اسعار واسواق

الصين تتخلى عن صفة «الدولة النامية».. إعلان تاريخي يغير موازين التجارة العالمية


في خطوة وُصفت بأنها “إعلان تاريخي”، أعلنت الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، استعدادها للتخلي عن صفة “الدولة النامية” داخل منظمة التجارة العالمية، وهي الصفة التي منحتها لعقود طويلة امتيازات وتسهيلات خاصة في الاتفاقيات الدولية.



والقرار، الذي جاء على لسان رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، يعكس رغبة بكين في تقديم نفسها كـ”قوة اقتصادية مسؤولة” في النظام التجاري الدولي، بحسب محطة “بي.إف.إم” التلفزيونية الفرنسية.

ماذا يعني التخلي عن الصفة؟

تمنح صفة “الدولة النامية” في منظمة التجارة العالمية ما يُعرف بـ”المعاملة الخاصة والتفضيلية” (Special and Differential Treatment – SDT)، وتشمل: فترات زمنية أطول لتطبيق الالتزامات التجارية، وإعفاءات من بعض القواعد الصارمة، وتسهيلات إضافية في المفاوضات التجارية.

وبتخلي الصين عن هذه الميزة، ستصبح خاضعة لنفس القواعد والالتزامات التي تلتزم بها الاقتصادات المتقدمة، ما يمثل تحولا جذريا في موقعها ضمن النظام التجاري العالمي.

استجابة لضغوط أمريكية وأوروبية

طالبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ سنوات الصين بالتخلي عن هذا الوضع، معتبرين أن اقتصادا بحجم الاقتصاد الصيني – ثاني أكبر اقتصاد عالمي – لم يعد منطقيا أن يستفيد من امتيازات مخصصة بالأساس لدول فقيرة أو متوسطة الدخل.

وقد رحبت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، بالإعلان قائلة: “إنها خطوة كبرى في إطار إصلاح منظمة التجارة العالمية. إنه تتويج لسنوات طويلة من العمل الجاد، وأهنئ القادة الصينيين على هذه المبادرة”.

أبعاد سياسية واقتصادية

أشارت المحطة الفرنسية إلى أن لهذه الخطوة عدة أبعاد، اقتصادية؛ فقد يعزز القرار ثقة الشركاء التجاريين بالصين، ويمنحها صورة أكثر التزاما بالعدالة التجارية. لكنه في الوقت نفسه قد يضاعف الضغوط الداخلية على بعض القطاعات المحلية التي كانت تستفيد من المرونة والامتيازات.

وعلى الصعيد السياسي، فإن بكين تسعى إلى تقديم نفسها كقوة مسؤولة، قادرة على لعب دور محوري في إصلاح مؤسسات الحكم الاقتصادي العالمي، في وقت يشهد فيه النظام التجاري الدولي توترات متزايدة بسبب النزاعات التجارية والحمائية.

سابقة ليست الأولى

ليست الصين الدولة الوحيدة التي تتخذ مثل هذا القرار؛ ففي عام 2019، أعلنت البرازيل في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن استعدادها “للتخلي تدريجيا” عن وضع الدولة النامية، استجابة للضغوط الأمريكية.

خطوة الصين تمثل نقطة تحول تاريخية في بنية منظمة التجارة العالمية، إذ تضع ثاني أكبر اقتصاد عالمي في خانة الاقتصادات المتقدمة من حيث الالتزامات والمسؤوليات.

هذا التحول سيعيد رسم قواعد اللعبة التجارية، ويمنح دفعة لمساعي إصلاح المنظمة الدولية التي تسعى منذ سنوات لمواءمة أدوار أعضائها مع واقع قوتهم الاقتصادية.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى