استراتيجية أمن بريطانيا بالميزان.. أهداف متناقضة وموارد محدودة

تبدو “استراتيجية الأمن القومي” البريطانية الجديدة، أقرب لمزيج من الأهداف المتضاربة والخيالية والافتراضات “غير المدروسة”.
ويرجع الخلل في استراتيجية الأمن القومي البريطانية الجديدة إلى عاملين رئيسيين: الأول هو التوتر غير المدروس بين وعد الاستراتيجية بـ”نهج منهجي لتحقيق المصالح الوطنية”، من جهة، والتأكيد المتكرر على أن هذه المصالح مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتحالفات بريطانيا.
إذ بات الاعتماد على “الحلفاء”، صعبا، بل لا تعد أجندة الحلفاء في بعض الظروف، رصيدًا أمنيًا، بل مصدر خطر متزايد على بريطانيا، بسبب تضارب المصالح، وفق ما ذكره موقع “ريسبونسيبل ستايت كرافت”.
وأشار التحليل إلى أن المشكلة الأساسية الثانية، التي عانت منها بريطانيا لسنوات طويلة، هي التناقض بين الالتزامات المعلنة المنصوص عليها في “الاستراتيجية”، والقيود العملية على موارد البلاد.
وهنا لا يفهم واضعو الاستراتيجية معنى كلمة “أولوية”، أو يتجاهلون معنى الكلمة. فبعد تحديد “أولوية” واحدة تتعلق بحلف شمال الأطلسي (الناتو) والتهديد الروسي المزعوم، يضيفون المزيد والمزيد من “الأولويات”.
وتقدم “الاستراتيجية” الجديدة وعدا بمواءمة الطموحات والموارد من خلال زيادة هائلة في الإنفاق العسكري والصناعة العسكرية. لكن هذا يبدو مستحيلا ماليا في الظروف الاقتصادية الحالية.
وهناك مشكلة أخرى تتمثل في أن الوثيقة تحاكي الخطاب الأمريكي المغلف بلغة عدائية تجاه الصين تتجاوز بكثير أي تهديد صيني حقيقي لأستراليا الحليفة أو التجارة الدولية، بل وتتجاوز بالتأكيد أي تهديد صيني لبريطانيا.
ولا يقتصر الأمر على إضافة عنصر توتر غير ضروري على الإطلاق إلى العلاقات الأنجلو-صينية فحسب، لكنه يتجاهل أيضًا حقيقة أنه في حال وجود تهديد عسكري صيني خطير لأستراليا، فلن يكون هناك ما يُمكن للقوات المسلحة البريطانية فعله.
وتعاني بريطانيا نقصا في الموارد يجعل عملية الانتشار في المحيطات والمناطق المختلفة، معقدة. ومع وجود حاملة طائرات بريطانية واحدة في البحر، فإن الأخرى معطلة فعليًا بسبب نقص الطائرات وسفن الحراسة، وقطع الغيار.
هذا الوضع يطرح تساؤلات حول كيفية أداء البحرية الملكية دورها القيادي الموعود في ردع أو مواجهة التهديد الروسي؟
وفي حين أن “الاستراتيجية” مليئة بقلق مبطن بشأن عدم الثقة في الولايات المتحدة كحليف، إلا أن السياسات التي تتبناها المؤسسة البريطانية تجاه روسيا وحرب أوكرانيا تجعل لندن تعتمد بشكل متزايد على واشنطن.
لكن هذا الاعتماد سيجعل من الصعب على بريطانيا النأي بنفسها عن الأجندات الأمريكية في أماكن أخرى، وخاصة في الشرق الأوسط.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز