اسعار واسواق

واشنطن تخسر نقاطا في سباق البطاريات بعد مداهمة مصنع هيونداي


اكتمل مشهد يعكس هشاشة الطموحات الصناعية الأمريكية في مواجهة الواقع الذي يفرض العديد من التحديات على الشركات والمستثمرين.

فقد أثارت عملية مداهمة غير مسبوقة نفذتها سلطات الهجرة الأمريكية في موقع بناء مصنع بطاريات بولاية جورجيا – مملوك جزئيا لشركة هيونداي الكورية الجنوبية – أزمة دبلوماسية وتجارية كبرى، وسلطت الضوء على اعتماد الولايات المتحدة العميق على الخبرات الآسيوية في قطاع استراتيجي وحيوي: صناعة البطاريات.

وأسفرت المداهمة عن توقيف نحو 475 عاملاً، غالبيتهم من الكوريين الجنوبيين، كانوا يشاركون في إنشاء مصنع ضخم لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية.

وينظر إلى هذا المشروع على أنه حجر زاوية في جهود واشنطن لإحياء التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الصين. وقد وُصفت المداهمة بأنها أكبر عملية ضبط في موقع واحد بتاريخ وزارة الأمن الداخلي الأمريكية.

لكن هذه الجهود، كما يبدو، تفتقر إلى العنصر البشري المؤهل. فبحسب الخبراء، تفتقر الولايات المتحدة إلى القوى العاملة الماهرة اللازمة لبناء مصانع بهذه الدقة والتقنية.

وقال كريس بيري، رئيس شركة “هاوس ماونتن بارتنرز” للاستشارات الصناعية: “لا يمكن للعمالة الأمريكية وحدها تنفيذ مثل هذه المشاريع المعقدة دون دعم من الخارج”.

من جانبه، أعرب الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي-ميونغ عن استيائه، مؤكدا أن العمال الكوريين لا يأتون لشغل وظائف دائمة، بل لتنفيذ أعمال فنية مؤقتة لا تتوافر لها كفاءات محلية في السوق الأمريكية.

وأضاف: “إذا لم تحل قضايا التأشيرات بسرعة، فإن الشركات الكورية ستتردد في ضخ استثمارات جديدة داخل أمريكا”.

وتأتي هذه التطورات في توقيت حساس لقطاع البطاريات الأمريكي، الذي يحاول اللحاق بالصين الرائدة عالميًا في هذا المجال.

فبحسب وكالة الطاقة الدولية، تنتج الصين أكثر من 75% من البطاريات العالمية، مستفيدة من خبراتها الصناعية الضخمة وسلاسل التوريد الفعالة.

وفي المرتبتين الثانية والثالثة تأتي كوريا الجنوبية واليابان، اللتان تملكان خبرات راسخة في التصنيع والتوسع السريع.

أما في الولايات المتحدة، فقد ساهم قانون “خفض التضخم” الذي أقره الرئيس السابق جو بايدن في إطلاق استثمارات جديدة عبر حوافز ضريبية ضخمة، مما شجع شركات مثل “جنرال موتورز” على محاولة كسب الصدارة.

إلا أن إدارة الرئيس ترامب التي تخوض مواجهة مفتوحة ضد السيارات الكهربائية والطاقة النظيفة اتخذت مسارا معاكسا، عبر تقليص تلك الحوافز وإعادة فتح الباب أمام الوقود الأحفوري.

ورغم تصريحات ترامب الأخيرة بأن البلاد بحاجة إلى جلب خبراء أجانب لتدريب العمال المحليين، فإن مداهمة مصنع هيونداي أرسلت إشارات سلبية إلى المستثمرين الأجانب، ودَفعت بعض الشركات الكورية إلى تجميد ما لا يقل عن 22 مشروعا داخل الولايات المتحدة.

وأكد مسؤول في هيونداي أن الحادثة ستؤدي إلى تأخير المشروع لفترة تتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر.

ويحذر الخبراء من أن هذه الإجراءات قد تأتي بنتائج عكسية. حيث وصفها أحدهم: “ما فعلناه أشبه بتسجيل هدف في مرمانا. نحن نُضعف فرصنا الصناعية بقرارات ارتجالية قد تفرّغ طموحاتنا من مضمونها”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى