اكتفى عشرات المتظاهرين ببعض الحواجز الرمزية وتوزيع منشورات ضد «سياسات التقشف»، وسط شعور بخيبة من ضعف المشاركة مقارنة بالتوقعات.
عمليات تخريب
وكشفت شبكة السكك الحديدية عن تسجيل حالتي “تخريب” لكابلات ليلية: الأولى بين مارماند وأجان، ما تسبب في تعطيل الخط بين بوردو وتولوز، والثانية في ضاحية كولوميه بتولوز، أدت إلى توقف تام للحركة على محور سان-سيبريان/كولوميه.
وأعلنت الشركة، أنها رفعت دعاوى قضائية وبدأت إصلاح الأعطال.
السياسة على وقع الاحتجاج
الحركة المفاجئة وضعت الأحزاب في مأزق: أقصى اليمين، الذي يميل غالباً إلى دعم الحركات الشعبية، نأى بنفسه بعد أن تبنى جان-لوك ميلنشون (اليسار الراديكالي) الاحتجاجات، معتبراً أن “اليسار المتشدد خطف المبادرة”، بحسب شبكة “هاف بوست” في نسختها الفرنسية.
رغم ذلك، أظهر استطلاع للرأي أن 61٪ من ناخبي أقصى اليمين يؤيدون الإضراب، مقابل 50٪ من مجمل الفرنسيين و65٪ من ناخبي اليسار، وما يعكس التوتر بين القيادة الحزبية وقاعدتها الاجتماعية.
الإضراب ليس سوى محطة أولى، إذ أعلنت النقابات بالفعل عن موعد ثانٍ في 18 سبتمبر/أيلول، وسط توقعات بأن تتحول حركة “لنغلق كل شيء” إلى اختبار حقيقي للعلاقة بين الشارع والحكومة الجديدة برئاسة سيباستيان لوكورنو، في وقت تعاني فيه فرنسا من أزمة ثقة سياسية واقتصادية متفاقمة.
وإضراب 10 سبتمبر/أيلول لم يكن مجرد تحرك نقابي ضد إجراءات تقشفية، بل عكس حجم الغليان الاجتماعي في فرنسا، حيث تلاقت الأزمات السياسية والاقتصادية مع ذاكرة “السترات الصفراء”.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز