سباق السيطرة على «الهادئ».. أستراليا توسع تحالفاتها باتفاقية دفاعية

اتفاقية دفاع مشترك وقّعتها أستراليا وبابوا غينيا الجديدة تكرّس شراكة استراتيجية عميقة بين البلدين، في لحظة فارقة من التنافس الدولي على المحيط الهادئ.
فالمعاهدة، التي تتزامن مع الذكرى الخمسين لاستقلال بورت مورسبي عن أستراليا، لا تقتصر على التعاون العسكري والتكامل بين القوات المسلحة، بل تمتد لتؤسس لالتزام متبادل في مواجهة «التهديدات الناشئة» التي تتزايد في المنطقة.
هذه الخطوة تأتي بينما تضخ كانبيرا مليارات الدولارات في تحديث بنيتها البحرية واستقبال الغواصات النووية، لتجمع بين تعزيز الداخل وتوسيع دوائر التحالفات، في مواجهة نفوذ صيني متنامٍ يواصل التمدد عبر أرخبيلات المحيط الهادئ.
صراع السيطرة على المحيط الهادئ.. أستراليا توسع تحالفها الدفاعي مع بابوا غينيا الجديدة
اتفاقية دفاع مشترك
وتنص المعاهدة على الدفاع المتبادل، وتعزيز التكامل بين القوات المسلحة، بما يسمح لقوات البلدين بالعمل في إطار قابلية تشغيلية واحدة، بل وفتح الباب أمام مواطني كل طرف للتطوع في جيش الطرف الآخر.
الاتفاق الذي وُقّع في بورت مورسبي يتزامن مع احتفالات الذكرى الخمسين لاستقلال بابوا غينيا الجديدة عن أستراليا، ليمنح المناسبة بُعداً رمزياً يربط بين الماضي الاستعماري والتحالف الأمني الجديد.
تأتي الاتفاقية في وقت تسعى فيه الصين لتوسيع نفوذها عبر أرخبيلات المحيط الهادئ، بعد أن أبرمت عام 2022 اتفاقية أمنية مثيرة للجدل مع جزر سليمان، أثارت قلق واشنطن وكانبيرا وحلفائهما. وتخشى أستراليا أن تتحول هذه الاتفاقيات إلى بوابات أمام النفوذ العسكري الصيني، بما يهدد توازن القوى في المنطقة.
ولهذا، تعكس معاهدة «بوكبوك» توجه كانبيرا نحو بناء شبكة أوسع من التحالفات مع جيرانها المباشرين، باعتبار أن السيطرة على المحيط الهادئ لم تعد مرتبطة بالأساطيل البحرية الكبرى وحدها، بل أيضاً بالتحالفات السياسية التي تحدد موازين النفوذ.
مليارات في سباق التسلح البحري
على التوازي، أعلنت الحكومة الأسترالية عن استثمار ضخم بقيمة 12 مليار دولار أسترالي (8 مليارات دولار أمريكي) لتطوير أحواض السفن في بيرث، بهدف استقبال أسطولها المستقبلي من الغواصات النووية. وتوقّع مسؤولون أن تصل التكلفة النهائية للمشروع إلى 25 مليار دولار أسترالي، وهو ما يُعد أكبر تطوير للبنية الدفاعية البحرية في تاريخ البلاد.
الخطة تشمل تجهيز مركز «هندرسون» الدفاعي بمنشآت متطورة لصيانة الغواصات، وبناء سفن إنزال وفرقاطات من طراز «موغامي» الياباني، في صفقة دفاعية ضخمة مع طوكيو بلغت 6 مليارات دولار.
وضمن استراتيجيتها لتطوير قدراتها البحرية، أعلنت أستراليا عن مشروع دفاعي ضخم لإنتاج أسطول من الغواصات المسيّرة تحت اسم «القرش الشبح»، بميزانية تتجاوز مليار دولار أمريكي. هذه الغواصات قادرة على الغوص حتى 6 آلاف متر، والبقاء عشرة أيام متواصلة تحت الماء، مع تنفيذ مهام استخباراتية وهجومية دون الحاجة لطاقم بشري.
ويُنتظر أن تدخل هذه الغواصات الخدمة اعتباراً من يناير/كانون الثاني المقبل، ما يمنح البحرية الأسترالية أداة ردع جديدة متقدمة تقنياً، ويؤكد انخراطها الكامل في سباق التسلح البحري المتسارع.
وتسعى أستراليا للتحصن داخلياً عبر استثمارات عسكرية ضخمة، والتوسع خارجياً عبر تحالفات دفاعية جديدة.
وبينما تستعرض الصين قوتها عبر الاتفاقيات البحرية ومشاريع البنية التحتية في جزر المحيط الهادئ، تختار كانبيرا طريقاً موازياً يقوم على «مضاعفة التحالفات» و«تسليح السواحل».
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز