نيبال.. اختيار الطفلة «آرياتارا كوماري» لتصبح «إلهة حية»

شهدت العاصمة النيبالية كاتماندو مراسم خاصة لتتويج الطفلة آرياتارا شاكايا، البالغة عامين ونصف، كـ “كوماري” جديدة، ضمن تقليد ديني وثقافي مستمر منذ قرون.
في أجواء احتفالية مهيبة أُقيمت يوم الأحد، تم اختيار الطفلة آرياتارا شاكايا لتكون الإلهة الحية الجديدة “كوماري” في نيبال، وفق طقوس تنتمي إلى تقليد ديني قديم متوارث في وادي كاتماندو. ظهرت الطفلة مرتدية ثوبًا أحمر مزخرفًا، وقد تم تحديد عينيها بالكحل الأسود في مشهد يتوافق مع الطقوس الرسمية لهذا التقليد، وسط حضور شعبي ورسمي واسع.
وسيجري التثبيت الرسمي للطفلة آرياتارا في مقر إقامة “كوماري” التاريخي المعروف باسم “غار كوماري” يوم الثلاثاء، خلفًا للطفلة تريشنا شاكايا، التي أنهت مهامها بعد بلوغها سن البلوغ، وهو الحد الزمني الذي ينهي تلقائيًا فترة الإلهة الحية.
معايير اختيار الطفلة آرياتارا كوماري لتصبح “إلهة حية” في نيبال
تخضع الطفلة المختارة لمعايير دقيقة تبدأ بالتأكد من سلامة صحتها الجسدية وخلو جسدها من أي ندوب أو إصابات، وامتلاكها لأسنان مكتملة وبشرة سليمة، بالإضافة إلى شرط أن تكون دون سن البلوغ.
بعد ذلك، تُقيَّم وفقًا لـ 32 صفة دقيقة، منها أن يكون جسدها شبيهًا بشجرة التين، ورموشها مماثلة لعيون الأبقار، وصوتها ناعمًا كالبط، وعنقها يشبه صدفة المحار، وصدرها بارزًا كالأسد، مع شعر أسود مستقيم، وعيون داكنة، ولسان رطب صغير، وفخذين كالظبي، وأطراف دقيقة. كما يُشترط توافق برجها مع برج الملك النيبالي.
طقوس تخضع لها الطفلة المرشحة
من بين أبرز الطقوس التي تخضع لها الطفلة المرشحة اختبار يُظهر شجاعتها؛ حيث تُعرَض أمامها ثيران مذبوحة ورجال مقنّعون يرقصون في الدماء، ويُستبعد أي طفلة تُظهر علامات خوف أثناء هذا الطقس.
وبعد اجتيازها جميع المراحل، تنتقل الطفلة إلى قصر “كوماري غار”، وهو مبنى قديم يخلو من وسائل الراحة الحديثة، حيث تُمنَع من مغادرته إلا في مناسبات دينية معينة، ولا يُسمح لوالديها بزيارتها إلا قرابة 13 مرة في السنة.
تعديلات القيود المشددة في حياة القصر
رغم القيود المشددة التي تفرضها الحياة داخل القصر، فقد تم إدخال تعديلات في السنوات الأخيرة شملت توفير تعليم خاص للطفلة، وتزويدها بالكتب والمجلات وخدمة الإنترنت، بالإضافة إلى خضوعها للامتحانات الوطنية تحت إشراف مباشر داخل مقر الإقامة.
ورغم ذلك، يبقى تحرّكها مقتصرًا على المناسبات الاحتفالية، وتظل ملزمة بارتداء اللون الأحمر، مع ربط شعرها في عقدة، ورسم عين النار على جبهتها.
جولة الطفلة في ساحة “دوربار”
لحظة جولتها في ساحة “دوربار”، التي سبقت اختيارها، كانت المرة الأخيرة التي تمشي فيها على الأرض، إذ تُحمَل بعد ذلك في مدرج ذهبي عند خروجها من القصر.
وخلال الزيارات الرسمية، يتوافد كبار الشخصيات، بمن فيهم رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، ليلمسوا قدميها المطلية باللون الأحمر طلبًا للبركة، إذ يُنظر إلى ظهورها كرمز لجلب الخير في المجتمع.
من هي كوماري؟
تُعدّ “كوماري” تجسيدًا بشريًا للإلهة الهندوسية “تاليجو”، ويولي المجتمع النيبالي اهتمامًا بالغًا بتصرفاتها، التي تُفسَّر كمؤشرات مستقبلية لزوارها؛ فالبكاء أو الضحك بصوت عالٍ يُعد نذير مرض خطير أو وفاة، وفرك العينين يُشير إلى احتمال موت قريب، والارتعاش يرمز إلى السجن، واللعب بالطعام يُرتبط بخسائر مالية.
اختيار آرياتارا شاكايا لهذا الدور يمثّل استمرارًا لتقليد نيبالي فريد يجمع بين الديانة الهندوسية والممارسات المجتمعية، حيث تبدأ الطفلة رحلتها الجديدة من داخل أسوار القصر التاريخي في قلب كاتماندو، بعيدًا عن والديها وشقيقها التوأم، لتخوض مرحلة تُنظَّم وفق أعراف دينية صارمة، وتُتابَع باهتمام كبير من أبناء المجتمع المحلي.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز