تغيير مفوضية الانتخابات في ليبيا.. ضرورة أم عرقلة؟

شهدت ليبيا خلال الساعات الماضية تطورًا سياسيًا جديدًا، بعد توافق مجلسي النواب والدولة على إعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات خلال 10 أيام.
هذا التطور أعاد الجدل إلى الواجهة وأثار تساؤلات بين كونه يمثّل تصحيحًا للمسار أم عرقلة جديدة للاستحقاقات المؤجلة؟
تصحيح قانوني
وفي هذا الإطار، أكد الدكتور أحمد اهمومة، عضو مجلس الدولة الليبي، في حديث خاص لـ«العين الإخبارية» أن «الخطوة تأتي في إطار تصحيح الوضع القانوني للمفوضية، انسجامًا مع ما شددت عليه مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا هانا تيتيه بشأن ضرورة معالجة الشغور القانوني في بعض المناصب السيادية».
وأوضح أن الرئيس الحالي للمفوضية يتولى منصبه بتكليف مؤقت في انتظار توافق المجلسين، مشيرًا إلى أن الاجتماعات بين اللجنتين تهدف إلى بناء إدارة قانونية ومتفق عليها، تمهّد الطريق لإنجاز المرحلة الأولى من خارطة الطريق السياسية.
خطوة إصلاحية أم وسيلة للعرقلة؟
وفي سياق متصل، حذّر الأكاديمي والسياسي الليبي محمد امطيريد من أن إعادة تشكيل المفوضية قد تتحول إلى أداة جديدة لتعطيل الاستحقاقات إذا ارتبطت بحسابات سياسية ضيقة.
وقال في حديث لـ«العين الإخبارية»: «إذا كان الهدف من التغيير تعزيز كفاءة المفوضية وضمان استقلاليتها، فستكون الخطوة إيجابية وتفتح الباب أمام انتخابات نزيهة وشفافة، أما إذا كانت بدوافع سياسية فإنها ستقود إلى مزيد من العرقلة».
وأضاف أن تحميل المفوضية وحدها مسؤولية تعطيل الانتخابات «اختزال غير دقيق»، مشددًا على أن الأزمة الحقيقية تكمن في غياب قاعدة دستورية متوافق عليها واستمرار الانقسامات السياسية.
خارطة طريق أممية
وكانت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه قد أعلنت في أغسطس/آب الماضي خارطة طريق تمتد بين 12 و18 شهرًا، مؤكدة أن تعيين أعضاء إضافيين في المفوضية يعد خطوة أساسية لإنهاء حالة الانقسام ودفع العملية الانتخابية إلى الأمام.
وفي هذا السياق، أصدر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قرارًا بتكليف ثلاثة أعضاء للتواصل مع لجنة المجلس الأعلى للدولة، لاستكمال الاستحقاقات المطلوبة، بما في ذلك إعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية والمناصب السيادية الأخرى، على أن تُعرض النتائج على النواب لاتخاذ القرار المناسب.
المناصب السيادية.. عقدة مستمرة
ولا تزال المناصب السيادية السبعة – وهي: محافظ المصرف المركزي، ورؤساء ديوان المحاسبة، وجهاز الرقابة الإدارية، وهيئة مكافحة الفساد، إضافة إلى المفوضية العليا للانتخابات، والمحكمة العليا، والنائب العام – أحد أبرز ملفات الخلاف بين مجلسي النواب والدولة.
وكان الطرفان قد اجتمعا في يناير/كانون الثاني 2021 بمدينة بوزنيقة المغربية، وتوافقا على توزيع هذه المناصب وفق المعيار الجغرافي بين أقاليم ليبيا الثلاثة: برقة وطرابلس وفزان.
وبين التفاؤل الحذر والشكوك المتزايدة، يبقى الشارع الليبي مترقبًا: هل يقود تغيير مجلس إدارة المفوضية إلى فتح الطريق أمام انتخابات طال انتظارها، أم أنه مجرد حلقة جديدة في مسلسل المناورات السياسية؟
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز