أمريكا تعتزم عرض بيانات مثيرة للجدل تربط لقاحات كورونا بوفاة أطفال

أعلنت مصادر مطلعة أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تخطط لعرض بيانات تشير إلى وجود صلة بين لقاحات كوفيد-19 ووفاة 25 طفلًا.
ومن المتوقع أن يتم الكشف عن هذه البيانات خلال اجتماع اللجنة الاستشارية للقاحات التابعة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) الأسبوع المقبل، وسط ترقب كبير من الأوساط الطبية والسياسية والإعلامية.
خلفية الاجتماع
اللجنة الاستشارية للتطعيمات (ACIP) ستجتمع يومي الخميس والجمعة المقبلين لمراجعة عدة لقاحات، من بينها النسخة المحدثة من لقاحات كوفيد المقررة للخريف.
وبحسب مصادر ثلاث مطلعة، فإن الـFDA اعتمدت على قاعدة بيانات VAERS، وهي قاعدة عامة مشتركة بين FDA وCDC، تسمح لأي شخص – سواء كان طبيبًا أو مريضًا أو ولي أمر – بالإبلاغ عن آثار جانبية يعتقد أنها مرتبطة باللقاحات.
إلا أن خبراء الصحة يشيرون إلى أن هذه البيانات غير موثوقة علميًا بشكل كامل، لأنها لم تُتحقق بعد من مصادر مستقلة، وقد تحتوي على معلومات ناقصة أو مغلوطة.
وفي هذا السياق، قالت دوريت رايس، أستاذة سياسات اللقاحات في جامعة كاليفورنيا: “التقارير من VAERS لا تكفي لإثبات علاقة سببية بين اللقاح وحالات الوفاة، الأمر يتطلب دراسات واسعة ومقارنات دقيقة بين مطعّمين وغير مطعّمين”، مؤكدة أن الاعتماد على هذه البيانات بشكل منفرد قد يقود إلى استنتاجات مضللة.
انقسام بين الخبراء
مفوض FDA، مارتـي ماكاري، كان قد صرّح الأسبوع الماضي بأن الوكالة تحقق بجدية في تقارير تتحدث عن وفيات لأطفال أصحاء بعد تلقي لقاح كوفيد.
وأوضح أن تقريرًا مفصلًا سيُنشر خلال الأسابيع المقبلة. ومن المقرر أن تقدم هذه النتائج أمام اللجنة الاستشارية الدكتورة تريسي بيث هوغ، وهي طبيبة معروفة بانتقادها لتطعيم الأطفال بلقاحات كورونا.
لكن بعض المسؤولين السابقين في FDA شككوا في مصداقية هذه المزاعم.
وقال مسؤول سابق – فضل عدم الكشف عن هويته – إن مراجعة تقارير التشريح السابقة لم تظهر أي دليل على أن الوفيات مرتبطة باللقاحات: “اطلعت على جميع تقارير التشريح ولم نجد شيئًا، لا أعلم من أين جاءت هذه الادعاءات”.
دراسات علمية تدعم سلامة اللقاحات
على الجانب الآخر، تؤكد عشرات الدراسات المنشورة في دوريات مرموقة على أن اللقاحات آمنة للأطفال وتوفر حماية ملموسة.
تحليل نشر في JAMA Pediatrics عام 2023 شمل أكثر من 10 ملايين طفل بين 5 و11 عامًا، خلص إلى أن التطعيم خفّض معدلات الإصابة والدخول إلى المستشفيات.
فيما أظهرت دراسة أخرى في Nature Communications عام 2024 عدم وجود مخاطر كبيرة مرتبطة باللقاح، باستثناء ارتفاع محدود في حالات التهاب عضلة القلب لدى المراهقين الذكور.
كما عرضت شركة فايزر أمام لجنة استشارية في مايو/ أيار الماضي بيانات من مئات الآلاف من الأطفال الذين تلقوا جرعاتها، مؤكدة أن اللقاح آمن ويسهم في خفض خطر الوفاة والحالات الحرجة.
دور السياسة في الجدل
الجدل حول سلامة اللقاحات اكتسب بعدًا سياسيًا واضحًا في ظل إدارة وزير الصحة الأمريكي روبرت إف. كينيدي جونيور، المعروف بمواقفه الرافضة للتطعيم.
فقد قام كينيدي مؤخرًا بإقالة جميع أعضاء اللجنة الاستشارية للتطعيم واستبدالهم بأعضاء جدد، من بينهم أكاديميون غير متخصصين في الطب وبعض الناشطين المناهضين للقاحات، وهو ما وصفته الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بأنه “انحراف جذري عن مهمة اللجنة في حماية الأطفال”.
وأدى هذا القرار إلى تعميق الانقسام داخل الأوساط الطبية، خاصة بعد أن كُلّف البروفيسور ريتسيف ليفي من معهد MIT بقيادة مجموعة العمل الخاصة بلقاحات كوفيد، رغم أنه ليس طبيبًا وسبق أن صرّح بأن اللقاحات تسبب “ضررًا خطيرًا” للبشر.
مستقبل التوصيات
أي توصيات قد تصدر عن اللجنة الأسبوع المقبل ستكون حاسمة في تحديد الفئات المؤهلة للحصول على اللقاحات المحدثة. وكان كينيدي قد أعلن الشهر الماضي أن الموافقة الحالية ستقتصر على الأشخاص فوق 65 عامًا أو ممن يعانون أمراضًا مزمنة، ما أثار ارتباكًا في أوساط المرضى والصيدليات، خصوصًا مع شكاوى بعض المواطنين من عدم تمكنهم من الحصول على الجرعات.
في مقال رأي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، كتب المفوض ماكاري أن الموافقة المحدودة تضع الولايات المتحدة في مسار مماثل لدول مثل بريطانيا وفرنسا التي تقصر التطعيم على الفئات العمرية الأكبر، مضيفًا أن على FDA التأكد دائمًا من أن فوائد اللقاح تفوق مخاطره، وهو ما يظل محل نقاش في حالة الأطفال الأصحاء.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز