5 أسباب قادت فرنسا إلى الانفجار التاريخي في الدين العام

وصل الدين العام الفرنسي إلى مستويات غير مسبوقة، متجاوزا 3.4 تريليون يورو أي ما يعادل أكثر من 115% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لبيانات المعهد الوطني للإحصاء (Insee).
ومع تزايد عبء خدمة الدين الذي سيكلف الدولة نحو 67 مليار يورو هذا العام وحده، يطرح السؤال الكبير نفسه: كيف وصلت فرنسا إلى هذا الوضع المالي المقلق؟
دين عام يواصل تحطيم الأرقام القياسية
وذكرت صحيفة “لا تريبين” الفرنسية أن الدين العام الفرنسي لم يتوقف عن تسجيل مستويات قياسية، موضحة أنه في نهاية يونيو الماضي بلغ حجمه 3,416.3 مليار يورو، أي ما يعادل 115.6% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن ديون الدولة المركزية وحدها تشكل ما يقارب 2,787.7 مليار يورو، موضحة أن الأخطر من ذلك أن تكلفة خدمة الدين باتت تمثل عبئا ضخما، مع توقعات بأن تصل إلى 67 مليار يورو خلال العام الجاري.
تراكم الدين العام.. عجز متواصل منذ نصف قرن
السبب الأول لهذا الانفجار يعود إلى العجز المزمن في الميزانية وفقا للصحيفة الفرنسية، إذ لم تصوت فرنسا منذ عام 1975 على موازنة متوازنة ولو مرة واحدة.
وأضافت: “حينها، لم يتجاوز العجز 2.9% من الناتج المحلي، أما في عام 2025 فمن المتوقع أن يصل إلى 5.4% وفقا لتقديرات بنك فرنسا”.
وقالت الخبيرة الاقتصادية آن-صوفي ألسيف من مؤسسة (BDO France) إن الدين العام ليس سوى “رصيد” يتراكم مع كل عجز جديد: “كل ميزانية تُقَر بعجز مالي تمثل تدفقا إضافيا يغذي هذا الرصيد”.
عتبة الاستقرار غائبة
والسبب الثاني وفقا للصحيفة الفرنسية يعود إلى غياب عتبة الاستقرار، موضحة أنه لكي تعود فرنسا إلى مسار السيطرة، يجب أن ينخفض العجز إلى مستوى أدنى من العتبة المستقرة، والتي يقدرها الاقتصادي أنتوني مورليه-لافيدالي من مؤسسة “ريكس كود” بأنها أقل بقليل من 3% من الناتج المحلي.
وأضاف: “ما يبعث على القلق هو أننا لا نرى حتى الآن أي أفق لاستقرار الدين”.
ارتفاع كلفة خدمة الدين (فائدة الدين)
والسبب الثالث، بحسب “لا تريبين”، يعود إلى أن مصاريف الفوائد التي تدفعها الدولة على ديونها ازدادت على نحو كبير، مشيرة إلى أنه مع تزايد حجم الدين، تضطر الموازنة إلى تخصيص جزء متزايد لدفع الفوائد بدلا من تمويل النفقات الاستثمارية أو الخدمات العامة.
وأضافت أن هذه الكلفة المتصاعدة تخلق ضغطا إضافيا على الموازنة وتجعل من الصعب تقليص العجز، مما يغذي بدوره تراكم الدين.
تباطؤ النمو الاقتصادي أو النمو الأضعف من المتوقع
وأشارت “لا تريبين” إلى أن السبب الرابع هو تباطؤ النمو الاقتصادي، إذ أن النمو هو العامل الذي يساهم في توليد الإيرادات (ضرائب وغيرها) وتقوية الأساس الذي يُحسب عليه الدين كنسبة إلى الناتج المحلي.
وأضافت: “لكن إذا كان النمو أضعف من التوقعات، أو إذا تعذر على الاقتصاد أن يستعيد زخما كافيا بعد الأزمات، فإن الإيرادات تتراجع أو لا تنمو بالسرعة المطلوبة، مما يجعل الدين يتضخم بصورة أسرع من الاقتصاد ذاته”.
صدمات كبرى أو أزمات استثنائية (التدخلات الطارئة)
أما عن السبب الخامس، فيشير التقرير إلى أنه خلال الفترات التي واجهت فيها فرنسا أزمات (اقتصادية أو مالية أو صحية)، زادت الحكومة من الإنفاق لدعم الاقتصاد أو لمجابهة الأزمات، مما أدى إلى ضخ مزيد من الدين. هذه الصدمات الاستثنائية تضاعف الضغوط على الموازنة وتسارع في نمو الديون في فترات قصيرة.
تحديات المستقبل القريب والبعيد
الخطط السابقة، مثل مقترح حكومة فرنسوا بايرو السابقة، بالعودة إلى عجز أقل من 3% بحلول عام 2029، تبدو اليوم شبه مستحيلة بفعل الاضطراب السياسي.
وفي حال استمرار الاتجاه الحالي، يحذر خبراء “ريكس كود” من أن نسبة الدين قد ترتفع بين عامي 2035 و2040 إلى مستويات تتراوح بين 130% و140% من الناتج المحلي الإجمالي، ما ينذر بأزمة مالية أكثر عمقا وتحديات ثقيلة على الاقتصاد الفرنسي.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز